موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

يخفون رؤوسهم ويرسلون أبناء الناس دون أبنائهم

11 ذو القعدة 1435 |

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فلقد عملتُ مدرساً قبل ما يقارب ثلاثين عاماً في مدرسة (الرشاد) لتعليم الكبار ومحو الأمية وكانت المدرسة في السجن المركزي، وكان من الطلاب (النزلاء) من المحكومين والموقوفين من فئة الشباب المتورطين في قضايا تجارة مخدرات وخمور، وقضايا سرقات وقضايا تزوير ونحوها، ولفت نظرني ما رأيته بنفسي وسمعته من بعضهم، بأنهم ضحايا لرؤوس كبار ورّطوهم واستخدموهم للترويج ومباشرة الجرائم فكانوا هم الضحايا بينما الكبار بمنأى عن أي مسؤولية!!

وهذا أمر معلوم بل ومشهور، ثمَّ دارت الأيام والسنون فرأيت الصورة تتكرر عند السياسيين والدعاة على مختلف طبقاتهم ومناهجهم- وليس ذلك مقصوراً على تجار المخدرات- فالكبار يدسون رؤوسهم والصغار يباشرون تنفيذ مآربهم، وأكبر دليل وشاهد على ما أقول تلك الاعتصامات والمظاهرات والانقلابات التي حدثت في بلاد المسلمين فلو تتبعناها لوجدنا أن السواد الأعظم والخط الساخن يتصدره الشباب المُغرَّر بهم، فهم الذين يتصادمون مع الشرطة والعسكر ويتورطون بالتوقيف والسجن ومنع السفر وسحب الجناسي وتتراكم عليهم القضايا وتسجل بأسمائهم السوابق، بل ومنهم من يَقْتِلْ وتتلطخ يداه بالإثم، ومنهم مَنْ يُقْتَل فيذهب ضحية ويفقده أبواه، بينما الكبار والرؤوس يتوارون عن الأنظار أو مجهولون لا يعرفون إلا بالرموز أو مختبئون وراء الجدر، ويديرون الحركة والحراك بل ربما من خارج البلاد.

ومثال على ذلك الإخوان المسلمون في مصر لم يشاركوا في ميدان التحرير لكن جاءوا في نهاية المظاهرات وتسلموا زمام الحكم!!

ومثلهم أولئك الذين يدعون الشباب إلى الجهاد ويسعون إلى إقامة الخلافة كما يزعمون، ويقولون في خطبهم وشعاراتهم إن (الموت في سبيل الله اسمى أمانينا)، وزعموا أنهم أوقفوا أرواحهم فداء في سبيل الله تعالى ، لكنهم لا يتقدمون لساحة القتال ولا خطوة، بل ولا يورطون أولادهم ولو مرة، فالأتباع ضحايا وهم سالمون، فأعمارهم طويلة لا يصيب أحدهم ولا غبار الجهاد.

ومثال على ذلك أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة تجد له بيانات وتصريحات بين الحين والآخر ولكن لا مشاركة له فعلية في ساحة القتال!!

وكذلك أيضاً قادة حماس، ومثل أولئك الذين يعتقدون عقيدة التكفير عقيدة (القعدية) من الخوارج، فتجدهم يقنعون الشباب بالتكفير ويسوقون كل الأدلة التي يظنون أنها تدل على التكفير غير أنك لا تمسك عليهم كلمة يدانون بها بأنهم تكفيريون تماماً مثل تجار المخدرات الكبار فالفكرة واحدة.

ومثل أولئك تلك (الفئة) التي لا تقل عن التكفيريين خطورة يلقبون أنفسهم بالسلفيين (الخلص) وفي رواية (الأقحاح) يستعملون الفكرة نفسها؛ فالكبار مندسون ويحاربون من وراء جدر فيرسلون الشباب المغرر بهم ليشتموا الناس ويشهّروا بهم، ويحثونهم على ذلك ليشوشوا على مع اختلفوا معه، فالشباب يأثمون وهم يسلمون، والشباب تفسد أخلاقهم وهم يظهرون بحسن الخلق!!

ولا شكّ أن هذا من الغش المبين للأتباع المساكين، كان من المفترض أن من اقتنع بمبدأ أن يكون في المقدمة سواء تكفيراً أو خروجاً أو تفجيراً أو جهاداً أو تبديعاً أو تفسيقاً أما أن يضحي بأبناء الناس وينأى بنفسه وأبنائه فهذا غش كبير.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا» [أخرجه مسلم رقم: ( ١٠١ ) عن أبي هريرة رضي الله عنه].

وبما أن الدين النصيحة فانصح أبنائي الشباب أن يحذروا كل الحذر من أولئك الغشاشين جميعهم، ولتكن عندكم يا أبنائي الشباب فطنة وفراسة فإذا رأيتم من يريد ترويج مذهبه أو فكره أو بضاعته فانظروا هل يتقدمكم أو يزج بكم في المقدمة ويبقى في المؤخرة؟ وهل يقدم أبناءه أو يضحي بكم ويحافظ على أبنائه؟ فإذا رأيتموه يرسلكم ويختبئ وراء الجدر فاعلموا أنه غشاش جبان له مآرب خفية فلا تمكنوه من رقابكم.

فإذا تقدمكم وقدم ابناءه فانظروا دينه وخلقه هل يتقي الله فيما يأتي ويذر؟ هل يعظم شعائر الله؟ هل يحفظ لسانه عن اعراض المسلمين؟ هل يحثكم على حسن الخلق؟ هل يأكل الحلال ويتورع عن الحرام؟انتبهوا يا ابنائي لا تغتروا بمن يقسم لكم أنه يريد بكم خيراً فالقسم وحده لا يكفي فلقد اقسم ابليس لآدم وزوجه كما ذكر الله ذلك في كتابه ﴿ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾ [الأعراف: ٢١] ولم يكن صادقاً ولا ناصحا، وانتبهوا لمن يطعن بالآخرين ليرفع من نفسه، ففلان كذا وفلان كذا ويقصد بذلك أنه على خلاف ما عليه فلان، فرسل الله الذين هم اكمل البشر واصدقهم واهداهم اتهموهم في عقولهم واخلاقهم وأماناتهم وصدقهم فكم من رسول قيل عنه مجنون وكذاب وساحر وكاهن وما ذلك إلا للتنفير منهم فحسب.

واعلموا أن الرد على المخالف مشروع فما من أحدٍ إلا راد ومردود عليه، وكل يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلستُ بصدد المنع من الرد على من اخطأ أو انحرف، كلا والذي نفسي بيده، فاحذر أيها الشاب من تلبيس الملبسين، وإنما قصدي التحذير من أولئك الذي يعبثون بالشباب لترويج مبادئهم ومآربهم لتحقيق مصالحهم بينما هم يندسون وراء الجدر فيورطونكم ويسلمون.

أما من كتب رداً علمياً يبتغي وجه الله تعالى وبعلم وعدل وبصيرة فهذا محمود بل هذا من جنس الجهاد في سبيل بل أفضله إذ المقصود حماية الدين وتنقيته مما علق به وادخل فيه من ما ليس منه، فهذا ليس مثل ذاك فتنبه للفرق بين الأمرين.

اسأل الله تعالى أن يحفظ شبابنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

رسالة لم يحملها البريد إلى الاخوة الكرام محمد بن عثمان العنجري واحمد بن حسين السبيعي وفواز العوضي وزيد بن حليس الدوسري وأحمد بن عمر بازمول وفقكم الله تعالى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اتوجه لكم بالسؤال التالي:

لو بلغكم أن سالم الطويل قال: (جمعية إحياء التراث هي القلب النابض للأعمال الخيرية السلفية في العالم) فبماذا ستشعرون؟ وماذا ستقولون؟ وماذا ستفعلون؟ أما عن نفسي فأتوقع- وقد أكون مخطئاً- فالجواب كالآتي:

أما شعوركم فستفرحون فرحاً شديداً لأنكم وجدتم مأخذاً جديداً على سالم الطويل.

وأما قولك فستقولون: ألم نقل لكم أنه من إحياء التراث ويدافع عنهم.

وأما فعلكم فكالآتي:

أولاً: يضاف هذا القول إلى ملفي الخاص بالأرشيف.

ثانياً: يتم تبليغ بعض المشايخ بما قلت.

ثالثاً: يتم التشهير في المنتديات.

رابعاً: تتم ترجمة الكلام بالإنجليزي والفرنسي ليتمكن غير الناطقين باللعربية من قراءته.

وفي الحقيقة سالم الطويل لم يقل هذا القول ولن يقوله ولا يعتقد صحته فجمعية التراث لها وعليها لا سيما خارج الكويت تدعم كثيراً من المناهج ليست سلفية وتطبع كتب الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق السياسية والتي تحمل الفكر الإخواني.

وإنما الذي قال هذا الكلام هو الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ في زيارته لجمعية احياء التراث وبرفقته الشيخ عبدالله بن منيع وقد طلبوا منه أن يقول كلمة فقال بالحرف الواحد:

(بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا، أما بعد: فإني مسرورٌ غاية السرور بوجودي بين اخواني واحبابي في هذه الجمعية المباركة التي نرى دائما أنها القلب النابض للأعمال الخيرية السلفية في العالم وأرجو من الله جل وعلى أن يجعل مستقبلها خيرا من ماضيها، وأن يمن علينا جميعاً بالإخلاص والصدق في القول والعمل، وأن يثيب القائمين عليها الثواب الحسن، وأن يجزيهم خيراً على ما عملوا) انتهت كلمته.

فهل ستشعرون بالشعور نفسه؟ وتقولون القول نفسه؟ وتفعلون الفعل نفسه؟ الذي كنتم ستشعرونه وتقولونه وتفعلونه لو كان القائل سالم الطويل؟ أو كما قيل في المثل: (أبوي ما يقدر إلا على أمي).

هنا تظهر الشجاعة التي تدعونها يا اصحاب النهج الواضح.

اسأل الله لي ولكم الهداية والتوفيق. والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات