موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

رسائل لم يحملها البريد وأيضاً إلى صديقي الدكتور التبليغي (٢)

28 شعبان 1428 |

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فلقد ذكرت لك أخي القارئ الكريم في المقال السابق أني أكتب إلى أخ فاضل وهو دكتور (بروفسور) في جامعة الكويت، قد تأثر بجماعة بدعية هندية ليس لها عناية بالتوحيد ولا السنة وتحارب العلم وأهله. وفي مقالي هذا سأستكمل بعض الجوانب المهمة التي اسأل الله تعالى أن ينفع بها الدكتور وغيره، فأقول وبالله أستعين.

(نص الرسالة)

من سالم بن سعد الطويل إلى الأخ الدكتور العزيز وفقك الله لكل خير وإلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم وما كان عليه سلف الأمة وسلمك الله من كل بدعة وهوى وتعصب السلام عليك ورحمة الله وبركاته:

أخي الكريم اعلم وفقك الله لطاعته أن جماعة التبليغ قد يلتبس أمرهم على كثير من الناس وذلك بسبب خلطهم بين الحق والباطل فلو كانت دعوتهم باطلة محضة لما قُبلت منهم وإلى هذا يشير ابن القيم رحمه الله تعالى حيث قال: (فإن البدعة لو كانت باطلاً محضاً لما قُبلت ولبادر كل أحد إلى ردها وإنكارها ولو كانت حقا لم تكن بدعة وكانت موافقة للسنة ولكنها تشتمل على حق وباطل ويلتبس فيها الحق بالباطل كما قال تعالى (وَلاَ تَلْبسُواْ الْحَقَّ بالْبَاطل وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [الصواعق المرسلة]. هنا تكمن الخطورة وتعظم البلية فلو كانت جماعة التبليغ أو غيرهم يدعون إلى الفواحش والمنكرات لما خفي أمرهم على أحد من المسلمين ولما انخدع بهم الناس لكنهم يتجولون في المساجد ويدعون الناس إلى التوبة إلا أنهم يزهدون الناس بالعلم والعلماء ولا يهتمون بالتوحيد بل ولا يحسنونه.

ليس بالضرورة أن يشعر المفسد بإفساده

من الحقائق التي تخفى على كثير من الناس ظنهم بأن حسن النية يكفي لكل عمل، وهذا باطل فلا بد مع حسن النية حسن العمل فالبدعة لو تقرب بها المبتدع إلى الله تعالى ما زادته من الله إلا بعداً لأنها (رد) أي مردودة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) أي مردود. إذا علمت هذا فاستمع إلى قول المنافقين الذين هم أفسد أهل الأرض قال تعالى : (وَإذَا قيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسدُواْ في الأَرْض قَالُواْ إنَّمَا نَحْنُ مُصْلحُونَ ) [البقرةـ11]، فلم يقولوا لسنا مفسدين بل قالوا (إنما نحن مصلحون) فرد الله تعالى عليهم فقال (أَلا إنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسدُونَ وَلَـكن لاَّ يَشْعُرُونَ) [البقرةـ12]، فتدبر قوله تعالى (ولكن لا يشعرون) فالله تعالى الذي لا تخفى عليه خافية يقول انهم (لا يشعرون) أي لا يشعرون بأنفسهم أنهم مفسدون بل يظنون أنهم مصلحون، وهذه أكبر فتنة وأكبر عقوبة أصابتهم من الله تعالى بسبب ذنوبهم. قد يضل الإنسان وهو يحسب أنه يحسن صنعاً وهكذا أخي القارئ الكريم هناك الكثير والكثير جداً ممن يضل في دعوته أو عمله أو عقيدته أو منهجه وهو لا يعلم عن نفسه قال تعالى :(قُلْ هَلْ نُنَبّئُكُمْ بالْأَخْسَرينَ أَعْمَالاً الّذينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الْحَيَاة الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسنُونَ صُنْعاً) [الكهف:103ـ104]. فكم متحمس وكم مجاهد وكم داعية وكم من خطيب وكم وكم له من هذه الآية نصيب وهو يحسب أنه ليس دونه ولا بعده أحد. وهذا ظاهر جدا عند جماعة التبليغ والدعوة فتراهم يعدون أنفسهم أهدى أهل الأرض وكل الناس سواهم لا يعملون شيئا ولا دعاة ولا جهد ولا عمل ولا دعوة إلا هم!!

ينصحون الناس ولا يقبلون النصيحة

جماعة التبليغ ينتشرون في كثير من المساجد وينصحون الناس ويجمعونهم ليقصوا عليهم قصصا أكثرها لا حقيقة لها ويحرصون على أن يسمع الناس منهم ولكن للأسف لا يقبلون النصيحة من غيرهم بل تجدهم يتواصون بعدم قبولها خصوصا إذا كانت النصيحة فيها نقدا لجماعتهم ومنهجهم وبعد البحث والسبر والتنقيب تلاحظ عليهم الآتي:

  • يتهربون من سماع الحق ثم يقولون هذا (جدال) والجدال مذموم ونحن لا نريد الجدال، مع أن الله تعالى يقول (ادْعُ إلًى سَبيل رَبّكَ بالْحًكْمَة وَالْمَوْعًظَة الْحَسَنَة وَجَادلْهُم بالَّتي هيَ أَحْسَنُ ) [ النحل ـ125[.

  • إذا سمعوا أحداً ينتقدهم أعرضوا عنه وتظاهروا بحسن الخلق زاعمين أن هذا من باب رد الإساءة بالإحسان فتراهم يقولون (جزاك الله خيراً) والله أعلم بما في قلوبهم!! ولا شك أن هذه (دروشة) هندية وإلا هل يعقل أن يقول لك قائل: أنت على باطل ودعوتك باطلة فتقول له: جزاك الله خيرا؟! رب العالمين لما زعموا أنه اتخذ ولداً أو أن يده مغلولة أو غير ذلك رد عليهم وأظهر باطلهم بينما هذه الجماعة بدروشةٍ ظاهرةٍ يقولون لمن انتقدهم (جزاك الله خيراً).

  • يقولون لا خلاف بيننا وبين أهل السنة أهل التوحيد!! لا يمكن أن تجد شيخا موحداً ليقول لبدعي أو مشرك لا فرق بيننا وبينكم أو لا خلاف بيننا وبينكم كثير من أهل البدع والأهواء تجده يقول لا فرق ولا خلاف!! وهذا كذب وزور وبهتان وما تُخفي صدورهم أكبر.

  • إذا نصحهم أحد أو أنكر عليهم قالوا سندعو لك في جوف الليل!! بماذا سيدعون له بأن يقتنع بهم ويخرج معهم فهذه غاية عندهم، بل تجدهم يعظمون الخروج إلى اجتماع (بنغلاديش) السنوي أكبر من تعظيمهم للحج إلى بيت الله الحرام فتجدهم يقولون فلان خرج إلى الاجتماع العام ويفرحون به ويستدلون به على صحة منهجهم ودعوتهم ولكن إذا حج إلى بيت الله الحرام فلا يعنيهم ذلك شيئا!

الخروج .. الجهاد .. فقه الواقع

من العجائب والعجائب كثيرة تطابق أفكار أصحاب المناهج المنحرفة فالتبليغ إذا أنكر عليهم أحد بادروا بالرد عليه فقالوا: هل خرجت معهم؟ ودعاة الجهاد الفاسد يقولون: لا تأخذوا الفتوى من علماء لم تطأ أرجلهم أرض الجهاد. والدعاة الحركيون يقولون: لا تأخذوا فتاوى علماء لا يعرفون فقه الواقع. أتواصوا به؟ بل هم منحرفون !! فكل من أراد أن ينجو من الانتقاد ويسلم على منهجه من تحذير العلماء منه زعم أن العلماء كلامهم غير معتبر لأنهم لا يعرفون ما نحن عليه، وهذا باطل ظاهر البطلان يكفي عن الرد عليه بطلانه!!

الغيبة من أكبر المحرمات

من المعلوم أن الغيبة من الكبائر وهي ذكرك أخاك بما يكره، قال تعالى (وَلَا يَغْتَب بّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخيه مَيْتاً فَكَرهْتُمُوهُ ) [الحجرات ـ12]، فتجد كثيرا من الناس يغتاب ويطعن ويفتري ويحذر من غيره وينتقد الآخرين ويسخر منهم ويقلل من دعوتهم ونشاطهم ويصرح بأسمائهم ويستبيح كل شيء منهم فإذا انتقده أحد قال: هذه غيبة!! سبحان الله غيبة في حقك وليست غيبة في حق غيرك؟! ثم جهل كثير من الناس أن التحذير من أهل البدع وبيان عوارهم ليس من الغيبة المحرمة بل هذا من جنس الجهاد في سبيل الله تعالى وهو من أجل وأعظم القربات إلى الله تعالى وذلك لحفظ الدين والذب عنه وكشف ما ليس منه.

الصد عن سبيل الله تعالى

ومن أساليب المكر عند هؤلاء الدراويش التبليغ أنهم يخوفون الناس حتى لا ينتقدوهم فيقولون (لا تصد عن سبيل الله) وهذه كلمة حق أريد بها باطل، فتراهم يصدون عن سبيل الله ويصدون الناس عن طلب العلم وعن دراسة التوحيد وعن الجلوس عند العلماء ومعرفة طلبة العلم وكل ذلك وأكثر من ذلك لا يعدونه صداً عن سبيل الله تعالى فإذا انتقدهم أحد وبين باطلهم قالوا: (لا تصد عن سبيل الله)!!

وأخيرا أخي الدكتور ابذل بالأسباب فالعلم بالتعلم وليس بالخروج مع الجهلة التبليغ.

أخي الدكتور: هذه الجماعة من مئات الآلاف ليس عندهم كتاب واحد في التوحيد، ليس فيهم عالم يعرف الحديث الصحيح من الضعيف ليس فيهم طالب واحد يقرأ لهم كتاباً في التفسير، ليس فيهم من يحذرهم من القصص المكذوبة، أخي فكر وتعقل قليلا فإن قلت فيهم طلبة علم فأقول أنت تعلم إن وجد فيهم طالب علم فيقينا انه لم يتعلم العلم من التبليغ وإنما تعلمه من مكان آخر ثم فتن بدعوة التبليغ فإن قيل لولا صلاحية التبليغ ما دخل معهم قلت بل المسلم قد يرتد أيضا.

اسأل الله أن يقدرني لبيان حقيقة هؤلاء لك ولكل مسلم وأن يجعل تركك لهم على يدي وثقتي بالله كبيرة بأن الغلبة ستكون للتوحيد والسنة على البدعة والصوفية والدروشة الهندية، وأملي بالله كبير أن أراك عن قريب تحذر منهم. والحمد لله أولا وأخيرا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات