موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

تنبيه الطلاب والطالبات لما عند الدكتور عبد الله من الضلالات (٤-٤)

6 رجب 1435 |

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فهذا المقال الرابع أكتبه نصرة للحق ونصيحة للخلق أنبه فيه على ضلالات دكتور العقيدة في احدى الكليات في الكويت. وفي مقالي هذا سأتناول مسألة «كلام الله» عز وجل، فاعلم أخي القارئ الكريم ان صفة الكلام لله عز وجل وقع الخلاف فيها كثيراً جداً- قديماً وحديثاً- حتى أطلق بعض الناس على علم العقيدة لقب «علم الكلام» بسبب الخلاف الكثير الذي أحدثه أهل البدع، وخالفوا بذلك الكتاب والسنة وسلف الأمة، والحق ان الله تعالى كما وصف نفسه في كتابه وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته يتكلم بما شاء متى شاء وكيف شاء بحرف وصوته على الوجه اللائق به (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). والدليل قول الله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)} [النساء]، وقوله {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143]. والقرآن كلام الله تعالى كما قال جل وعلا: {وَانْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6)} [التوبة]، والدليل على ان كلام الله بحرف وصوت أنه جل وعلا نادى موسى عليه السلام وناجاه كما قال تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52)} [مريم]، ولا يمكن ان يكون النداء والنجاء بلا صوت، والا لم يكن نداء ولا نجاء، وأما كون كلام الله بحروف فهذا ظاهر حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «منْ قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ: آلم حرفٌ، ولكنْ ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ«[رواه الترمذي، رقم (2910)، عن عبدالله بن مسعود، رضي الله عنه، وحسنه الألباني في «السلسلة الصحيحة» رقم (3327)]. وأخرج البخاري في صحيحه (4741) ومسلم (222) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فينادي بصوت: ان الله يأمرك ان تخرج من ذريتك بعثاً الى النار». فقوله: يا آدم، (يا) حرف نداء، والنداء لابد ان يكون بصوت، فدلَّ هذا على ان كلام الله حرف وصوت، وقوله «فينادي بصوت» صحيح وصريح. ومع هذا كله نجد أهل البدع كالدكتور وأمثاله يقولون: كلام الله معنى قائم بالنفس، ليس بحرف ولا صوت، وهذا لا شك ضلال مبين لأن الله تعالى يقول: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ الَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32)} [يونس]، فاما ان الله يتكلم حقيقة بما شاء ومتى شاء وكيف شاء، أو لا يتكلم، فان كان الله يتكلم وهذا هو الحق فمن قال بأن الله لا يتكلم فهو على ضلال، وأيضاً اما ان يكون كلام الله بحرف وصوت، واما ان يكون بلا حرف ولا صوت، فان كان كلام الله بحرف وصوت وهذا هو الحق فمن قال كلام الله بلا حرف ولا صوت فهو ولا شك على ضلال.

ومن العجائب والعجائب كثيرة، أننا لا نجد في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا في كلام الخلفاء الراشدين ولا في كلام سائر الصحابة من المهاجرين والأنصار ولا في كلام التابعين ولا كلام تابعي التابعين من قال بأن كلام الله نفسي أو معنى قائم بالنفس أو ان القرآن حكاية عن كلام الله أو عبارة عن كلام الله الى غير ذلك من الكلام الباطل الذي ما ظهر الا في آخر القرن الثالث أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو مئتين وخمسين سنة!! فهل يعقل ان عقيدة أهل السنة ما عرفت الا في آخر القرن الثالث؟ ما لكم كيف تحكمون؟ يا أيها الطلاب والطالبات اسألوا الدكتور اذا كان الله تعالى لا يتكلم حقيقة وكلامه نفسي فمن الذي نادى موسى عليه السلام وقال له: {يَا مُوسَى انِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30)} [القصص].

هل يحق لغير الله ان يقول لموسى (اني أنا الله رب العالمين)؟

اسألوا الدكتور عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: «ينزل اللهُ الى السماء الدنيا كلَّ ليلةٍ.حين يمضي ثُلثُ الَّليلِ الأولُ.فيقول: أنا الملكُ.أنا الملكُ. من ذا الذي يَدعوني فأستجيبَ له! من ذا الذي يسألني فأُعطِيَه! من ذا الذي يستغفِرُني فأغفرَ له ! فلايزال كذلك حتى يضيءَ الفجرُ» [رواه مسلم في صحيحه رقم (758)، عن أبي هريرة رضي الله عنه]. فهل يعقل ان غير الله يستجيب الدعاء ويغفر الذنوب ويتوب على من تاب؟ أفلا تعقلون؟! ثم مما يؤكد ان الله تعالى يتصف بصفة الكلام أنه جل وعلا ذكر في كتابه آيات نوع فيها للدلالة الواضحة على أنه تعالى يتكلم حقيقة فسمى كلامه حديثاً: فقال: }وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87){ [النساء]، وقال: }اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ{ [الزمر: 23]، وسماه قيلا فقال: }وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (122){ [النساء]، وسماه قولا فقال: }حَتَّى اذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23){ [سبأ]، وسماه كلماً فقال تعالى: }يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ{ [النساء: 46]، وسماه كلاما فقال تعالى: (حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ) [التوبة: 6]، وسماه تنزيلا فقال تعالى: }حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2){ [فصلت]، وأنه يقص فقال: }انَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي اسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76){ [النمل]. وهذه الأدلة كثيرة في كتاب الله يصعب حصرها وكلها تدل على ان الله يتكلم بكلام عظيم يليق بعظمته وكبريائه يتكلم بما شاء ومتى شاء وكيف شاء بحرف وصوت ولا شك ان الذي يتكلم أكمل من الذي لا يتكلم وهذا حتى في المخلوق، فالمخلوق الذي يتكلم أكمل من المخلوق الذي لا يتكلم فمن نفى عن الله صفة الكلام أو حرفها فقد وصف الله بالنقص، فان قال نفينا عن الله صفة الكلام حتى لا نمثله ونشبهه بالمخلوق الذي يتكلم قلنا لهم انكم بنفيكم لصفة الكلام لله تعالى قد مثلتموه وشبهتموه بالمخلوق الذي لا يتكلم وهذا أنقص وأحط.

فان قالوا: الله لا يتكلم ولا يماثل المخلوق الذي لا يتكلم

قلنا: سبحان الله الأولى ان تقولوا الله يتكلم ولا يماثل المخلوق الذي يتكلم.

ونقول أيضاً: ان صفة الكلام في المخلوق صفة كمال، والله الذي أعطى المخلوق صفة الكمال، اذا فالله أولى بالكمال فالذي يعطي الكمال هو أولى بالكمال.

أسأل الله تعالى ان يشرح صدورنا للحق ويثبتنا عليه ويجنبنا الباطل والضلال. أخي القارئ الكريم لعل الله تعالى ييسر لي من أمري يسراً فأتابع الكتابة في الرد على الدكتور والتحذير من ضلالاته. اسأل الله ان يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات