موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

رسالة لم يحملها البريد إلى الدكتور خالد بن ضحوي الظفيري حفظه الله تعالى (٤)

17 رجب 1436 |

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فهذه الرسالة الرابعة التي أرسلها للأخ الدكتور خالد بعد التحول العجيب الذي تحوله في الفترة الأخيرة.

أخي الكريم وفقك الله تعالى، منذ سنوات وأنت وأقرانك وطلابك في حرب شديدة ضد إحياء التراث، وتقررون أن التحذير منهم أوجب من التحذير من غيرهم، وتزعمون أنهم أخطر على السلفية من اليهود والنصارى، ومنكم من يبدعهم ويضللهم صراحة، بل وينكر بشدة على من لا يبدعهم، وتقولون إنكم تختلفون معهم عقدياً.

فانحرافهم العقدي وضلالهم المنهجي عندكم أمر مُسَلَّمٌ به غير قابل للنقاش، ولا يحتمل فيه الاختلاف، ولكي لا يظن ظان أني أبالغ في ذلك، وللتوكيد على مصداق كلامي؛ فليقرأ من شاء ما كتبه الأخ الدكتور أحمد بازمول وهو قرين وزميل وصنو الأخ الدكتور خالد بن ضحوي، قال بالحرف الواحد في تعقيبه على الشيخ الدكتور فلاح بن إسماعيل مندكار:

(فأقول مستعيناً بالله تعالى: للشيخ سالم الطويل عدة مخالفات:

عدم تبديعه لجمعية إحياء التراث الإسلامي، فهو لا يرى الخلاف مع جمعية إحياء التراث الإسلامي خلافًا عقديًا، بل يرى أنهم مخطئون، ويمكن أن نتعامل معهم ولا يُهجرون.

فقوله، وقول بعض الإخوة، وكذا قول الشيخ فلاح مندكار - حفظه الله تعالى -: "إن الشيخ سالم الطويل له خصومات، وله ردود على إحياء التراث وردود كثيرة".

نعم، مثل ما رد الحلبي على إحياء التراث وهو يصاحبهم ويؤاكلهم ويشاربهم ولا يضللهم ولا يبدعهم.

وأما مطالبتك يا دكتور فلاح - في تسجيل جديد - بمعرفة ردودي على جمعية إحياء التراث التي لا تساوي قدر ردود الشيخ سالم الطويل؛ فاعلم بارك الله فيك يا دكتور فلاح: أني وقفت على ضلالات هذه الجمعية وسرت مع العلماء الكبار الذين يبدعونها، بخلاف موقف الشيخ سالم الطويل الذي لم يبدعهم ويضللهم - بل يصاحب بعض التراثيين وله علاقة طيبة معهم - مخالفاً في ذلك موقف العلماء السلفيين.

ثم هل العبرة بالكثرة والكم؟

هل المنهج السلفي ينظر للكم ولو كان غير سليم؟

أم أنه ينظر للحق وأنه الجماعة ولو قل عدده؟

فالعبرة بالحق، فأنا بحمد الله تعالى بدعتهم وضللتهم في كلماتي ودروسي اتباعاً للحق الذي بينه العلماء، وهذا التبديع بمفرده يوزن جميع ردود الطويل الخالية من التبديع والتضليل)، انتهى كلام الدكتور أحمد بازمول قرين الدكتور خالد بن ضحوي.

فأقول: يا دكتور خالد وفقك الله للوضوح وقول الحق - ولو على نفسك والأقربين - هل توافق الدكتور أحمد بازمول؟

هل أنت كذلك تختلف مع إحياء التراث عقدياً، ولا ترى التعامل معهم وتقول بوجوب هجرهم، ولا تصاحبهم ولا تؤاكلهم ولا تشاربهم، وتضللهم وتبدعهم؟

أو كنت سابقاً توافق الدكتور بازمول واليوم تغيرت؟

أو لم تكن موافقاً له من قبل؟

فإن كنت لا توافقه، فما رأيك بكلامه؟

يا دكتور خالد لستُ وحدي الذي ينتظر جوابك، بل أقرانك وطلابك، بل ربما حتى التراثيون أنفسهم ينتظرون جوابك!!

وإياك يا دكتور خالد والتلون، فالتلون لا يليق بك فأنت الذي طالما ادعيت الوضوح، واليوم تتحول هذا التحول العجيب الذي أظهر أنك لست واضحاً، بل الذي يظهر أنك إذا لقيت الذين يبدعون إحياء التراث قلت: إنهم مبتدعة، وإذا لقيت التراثيين قلت: إني معكم، إنما نحن متعاونون في لجنة المناصحة!!

أما بلغك يا أخي ما رواه الشيخان في «صحيحيهما» عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ»؟!

ويا ليتك لما وقعت في تناقضاتك رجعت واعترفت بخطئك، ولكنك للأسف أخذت تتعلل بعلل ضعيفة وتتحجج بحجج واهية، قد لا تكون مقنعة لك ولا لأقرب الناس منك فضلاً أن يقتنع بها الآخرون!!

كقولك إنها لجنة حكومية!!

يا دكتور خالد هل تريد أن تقنع الناس أو بعضهم بأن الحكومة هي التي دعتك إلى الانضام للجنة المناصحة، وليس الدكتور وليد العلي أو غيره؟

هب أنك استطعت أن تقنع الناس أو بعض الناس بذلك، فهل يخفى على الله جل وعلا الذي {يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} [النحل: ١٩]؟

واعلم أني لا أنكر عليك انضمامك للجنة المناصحة للمنحرفين فكرياً، ولا أنكر عليك تعاونك مع إحياء التراث، لأني لا أبدعهم ولا أضللهم، لكن أنكر عليك تلونك وتناقضك، فبينما تبدع التراثيين تذهب وتتعاون معهم وتسلم عليهم وتتبسم في وجوههم وتؤاكلهم وتشاربهم!!

ألست أنت ومن معكم كنتم توردون بعض آثار السلف في التحذير من المبتدعة وتنزلونها على التراثيين؟!

فإن كان القول المأثور: (من صافح مبتدعاً نقض الإسلام عروة عروة) ينطبق على التراثيين فلماذا تصافحهم؟!

وإذا كان القول المأثور: (من خالط صاحب بدعة لم يعط الحكمة) ينطبق على التراثيين فلماذا يا دكتور تخالطهم؟!

أو يستثنى ذلك إذا كنتم في لجنة تحت مظلة حكومية!!

ومنذ متى تغيرت الأحكام الشرعية باعتبار المظلات يا دكتور خالد؟!

فالحرام حرام سواء كان تحت مظلة حكومية أو شعبية أو أهلية أو جمعية أو حزبية، ولا أدري كيف والله يصدقك بعض الناس بهذه الحجة العليلة بل الميتة؟!

بل أسألك بالله العظيم إذا كان القول المأثور: (من تبسم في وجه صاحب بدعة فقد استخف بما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم) ينطبق على التراثيين فهل يصدقك عاقل يا دكتور أنك لم تتبسم في وجوههم لما اجتمعت معهم في شاليه جمعية التراث في الدوحة، ولما التقطت لكم الصور التذكارية؟!!

وإذا كان القول المأثور: (آكل مع يهودي ونصراني ولا آكل مع مبتدع) ينطبق على التراثيين إذاً يا دكتور لماذا أكلت من البوفيه المفتوح في شاليه إحياء التراث؟!

هل الحكومة أجبرتك على الأكل؟!

لو فرضنا جدلاً أن الحكومة أجبرتك على مجالسة ومخالطة ومؤاكلة التراثيين والسلام عليهم والتبسم في وجوههم فلماذا تطيع الحكومة في ذلك؟

ألا تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ»؟!

لا تقل كنت مجبوراً، فأنت مجبور على ماذا؟ على العمل في لجنة تطوعية أو على زيارة الشاليه أو على السلام عليهم أو على التبسم في وجوههم أو على الكلمة التي ألقيتها عندهم وتم تصويرها بالفيديو، أو على الصور التذكارية التي التقطت لكم؟!

ثم هب أن بعض طلابك صدقك بأنك مجبور ومكره على ذلك، فلماذا تأكل من البوفيه المفتوح؟! لماذا لم تخرج من الشاليه وتأكل مع يهودي أو نصراني فهذا أهون عندكم من الأكل مع التراثيين المبتدعة بزعمكم أليس كذلك!!؟

يا دكتور خالد لأن تعود إلى الحق والله أحب إلي من أن تتمادي فيما أنت فيه، دع عنك الغلو، وأحب في الله، وابغض في الله، وأعط لله، وامنع لله، ودع عنك تقريرات بازمول وتأصيلات العنجري، وتذكر ما رواه البخاري في «صحيحه»، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ»، كن معتدلاً في منهجك، وتأمل سيرة الشيخين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله تعالى، وكيف كانا يتعاملان مع المسلمين على جميع طبقاتهم، فلا إفراط ولا تفريط.

أسأل الله تعالى لي ولك التوفيق والسداد وأن يجعل لنا من أمرنا رشداً.

والحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات