لن يثنيني تهديدك !! ( رسالة لم يحملها البريد إلى الشيخ ناصر شمس الدين وفقه الله تعالى )
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فلقد دخلت الكارثة السورية عامها الرابع والله اعلم إلى كم ستستمر، والظاهر أننا مازلنا في البداية.
وكنت بحمد الله تعالى معارضاً لما يسمى بالثورات وما اطلقوا عليه زوراً الربيع العربي، ولم أكن إلا تابعاً لعلمائنا الكرام وأئمة هذا الزمان الهداة الذين علم القاصي والداني نصحهم وصدقهم رحمهم الله تعالى وجزاهم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء، فهم اعلم بالحق وارحم بالخلق وقد فتح الله بصائرهم واناروا للمسلمين سبيلهم، فأبى إلا أن يخالفهم الحركيون، فأججوا نار الفتنة وشجعوا قيام الحرب واستغلوا عواطف المسلمين، فجمعوا أموال المتبرعين وأرسلوها إلى بلاد الشام وغيرها ليقتل الناس هناك بعضهم بعضها.
وكنت بحمد الله تعالى ممن امتنع عن المشاركة في القتال بأي صورة من الصور جملة وتفصيلاً، وقلت كما قال الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله تعالى إن هذه فتنة فتجنبوها ولقد تلقيت انتقادات شديدة جداً، بل واتهامات ظالمة قاسية حتى بلغ ببعض المنتقدين أن اتهمني بأني مع النظام البعثي المجرم وزعيمه النصيري الكافر والعياذ بالله!!
وكان ممن انتقدني بشدة أحد اخص طلاب الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق وهو الشيخ ناصر شمس الدين غفر الله له ولوالديه، وهو إمام مسجد ضاحية القادسية في الكويت أحد الداعمين لما يسمى بالثورة السورية، وبعدما احترقت بلاد الشام أرسلت له السؤال التالي:
[عندي سؤال شخصي لحضرتك يا شيخ ناصر بالنسبة لأحداث سوريا، حالياً أنت من تدعم؟ وما الفرق بين داعش والنصرة؟ وأقسم بالله العظيم عن نفسي لا اعلم جوابك على هذا السؤال. وللعلم، لما سئل حجاج العجمي السؤال نفسه قال أنا مع الثورة!! وهذه حيدة ظاهرة، فأرجو أن توضح لي حضرتك يا شيخ ناصر مع منْ في سوريا؟ طبعاً لا أقصد الإغاثة، فالإغاثة مشروعة للمتضررين حتى لو كانوا كفاراً أو بهائم، وإنما اقصد القوى المتصارعة المتقاتلة مع منْ تقف ومن تدعم؟ يا شيخ ناصر من حقك أن لا تجيب على السؤال إذا رأيت عدم المصلحة في الجواب) انتهى سؤالي.
فأرسل لي الشيخ ناصر شمس الدين الجواب الآتي:
(أنا في سوريا مع كل فصيل سني يقاتل النصيري. وعندي داعش خوارج ليسوا أهل سنة، وجبهة النصرة تحمل فكر القاعدة وهم أقل شراً بكثير من داعش، ولا أدعم فكر القاعدة فهو فكر منحرف. لكني أعذر من قدم الدعم لهم وقرن ذلك بالنصح والتوجيه وتقويم اعوجاجهم، ولا أعذر من دعم داعش إلا إذا كانوا فقط هم والنصيرية وجهاً لوجه، ولا يوجد فصائل سنية تجاهد، والحال في الشام ليس كذلك فلا يجوز تقديم الدعم لداعش. هذا ديني الذي أدين الله به) انتهى جوابه.
فأرسلت له التعليق الآتي وعليه بعض التعديلات:
(يا شيخ ناصر تقول : «هذا ديني الذي أدين الله به»، وأقول: بما أنه دينك الذي تدين الله به، وحضرتك ممن يجمع التبرعات للثورة السورية فلماذا لم تفصح عن الذين تدعمهم واكتفيت بقولك (أنا في سوريا مع كل فصيل سني يقاتل النصيري)؟لماذا لا تفصح عن اسماء الفصائل السنية؟ وهل جبهة النصرة فصيل سني أو ليس سنياً عندك؟ ولماذا تقول عن داعش خوارج وجبهة النصرة تقول إنهم على فكر القاعدة؟ هل اتباع القاعدة ليسوا خوارج؟ لماذا لا تصرح بما تدين الله به؟ هل جبهة النصرة خوارج أو ليسوا بخوارج؟ ولماذا فرقت بينهم وبين داعش مع أنهم خرجوا من رحم واحد؟! وما حكم من يدعم جبهة النصرة؟ قلت إنك تعذر من قدّم الدعم لهم وقرن ذلك بالنصح والتوجيه وتقويم اعوجاجهم!! يا شيخ ناصر لم تبن لنا وللمتبرعين بالنسبة لجبهة النصرة إذا ما قبلوا النصح والتوجيه ولم يتقوم اعوجاجهم فما حكم دعمهم؟ وكيف تعرف أنهم انتصحوا واستفادوا من التوجيه واستقاموا بعد اعوجاجهم؟ يا شيخ ناصر من استقام من جبهة النصرة وانتصح يجب عليه أن يقلع عما عليهم من انحراف ويفارقهم. فالمقرر عند أهل العلم أن التائب لا تقبل توبته إلا بالإقلاع عن معصيته لقوله تعالى ﴿ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: ١٣٥]. يا شيخ ناصر أخبرني إذا تقاتل الجيش الحر مع جبهة النصرة بعد سقوط نظام النصيري إن شاء الله تعالى فمنْ ستدعم؟ ولا يخفى عليك ما يحدث الآن في ليبيا بعد سقوط الطاغية القذافي وهي الصورة نفسها التي قد تحدث في سوريا بعد سقوط النصيري؟ ثم هل كل جيش بشار النصيري من النصيرية أو فيهم سنة أيضاً؟ وللعلم نسبة النصيرية في سوريا قد لا تتجاوز ٩٪. ولذلك السؤال الأصعب: هل كل من يقاتل النصيري سني؟ ملاحظة مهمة: جبهة النصرة لن يقبلوا بدولة مدنية دستورية مثل حكومة محمد مرسي ولو حكمهم محمد مرسي نفسه!! فمع منْ ستكون أو ستدعم حينئذٍ؟ من حقك أن لا تجيب لكن أريدك أن تدرك لماذا امتنع سالم الطويل- متابعاً بذلك العلماء- من البداية عن تأييد ما يسمى بالربيع العربي وتحملت ما وجه إلي من النقد والسب والقذف وكنت أحد من هاجمني غفر الله لك ولوالديك. ثم يا شيخ ناصر تقول: ((لا اعذر من دعم داعش إلا إذ كانوا فقط هم والنصيرية وجهاً لوجهٍ ولا يوجد فصائل سنية والحال في الشام ليس كذلك). أقول يا شيخ ناصر: افهم من كلامك أنك تدعم فصائل سنية في الشام وعلى هذا يعود السؤال نفسه من جديد: ما الفصائل السنية التي تدعمها في بلاد الشام؟ ما زال السؤال قائماً والجواب غائباً؟ ثم إذا ظهرت هذه الفصائل على النصيري البعثي الكافر وتقاتلت الفصائل السنية مع النصرة فلمن سيكون دعمك؟ لا سيما أن هناك فصائل تريد دولة مدنية وحكومة منتخبة تضم جميع الطوائف والمذاهب والديانات بينما جبهة النصرة الذين هم- على حد تعبيرك- على فكر القاعدة وأبيت أن تقول إنهم على عقيدة الخوارج وفرقت بينهم وبين داعش لن يقبلوا بذلك. يا شيخ ناصر إذا تواجهت داعش مع جيش النصيري وأذنت أو استحسنت أو أجزت أو قل ما شئت بأن يكون الدعم لداعش إذا لم تكن هناك فصائل سنية. والسؤال: إذا ظهرت داعش وتعاونت مع جبهة النصرة اتباع القاعدة- وليسوا خوارج كما فهمت منك- وسحقوا جيش النصيري بمعونة من تبرعات المسلمين ثم توجهوا إلينا في دول الخليج العربي ولا سيما المملكة العربية السعودية- التي يسمونها بلاد الحرمين- فمع مَنْ ستكون؟ يا شيخ ناصر وفقك الله لكل خير هذه ليست افتراضات خيالية بل هي واقع ملموس وحقيقي كما هو الحال اليوم في المملكة العربية السعودية وليبيا ومصر وتونس واليمن اتباع القاعدة والنصرة وداعش وأمثالهم ضد جيوش الدول التي ذكرتها لك، بينهم حروب قائمة ومناوشات مستمرة، وأقرب مثال وقد يكون بالنسبة لك محرجاً ما يحصل اليوم في سيناء في مصر، وعلى الحدود المصرية- الليبية بين الجيش المصري بحكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي وبين الفصائل التي تقتل جنود الجيش المصري. فأنتم- أعنيك أنت ومشايخك مع منْ ضد منْ؟ من حقك يا شيخ ناصر أن تجيب جواباً شافياً من غير توتر ولا هجوم لا مبرر له ومن حقك أن تمتنع عن الإجابة. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
بعد ما أرسلت رسالتي إلى الشيخ ناصر وفقه الله أرسل لي رسالة تهديد بأنه سيكتب رداً وسيصدره بكلمات فيها سبٌّ وشتم وتحقير في حالة نشر رسالتي له!!
فأرسلت له: سيتم نشر المقال بإذن الله تعالى، ورحمة بك وحفظاً لمقام الإمامة والخطابة، لن أذكر نص سبابك الذي سبيتني به، وإذا عندك رد علمي فتفضل به، فأنا ما سببتك قط والحمد لله رب العالمين حتى إذا ذكرتك لا اذكر باسمك، (ناصر) هكذا بل أقول الشيخ ناصر، وأدعو لك بالتوفيق والمغفرة لك ولوالديك وكثيراً من الأحيان السب والشتم إنما يلجأ إليه من لا حجة له مع ما فيه من الإثم.
وأقسم بالله العظيم على ما يغلب عليه ظني أنك لا تتجرأ على سب بعض الناس ممن يكيل لك من السباب بالكيل مثل فلان- وذكرت له اسمه- بينما تتسلط عليّ منذ أكثر من سنتين بالسبِّ والشتم والله لا أعرف كيف يصدر هذا من إمام وخطيب يصلي بالناس ويخطب فيهم؟!
ولقد أرسلت سبابك مرة من المرات لشيخك عبدالرحمن عبدالخالق واطلعته على اسلوبك ولا أدري إن كان قد نصحك ولم تستفد من نصيحته أو ما نصحك أصلاً الله يهديك ويهدي شيخك.
والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.