تبرير الطوام بحجة أنهم عوام (٤-٧)
الحمد لله رب العالمين وﻻ عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين أما بعد:
فهذا هو المقال الرابع في الرد على فئة بغت وتعدت على أهل التوحيد والسنة مجتهدين في الصد عن دروس العلم الشرعي بكثرة التشويش والطعن المستمر ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً بالتصريح تارة وبالتلميح تارات.
واعلم أخي القارئ الكريم أن الدعوة في الكويت قبل ثلاثين سنة قد تزعمها تجار سياسيون عن طريق اموالهم الخاصة وأموال التبرعات، ومن المعروف عن أهل الكويت السخاء والإحسان بالتبرعات والزكوات والصدقات بصورة لا تكاد توجد لها نظير- والحمد لله رب العالمين- لكن هذا الأمر جعل بعض التجار يتنافسون على قيادة الدعوة.
وعامة دعاة الكويت ليسوا علماء ولا مشايخ أو لا يصدق عليهم وحتى طلبة علم، على خلاف الأصل فالدعوة المقصود منها تبليغ العلم وتعليمه للناس ومن المقرر عند أهل العلم: (أن فاقد الشيء لا يعطيه) فإذا كان من يتزعم الدعوة مفلساً من العلم أو ضعيفاً فما ظنكم بدعوته هل ستنجح أو ستفشل؟ حتماً ستفشل، وهكذا نجد من لا عناية له بالعلم ولا يحسنه وثقيل عليه يحارب العلم وأهله كحال فرقة الدعوة والتبليغ والصوفية بطرقها وفرقة الإخوان المسلمين غيرهم.
وقد وفد إلى الكويت بعض الوافدين ممن يحمل عقائد غير سنية ومناهج بدعية أثروا آثاراً سلبية وأخرى إيجابية.
لذا اجتهد بعض طلبة العلم لا سيما طلاب المشايخ والعلماء الذين سافروا ورحلوا وتعلموا ودرسوا وتخرجوا واستفادوا وأخذوا توجيهات مشايخهم فأسسوا دعوة علمية شرعية في الكويت لا بأس بها والحمد لله .
لذا لم يعد للتجار مكان بين طلبة العلم ولا عند العامة ، فالناس تنبهوا وأصبح عندهم وعي وإدراك فاعرضوا عن التجار السياسيين وأقبلوا على طلبة العلم والمشايخ، وقد كثرت الشكوك في الجمعيات واخذ الناس يدققون على أرباب الجمعيات ويتساءلون عن الأموال من أين كسبوها وفيما انفقوها، وصارت بحمد الله الدعوة في تحسن مستمر وتفرق كثير من الناس عن التجار والسياسيين لذا لم يعد مرغوباً به امثال هذا المفتون المعني بهذا الرد ولم يبق حوله إلا تلك الفئة القليلة الذين يلقبون أنفسه بـ (السلفيين الخلص أو الأقحاح) كما يحلو لهم ذلك وهذه التسمية لا تجوز شرعاً كما سبق أن بينتُ ذلك.
والمقصود أن كبير هذه الفئة تاجر سياسي- اسأل الله أن يبارك له في ماله- وليس طالب علمٍ وقد عرفناه عن قرب فوجدناه دائما يركز على أموال التبرعات متسائلاً ومسنتكراً ومشككاً من أين تأتي؟ وأين تذهب؟ وكيف تصرف؟ وكم مقدارها؟ وكم يدخل على الجمعيات منها؟ وبالغ في التدقيق على الأموال بصورة فهمتُ منها - واتكلم عن فهمي الخاص - أنه يركز على الأموال اكثر من تركيزه على الأخطاء والانحرافات العقدية والشرعية والمنهجية، بل لا يحسن معرفة العقيدة ولا المنهج ولا يُعرف عنه دراسة ولا تدريس ولا يُعرف له شيخ تتلمذ على يديه، فوجدناه يرى الانحرافات عند غير أرباب الجمعيات أكثر وأوضح ولا يكاد ينكرها عليهم!!
فإذا قيل له إن جنس ما تنكره من منكرات ومخالفات عند مجمعي التبرعات تجد أضعاف اضعافها عند غيرهم فلماذا لا تنكرها؟
فيجيب بالقاعدة الباطلة المبتدعة فيقول: هؤلاء عوام أقول: سبحان الله ﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور : ٤٠]، ما المانع أن ننكر المنكرات على العوام والمستقيمين؟ ما المانع أن ننكر البدع والمعاصي؟ ما المانع أن ننكر الصغائر والكبائر؟ ما المانع ننكر الذنب الشديد والأشد؟ لماذا ننكر سرقات التبرعات والعبث بها ولا ننكر الربا والرشوة والعبث بأموال المسلمين العامة؟ أين المنافاة بين الأمرين؟ وما المانع أن ننكر التحزب كله بجميع صوره وأشكاله وأسمائه عند الأحزاب الدينية والليبرالية وغيرها؟
والحق أنه لا مانع شرعاً أن ننكر جميع المنكرات بالضوابط الشرعية لكن للأسف الرجل يخبط ولا يجد من يناصحه ولا من ينكر عليه بل وبالعكس وجد من يجامله ويزكيه حتى صدَّق نفسه وظنّ أنه أحد العلماء والتزكية تصدر عنه فالمزكى من زكاه والمجروح من جرحه، وأكبر عدو له من ينكر عليه تصدره وينصحه بطلب العلم وتطوير نفسه، والذي ظهر لي والله اعلم أن عنده حب الزعامة ويرغب بالقيادة لكن جاء متأخراً فلم يعد له مكان ولا مجال، والحمد لله الذي اظهر حقيقته.
لقد زادت امراض هذه الفئة وعظم شرها واصبح عداؤها شديداً على أهل المساجد والدروس العلمية والدعوة إلى الله تعالى فينظرون إليهم نظرة سوداوية حتى يقرر بعضهم أن الرجل لو اجتمعت فيه كل الكبائر كترك الصلاة والقتل والفواحش والربا وكل الذنوب ما عدا الشرك فهو خير من المصلي الحافظ للقرآن المستقيم في دينه واخلاقه!! فلما سألتُ بعضهم لماذا ؟
قال لأن البدعة أشد من المعصية، واستدل بالخوارج الذين يحقر الصحابة رضي عنهم صلاتهم إلى صلاتهم وصيامهم إلى صيامهم!!
والعجيب أنهم يشبهون أهل السنة بالخوارج وكبار أهل البدع ويعاملونهم على أنهم أخطر من اليهود والنصارى والليبراليين والعلمانيين ثم يزعمون أنهم لا يبدعونهم وإنما يبدعون منهجهم!!
اخي القارئ الكريم قد تظن أنني مبالغ في وصف هذه الفئة لذا يا ليتك تركز معي قليلاً على السؤال التالي الذي أرسله لي أحد الشباب .
يقول السائل : السلام عليكم . شيخنا وبارك الله فيكم بعض اﻹخوة السلفيين في الجامعة يعملون مع القائمة (المستقلة) ويقولون إنها أفضل من القائمة اﻻئتلافية واﻻتحاد الإسلامي ﻷنهما اتحاد بين إحياء التراث واﻹخوان المسلمين وهؤلاء مبتدعة وأما (المستقلة) فهم عوام وهم خير من المبتدعة، واستدل لي بأن المعصية خير من البدعة والعاصي خير من المبتدع .
علماً بأن القائمة (المستقلة) تضم الليبراليين والعلمانيين والروافض، وأغروا بعض العوام ليدخلوا معهم يا شيخ ولكنهم يزعمون أن المسيطرين على القائمة هم العوام. فهل من اﻷفضل الدخول مع القائمة "المستقلة" أو "اﻻتحاد اﻹسلامي واﻻئتلافية"؟ أو تركهم وعدم اﻻنشغال بهم؟ نرجو اﻹجابة شيخنا ﻷن هذا أمر واقع بين بعض المستقيمين في الجامعة عموماً) انتهى السؤال.
اقول: هذا نموذج لآثار طرح زعيم (السلفيين الأقحاح) وللعلم هذا المتعالم كان القائمة المستقلة تستضيفه ليلقي فيهم كلمات توجيهية !!!
كما أن ابنه الوحيد كان مع قيادة القائمة المستقلة ولا أدري هل هو ممن يتبنى الفكر الليبرالي أو أنه من العصاة العوام؟ الله اعلم.
ولا أدري ما مقصودهم بالعوام لأن الآخرين أيضاً اكثرهم بل السواد الأكبر فيهم عوام ليسوا علماء ولا طلبة علم لكنهم متدينين وظاهرهم الاستقامة.
على كل حال هذه التخبيطات والمجازفات لا تستغرب إذا صدرت من جاهل لا يحسن العلم ولا يرغب فيه وليس حريصاً عليه لا همَّ له إلا القيادة والتصدر والأمر والنهي فإذا كان يقول: إن بشار الأسد العلوي النصيري البعثي مسلم سني ! فماذا نرجو منه بعد اليوم؟
فائدة : فإن قال قائل فما الموقف الصحيح من الأحزاب القائمة التي طالما حذرنا العلماء منهم؟
فالجواب ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- كما في مجموع الفتاوى ( ٢٨/ ٢٠٩): (وإذا اجتمع في الرجل الواحد: خير وشر، طاعة ومعصية وسنة وبدعة، استحق من المواﻻة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة، كاللص تقطع يده لسرقته، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته، هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم) انتهى كلامه.
أما أن نتبرأ من المسلمين الركع السجود براءة تكاد تكون كالبراءة من الكفار فليس هذا من دين الله في شيء لكن ماذا يفعل (السلفيون الأقحاح) يجمعون الآثار والأقوال المأثور عن السلف في ذم الجهمية والمعتزلة والخوارج والروافض وزنادقة الصوفية والمتفلسة وينزلوها على أهل السنة.
إن هذا لشيء عجاب !!
ملاحظة هامة : بعض القراء يقول لماذا لا تذكر كلام هذا الزعيم وترد عليه ؟ وهذا سؤال وجيه جداً، لكن هل هذا الزعيم عنده كتب أو مؤلفات حتى نرد عليه ؟ الرجل مفلس من العلم وإن شئت قل مقل جداً، بحثت عن مقالاته فوجدت منها مقالين أحدهما بعنوان ( البرغر الأمريكي والبرميل الكويتي) والآخر بعنوان (سن التقاعد بين الكويت والنريوج) فيهما كلام اشبه ما يكون بكلام المرشحين لمجلس البرلمان ولا علاقة له لا بعقيدة ولا منهج، فمثل هذا يحكم عليه وينتقد على تصرفاته كما قال شيخ الإسلام: (وأقوال الخوارج إنما عرفناها من نقل الناس عنهم لم نقف لهم على كتاب مصنف كما وقفنا على كتب المعتزلة والرافضة والزيدية والكرامية والأشعرية والسالمية وأهل المذاهب الأربعة والظاهرية ومذاهب أهل الحديث والفلاسفة والصوفية ونحو هؤلاء) انتهى كلامه مجموع الفتاوى ( ١٣/ ٤٠ ).
صدق رحمه الله فلو أردنا اليوم أن نرد على أبي مصعب الزرقاوي أو أبي بكر البغدادي أو داعش أو جبهة النصرة فلن نجد لهم كتباً وكتابات نرد عليها وإنما نحكم عليهم من خلال افعالهم، وهكذا صاحبنا ليس له آثار علمية تذكر حتى نرد عليها.
ولقد بحثت له عن شروحات لكتب أهل العلم فلم اجد له شيئاً إلا شرحاً رسالة بعنوان (الحث على التجارة للخلال) وغريب جداً في الزعيم يدعي أنه من ابرز دعاة المنهج السلفي وليس له آثار علمية إلا شرحاً ركيكاً لرسالة ما عهدنا عالماً قط يبدأ بشرحها لطلابه ويختم بها حياته العلمية!!
فهل تلوموني إذا قلت إنه ليس بطالب علم؟
اخي القارئ الكريم لم انته بعد من الرد على كبير فئة السلفيين الأقحاح كما زعموا فباقي ثلات حلقات وبعدها إن شاء الله تعالى سأتفرغ للرد على غيره.
فتابعوني وبإذن الله سأقضي عليهم إن مد الله تعالى بعمري.
والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.