[ أخي الدكتور فواز العوضي حفظك الله تعالى إني سائلك ومشدد عليك بالمسألة ] (١-٢)
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، أما بعد:
فلقد صدرت مني كلمة قبل سنوات، واحتفظ بها بعض الناس ووضعوها في ملفي الخاص لديهم أو ما يسمى بالأرشيف ولا غرابة فقد تعودت هذه الفئة الذين لقبوا أنفسهم بالسلفيين (الخلص) وفي لفظ (الأقحاح) على الطعن بالناس وتحميل كلامهم ما لا يحتمل، وليس هذا من باب الرد العلمي المحمود شرعاً وعرفاً والذي يقصد منه النصيحة وبيان الحق فقد يخلط بعض الناس لجهلهم بين الأمرين مع أن الفرق بينهما كبير.
والكلمة التي صدرت مني والتي اعتبروها مأخذاً علي هي قولي (التحزب موجود في نفوس كل الناس كالعصبية موجودة حتى في الصحابة لما قالوا يا للمهاجرين ويا للأنصار، لكن هذه متفاوتة) انتهى.
فقد زعم أحد تلاميذ الأخ محمد بن عثمان العنجري أن هذا الكلام فيه طعن بالصحابة وفيه تبرير لحزبية الجماعات البدعية وأني بهذا الكلام فتحت باباً لأهل البدع ليطعنوا بالصحابة!!
وفي البداية لم ألتفت إلى هذا الكلام المتكلف به لا سيما أن الذي كتبه ليس بطالب علم ولا معروف بطلب العلم وقرأته قراءة عابرة ولم اتممه وكتبت فقرة في إحدى مقالاتي وبينت بطلان كلامه.
لكن للأسف تكرر هذا الكلام من طالب آخر من طلاب محمد عثمان العنجري أيضاً، وهو أخ عُرف بالخلق الحسن والسمت الطيب وطلب العلم وقد حصل على الدكتوراه- أظن في الفقه ويُدَرس في كلية الشريعة في جامعة الكويت- وله بعض الدروس العلمية وسبق أن حضر بعض دروسي في فترة قصيرة ألا وهو الدكتور فواز العوضي وفقه الله لكل خير، وليس بيني وبينه أي عداوة ولا خصومة سابقة، فلستُ أدري والله كيف تم استغلاله بحيث رضي أن يضع اسمه على مقالٍ سبق أن تم نشره باسم غيره وربما زاد فيه قليلاً أو انقص منه تجنباً للتهمة.
ولا أذكر أن الدكتور فواز كتب سواداً في بياض للرد على أهل الشرك وعباد الأوثان والأولياء من دون الله تعالى ولا اذكر أن كتب رداً على اعداء السنة من أهل البدع والأهواء، ولا كتب رداً على الخوارج والتكفيريين ومن تفرع عنهم، ولا كتب رداً على دعاة السياسة والديمقراطية وطلاب الكراسي، وأرباب المظاهرات وزعماء الانقلابات، ولا كتب رداً على الذين ينبذون تحكيم شرع الله تعالى وأحكام الإسلام من العلمانين والليبراليين وأشباههم ممن يريدون فصل الدين عن الحياة، ولا كتب رداً على دعاة الاختلاط والمجون والفواحش والفجور من الفساق والفجار الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، ولا كتب رداً على آكلي الربا ولا آكلى الرشوة ولا أصحاب شركات التأمين، ولا كتب رداً على آكلي أموال الناس بالباطل النفعيين عباد الدينار والدرهم ونحوهم.
أقول: إن الصراع بين الحق والباطل قديم الجنس والنوع فمنذ أن خلق الله تعالى آدم وإبليس والصراع لم يتوقف يوماً من الأيام.
الغريب والعجيب ما يصدر اليوم من بعض أهل السنة وأخص بالذكر الذين يسمون أنفسهم السلفيين (الخلص) وفي لفظ (الأقحاح) الذين يلمزون غيرهم بالرماديين، فهؤلاء للأسف الشديد لا تكاد تجد لهم جهداً في انكار المنكرات على سائر طبقاتها ولكنهم اعلنوا الحرب على طلبة العلم من أهل السنة خاصة!!
فعداوتهم شديدة وحربهم شرسة ضد طلبة العلم ومطارداتهم مشهورة ومحاولات اسقاطهم معلومة فهم مجتهدون في تنفير الناس عن طلبة العلم وعن دروسهم، حتى بلغ القبح في افعالهم أنهم يحاربون دروس التوحيد والسنة ليلاً ونهاراً مع علمهم أنها دروس في التوحيد، في الوقت الذي توقفوا عن دروس التوحيد إلا قليلاً، فشيخهم في الكويت لا يُعرف عنه أنه دَرّسَ كتاب التوحيد ولا مرة واحدة بحيث يبدأ به من أوله ويستمر به حتى ينتهي منه!!
ثم يا ليت الدكتور فواز ومن معه اكتفوا بنقد ما يستحق النقد ولو فعلوا ذلك لكان مقبولاً إذا كان النقد صحيحاً وإنما حربهم شاملة ظانين أنهم يحسنون صنعاً حتى امتنع بعضهم عن الصلاة خلف من جعلوه هدفاً لهم ونصحوا غيرهم بعدم الصلاة خلفه فجعلوا أولى الأوليات تنفير الناس من دروس كتاب التوحيد أو صحيح البخاري أو العقيدة الواسطية!!
لكن الحمد لله رب العالمين ظهر من ذلك خير كثير فلقد زادت الرغبة عند كثير من الناس في طلب العلم، وعرفوا حقيقتهم وميزوا بينهم وبين غيرهم من بعد ما كانوا يظنون أنهم طلاب حق واستقامة.
أقول: الغريب العجيب أن الدكتور فواز العوضي في رده عليَّ ذكر خطورة الطعن بالصحابة وأورد في مقاله بعض الآثار عن السلف في التحذير من الطعن بالصحابة واظهرني بصورة المنحرفين أعداء اصحاب سيد المرسلين وكأنه يرد على رافضي أو زنديق!!
فما الذي اصاب الدكتور فواز العوضي؟ هل أراد حقاً وجه الله تعالى في ما كتب؟ هل أراد حقاً نصرة اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما زعم؟ أم هو الانتقام والتشفي والتعصب والتحزب؟ الأرجح - عندي - الثاني.
فالحزبية بئست المطية، نعم الدكتور فواز ما كتب مقاله متعاوناً مع غيره إلا بعد ما كتبتُ مقالي في ردي عليه لما زعم أن بشار الأسد النصيري الباطني الرافضي مسلم سني!! لأن كلمتي التي زعم أن فيها طعناً في الصحابة قد قلتها قبل سنوات وتم استخراجها من الملف الشخصي (الأرشيف) بعد إنكاري عليه وعلى شيخه فيما يتعلق ببشار الأسد إني وبحمد الله ما كتبت ذلك إلا بعد ما راجعناه وتأكدنا منه شخصياً فما ظلمته ولا قولته ما لم يقل، فقد صرح لبعض طلبتي بذلك وعرفت رأيه في بشار الأسد الباطني النصيري عدو الصحابة رضي الله عنهم فقد سأله أحد طلبتي ونقل لي خلاصة كلامه: بأنه لا يكفر بشاراً ويقول إنه شاهده في التلفاز يصلي العيد!! والله المستعان.
أخي القارئ، ابنائي الطلبة، بناتي الطالبات، لكم أن تراجعوا الدكتور فواز العوضي واسألوه إن شئتم سؤالاً صريحاً عن بشار الأسد هل كافر أو مسلم أو بمنزلة بين منزلتين؟ اسألوه بأنفسكم لتطمئن قلوبكم ولتسمعوا رأيه من لسانه وإذا ما امتنع عن الإجابة فاعلموا إنما أراد أن يستر على نفسه أو يخشى إن تراجع فسيكون في ميزانهم- مذبذباً، قولوا له لماذا تخالف العلماء الذين صرحوا بتكفير بشار الأسد بعينه كالشيخ صالح اللحيدان والشيخ ربيع المدخلي والشيخ عبيد الجابري؟
فلقد صرحوا بكفره وما قالوا عنه مسلم ولا توقفوا في تكفيره، فإن قال لا يلزمني، فاسألوه هل يعمل بقاعدة لا يلزمني؟
والغريب العجيب أيضاً في الدكتور فواز ومن معه أنهم يتورعون تورعاً بارداً عند الحكم على بشار الأسد وخالفوا بذلك كل علماء السنة، ووافقوا البوطي وهنية وخالد مشعل وحسن نصرالله ودشتي ولاري. إن هذا لشيء عجاب!!
لقد احسنوا الظن بهذا الرافضي النصيري الباطني عدو الإسلام والمسلمين على وجه العموم وعدو الصحابة على وجه الخصوص، ذلك المجرم القتال السفاك الأثيم، بينما لم يتورعوا ولم يحسنوا الظن في أخيهم عندما زعموا بأنه يطعن بالصحابة- رضي الله عنهم اجمعين-، أليس يا أيها الأقحاح سالم الطويلُ أولى بحسن الظن من بشار؟! لكنها الحزبية بئست المطية.
كم هو مخزٍ ومسيء لهم وليس لي ترويجهم لهذا الاتهام السافر المفضوح؟! بل لم يكتفوا بذلك فحسب وإنما تمت ترجمة اتهاماتهم إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية ليخدعوا بذلك السذج المساكين من الأعاجم حدثاء العهد بالدين أو حدثاء العهد بالاستقامة.
وأيم الله لو كانت الملاحظة في مكانها لفرحتُ بها فلئن ألقى الله وقد خرجت من خطئي وزللي وذنبي خير لي من أن ألقاه بما يستوجب لي غضبه وعقابه.
نعم الخطأ وارد علي وعلى غيري، والله يقول عن القرآن الكريم ﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ﴾ [هود: ١] أي اتقنت ويقول ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: ٤٢] ويقول ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: ٨٢] أما كلامي وكلام غيري فليس بقرآن كريم ولا وحي مبين فحتماً لن يخلو كلامي من خطأ وسوء تعبير، بل ولن يخلو حتى من التناقض والاختلاف فمن زعم أن كلامه لا يتناقض أبداً فقد زعم لنفسه العصمة النبوية أخي القارئ الكريم لم انته بعدُ فتابعني في المقال القادم إن شاء الله تعالى.
والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .