تبرير الطوام بحجة أنهم عوام (٣-٧)
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذا المقال الثالث في الرد على فئة بغت على دعاة التوحيد والسنة في الكويت بل وغير الكويت، اسأل الله أن يهديهم ويصلح بالهم، وهم الذين يلقبون أنفسهم بالسلفيين الخُلَّص الأقحاح، وهذا لا يجوز شرعاً كما بينت ذلك سابقاً بل لو كانوا كما يظنون بأنفسهم أنهم علي السلفية الحقة لازادهم ذلك تواضعاً وخوفاً على أنفسهم من سوء الخاتمة كما كان السلف لكنهم وللأسف قد اصيبوا بداء العجب الغرور اسأل الله لي ولهم العافية .
وأردت في مقالاتي هذه نصرة الحق ونصيحة الخلق، واللهَ اسأل أن يسددني ويهديني إلى صراطه المستقيم ويرزقني العدل فيما اكتب وأقرر، فأقول :
أولاً: إن أخانا التاجر السياسي المعني بهذا الرد بعيدٌ عن العلم الشرعي كما سبق أن ذكرت ذلك في المقال السابق، فهو لا يحسنه وثقيل عليه فلا يطيقه، فلذلك وجدناه كثيراً ما يقرر في بعض المسائل تقريراتٍ عليلة بل ميتة وبعيدة جداً عما يقرره العلماء الراسخون في العلم فوجدناه يقدم كل طوائف المجتمع على عجرها وبجرها - حتى المخالفين له بالعقيدة - على أهل السنة المتحزبين بسبب فهمه السقيم للقاعدة المتفق عليها أن (البدعة أشد من المعصية).
فنجده يقدم أصحاب العقائد الباطلة والفكر الليبرالي والعلماني ونحوهم ويسميهم (العوام) يقدمهم على الدعاة المتحزبين من أهل السنة الذين يسميهم المبتدعة وهو وإن انكر أنه لا يبدعهم ولكن كالعادة الرؤوس الكبار يخفون ما عندهم من الباطل ويفضحهم أبناؤهم وتلاميذهم فتجدهم يبررون لهم كل المنكرات والطوام بحجة أن هؤلاء ( عوام ) حتى من يسمي نفسه ليبرالياً ويفتخر بذلك لا يسمونه بما سمى به نفسه ويقولون إن اطلاق لقب الليبرالي على الرجل تكفير مبطن له فلا يجوز اطلاقه على شخص بعينه !!
فعجباً لهذا الرجل إذا كانت الليبرالية كفر والليبرالي كافر كما يقول العلماء ومنهم الشيخ ربيع بن هادي، فلماذا لا تنصح أولئك العوام الذين تناصرهم وتقدمهم على جميع الناس؟! لماذا لا تنقذهم من الكفر المبطن وتنهاهم عنه؟! لماذا لا تنشر فتاوى العلماء وتذكر رأيهم الصريح في حكم من اعتنق الليبرالية؟!
أليسوا اقرباءك؟ والله جل وعلا يقول: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)) [الشعراء]، ويقول تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم: 6].
هل يا أخي تعذرهم بالجهل؟ لو فرضنا أنك تعذرهم بالجهل فلماذا لا ترفع عنهم الجهل؟ لماذا لا تقيم عليهم الحجة؟ فهم مازالوا أحياءً هل تنتظر حتى يدركهم الموت وهم على الليبرالية؟
فإن قال: قد نصحتهم وليس بالضرورة اخبر الناس أني نصحتهم. فأقول: جزاك الله خيراً على نصيحتك إياهم إن كنت قد نصحتهم لكن بقي عليك أن تتبرأ وتحذر منهم لا أن تلمعهم وتثني عليهم وتفضلهم على غيرهم، فهذا غش لهم وللناس فالواجب عليك تسلك معهم الطريق الشرعي إن كنت من الصادقين.
ثانياً: لماذا لا تنهاهم عن التحزب؟ لقد بلغ الجهل فيك وفي منْ معك مبلغاً كبيراً إلى درجة أنكم تنكرون تحزب قومٍ دون غيرهم، والظاهر أن صاحبنا اقنع بعض اتباعه- ابطال التويتر- بذلك أولئك المساكين الذين ظنوا أن الحزبية المذمومة شرعاً خاصة في المتدينين دون غيرهم وهذا باطل ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنبياء:٧].
ومن فرط جهل مدعي السلفية الحقة أنه لم ينتبه لقول الله تعالى ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: ١٠٣]، وهذا الخطاب موجه لكل من يصح أن يوجه له الخطاب والله لم يستثن أحداً ولم يأذن لأحد أن يتحزب بأي حزب، لا حزب نور ولا حزب ظلام، ولا حزب دعوي ولا دنيوي، ولا حزب اصلاح وتغيير ولا حزب فساد وتدمير ولا حزب اسلامي ولا ليبرالي وإنما الذي ذكره الله في كتابه أن الناس حزبان لا ثالث لهما حزب الله وحزب الشيطان كما قال تعالى ﴿ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة : ٢٢]، وقال تعالى ﴿ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المجادلة : ١٩ ].
فسبحان الله، هذه المجموعة بقيادة كبيرهم ربما بسبب عجبهم بأنفسهم حرموا من العلم النافع حتى قرروا مثل هذه التقريرات الباطلة البعيدة الغريبة، قال تعالى ﴿ (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ❊ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [الروم : ٣١-٣٢].
اخواني القراء الكرام ألا تعجبون من هذه الفئة ؟ ينكرون التحزب على المتدينين- وهم محقون في إنكارهم ونحن معهم في هذا الإنكار- ولا ينكرون تحزب الليبراليين والعلمانيين والديمقراطيين ونحوهم؟
قالوا : تحزب المتدينين بدعة.
قلنا لهم: وهل تحزب أولئك الليبراليين ونحوهم تحزب سنة ؟!
قالوا : هؤلاء عوام!!
قلنا لهم: وماذا يعني كونهم عواماً؟ هل العوام مرفوع عنهم القلم؟ أو لهم احكام تخصهم دون غيرهم؟ ويحق لهم التحزب شرعاً ؟
لا جواب !! وخير أسلوبٍ للهروب الهجوم والسباب هكذا يفعل عادة من لاحجة له ولا برهان الحمدلله الذي عافانا.
ثالثاً: مسألة دخول المجالس النيابية التشريعية والمشاركة فيها ودعم بعض المرشحين من المسائل المتفق على تحريمها بين علماء السنة.
والديمقراطية كما هو معلوم شريعة الغرب وهي منافية لشريعة الله جل وعلا في كثير من جوانبها، وأعيد وأكرر للتأكيد فأقول إن هذا بالاتفاق بين علماء السنة المعتبرين عند السلفيين، لكن لما كانت الديمقراطية العوجاء العرجاء قائمة في بعض بلاد المسلمين ومفروضة عليهم ذهب بعض الناس ممن رغب بالمشاركة فيها إلى العلماء واستفتوهم فمنهم منْ أفتى بجواز المشاركة للضرورة مع أن الأصل فيها التحريم ومنهم من حرَّم ذلك مطلقاً ولم يفتِ أحدٌ لأحدٍ أن يخرج في الشوارع ويُجمع الناس ويخطب فيهم ويجمع تواقيعهم مطالباً بالدستور الوضعي، بل منْ فعل ذلك فهو مخالف لشرع الله تعالى خارجاً على ولي الأمر مطالباً بالباطل.
إذا عرفت هذا أخي القارئ الكريم فاعلم أن صاحبنا المدعي للسلفية الحقة كان يدعو إلى تأييد ابن عم له ويقدمه على غيره ويقف بجانبه مناصراً إياه منتصراً له مدافعاً عنه ملمعاً إياه ويثني عليه بمناسبة وبغير مناسبة ويزكيه تزكيات كثيرة وكبيرة تتقزز منها النفوس مع أنه بعيد عن شرع الله تعالى في هيئته ومنهجهه ودعوته !!
وكان يقدمه بديلاً عن الدعاة السياسيين بحجة أن أولئك متحزبون وابن عمه من (العوام) فكانت دعوته هذه من أكبر اسباب نفور اخوانه منه وكلما راجعوه في ذلك قال هذا عامي والعامي خير من المتبدع، ولو كانت عنده معاصٍ ظاهرة فالقاعدة (أن البدعة اشد من المعصية) ولي على هذا التقرير السقيم تعليق أرجو من الله تعالى أن يوفقي فيه إلى الحق بإذنه تعالى.
فأقول : أيها السلفيون الخلص الأقحاح كما يحلو لكم أن تلقبوا أنفسكم:
١- هؤلاء الذين تأيدونهم لم يستفتوا العلماء في مشاركتهم في الديمقراطية من عدمها بل ولا يلتفتون لفتاوى العلماء في هذا المجال ولا يحرصون عليها فلا وجه للإستدلال بفتاوى العلماء على جواز المشاركة وهم أصلاً ليسوا ممن يستفتي العلماء.
٢- لقد عبتم يا مدعي السلفية الحقة وما زلتم تعيبون على الدعاة السياسيين- ونحن معكم على ذلك- فلماذا تؤيدون غيرهم سياسياً وتدعمونهم انتخابياً؟ حلال لكم وحرام على غيركم؟
٣- لقد ثبت فشل تجربة المشاركة في المجالس النيابية فلا وجه لإصراركم على المشاركة بل والأعجب من ذلك قول بعضكم بوجوب المشاركة نسأل الله العافية .
٤- إذا كان التشهير بولاة الأمور والإنكار العلني لا يجوز شرعاً- وهو كذلك- فلا وجه لتخصيص هذا الحكم الشرعي بفئة دون غيرها بلا دليل مخصص سوى كون أولئك دعاة وهؤلاء عوام كما زعم كبيرهم مخادعاً بذلك بعض من حوله من ابطال التويتر.
٥- قاعدة البدعة أشد من المعصية قاعدة مستقيمة لا غبار عليها ولا ينازع فيها إلا جاهل لكنها كلمة حق وأردتم بها باطلاً فهذه القاعدة لا تدل على أن الليبرالي المتحزب (العامي) خير من طالب العلم المتحزب، فهذا باطل، فكلاهما متحزب فما وجه كون هذا خيراً من هذا؟ لكن لا عجب أن المفلس من العلم يصدر عنهم مثل هذه التقريرات الباطلة.
٦- لماذا لا تتركون الاحزاب كلها بجميع مسمياتها وتشتغلوا بالعلم والدعوة بدلاً من تخبيطاتكم الغريبة؟
أخي مدعي السلفية الحقة ومن معك ممن اطلقوا على أنفسهم السلفيون الأقحاح ادعوكم مجدداً إلى التوبة النصوح وإعادة النظر في منهجكم السقيم والتخلي عن الحزبية القبيحة التي تعيشونها وتسري في دمائكم وعليكم بالصدق والأمانة والعدل بالأقوال والأفعال، اسأل الله أن يتوب علي وعليكم.
اخواني القراء الكرام قبل نهاية مقالي هذا سأترككم مع جانب من مقابلة شخصية وحوار هادئ اُجْري (حديثاً) مع ابن عم صاحبنا السلفي القح كما يحلو له تسمية نفسه بذلك وقد تمت المقابلة في قناة تلفزيونية يقال إنها رافضية.
وتأمل المخالفات الشرعية في هذه المقابلة ومدى توافقها مع منهج السلفي القح من عدمها وفي المقال القادم سأعلق على المقابلة بما تيسر إن شاء الله تعالى.
نص المقابلة:
دواوين الإثنين لقاء مع النائب السابق ( م . ع )
النائب السابق : لموضع دواويين الإثنين، دواوين الإثنين متى قامت في بداية ديسمبر ١٩٨٩، هي طبعا مطالبة بعودة الحياة النيابية أو عودة العمل بالدستور بعد توقف منذ شهر ٧ / ١٩٨٠ يعني تقريبا ٣ سنوات و ٤ اشهر، أو ٣ سنوات و ٥ اشهر، في مطالبات من الناس كانت تطالب وعملنا وثيقة، الوثيقة من سطرين موجهة إلى صاحب السمو المغفور له الشيخ جابر الأحمد رحمه الله "حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى حفظه الله الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح نحن الموقعين أدناه نناشدكم إعادة العمل بالدستور" وتواقيع بالاسم.
المذيع: هذه الحركة كانت تعرف بالحركة الدستورية.
النائب: هي حركة نواب، يعني تقريبا أكثر من نصف عدد نواب المجلس شكلوا لهم مجموعة.
المذيع: من مختلف الأطياف طبعا السياسية.
النائب السابق: من مختلف التيارات من مختلف التوجهات في حدود ٣٣ نائب، كانت اجتماعاتهم، يعني اجتماعات اجتماعية أكثر منها سياسية طبعا تدور حوارات طوال الفترة الثلاث سنوات ، بدت الناس تطالبنا بتحرك معين بإعادة العمل بالدستور، فنتيجة هذه المطالبة عملنا الصيغة هذه الي انا قلتها ، وسوينا أوراق أعداد بالمئات.
المذيع: للتوزيع .
النائب السابق: ووزعناها للتوقيع، فجمعنا عشرات الآلاف من التواقيع، وجمعناها في مظاريف، ورشحنا مجموعة لإيصالها إلى الديوان الأميري، طبعا كان في اعتذار ، بعدين قلنا نوصلها للناس .
المذيع: عن طريق دواوين الاثنين؟
النائب السابق: عن طريق نعقد الندوات بدواوين الأثنين، كل أثنين، لأن اجتماعاتنا في السابق كانت الاثنين كغدا ونجتمع مع بعض، فعقد أول اجتماع في ديوان جاسم القطامي وتحدث المتحدثون في ذلك الوقت، الاجتماع الثاني.
المذيع: الي اهو كان مفترض أن يكون في ديوانك ؟
النائب السابق: في ديواني، ديواني أنا بدأت الحكومة يعني يمكن تهاب من هذه التحركات .
المذيع: عقب ما شافوا الحشد الكبير الي صار يمكن في الأسبوع الأول؟
النائب السابق: وطبعا كل ماله يزيد، عندي أنا رحبت فجائني آنا في ذلك الوقت المرحوم مختار المنطقة والبيت مسجل باسم الوالد، الوالد كان مقعد ومريض ولا يتكلم فقال هذا البيت باسم فلان والدك، لا تخلينا وتخلي الحكومة تعمل مشاكل مع والدك وكذا .
المذيع: هذا كان في نفس اليوم جاك الخبر هذا في نفس اليوم الظهر الي كان المفترض المسا بالليل تعقدون الاجتماع؟
النائب السابق: يعني في تبليغ أنا أبلغك إياه أنه ممنوع إقامة الندوة اليوم، فأنا حطيت لافتة الديوانية مغلقة بأمر وزارة الداخلية، والإخوان يعني النواب تفهموا الموضوع وعقد حشد برة الديوانية وكلمات.
المذيع : في الساحة المقابلة؟
النائب السابق: في الساحة، وكان مطوقة طبعا من رجال الأمن، فدواوين الأثنين اخذت شهر ١٢ وشهر ١.
المذيع: و كان لك أنت دور طبعا أكيد بارز في هذا أحداث دواوين الأثنين ؟
النائب السابق: أنا كنت سكرتير المجموعة، انا الي أسجل محاضر الاجتماعات في تلك الفترة .انتهى المقصود من مقابلة مع النائب السابق ابن عم صاحبني المعني بهذا الرد الذي يبرر له كل المخالفات الشرعية المنهجية بحجة أنه من العوام!!
اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.