من غرائب الأخ محمد بن عثمان العنجري غفر الله له ولوالديه [١-٣]
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
ففي إحدى زياراتي الدعوية إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإقامة بعض الدروس العلمية في التوحيد والعقيدة والفقه وما تيسر، من تعليم المسلمين مراتب الدين وأركانها: (الإسلام والإيمان والإحسان)، وصفة الوضوء والغسل والصلاة، وإلقاء بعض الخطب والمحاضرات، ودعوة بعض الزائرين من غير المسلمين للإسلام من الذين يرغبون بالتعرف على الإسلام عن قرب، في هذه الفترة اتصل بعض الشباب من بلاد الغرب على الأخ الكريم محمد بن عثمان العنجري بصفته كويتياً يسألونه عني وهذا نص السؤال - مترجماً -:
«هناك سؤال يا شيخ - حفظك الله - يقول فيه السائل: إن هناك رجلاً يزور أمريكا من الكويت في الوقت الحاضر والإخوة يرغبون في معرفة المزيد عنه وإذا كان بإمكانهم الذهاب والجلوس معه والإستفادة منه؟ واسمه الشيخ سالم الطويل.
فالإخوة يحبون أن يعرفوا منكم بعض التوضيح فيما يتعلق بهذا الفرد من الكويت؟ نعم يا شيخ».
فأجاب الأخ محمد العنجري حفظه الله وغفر الله له ولوالديه- فقال: «الجواب عن هذا السؤال: هذا الرجل إذا سألته عن التراث ومنهجهم - على سبيل المثال -: هل هو [أي منهجهم] سني أم بدعي؟ سيقول: لا هم على طريق أهل السنة، ولن يقبل - على سبيل المثال- أن يقول إنهم على طريق أهل البدعة.
أيضاً إذا سألته عن ابن جبرين، الذي يعطي الإذن للناس بالذهاب إلى العراق للجهاد، سيقول: هو عالم، وبإمكاننا الاستماع إليه، وهذا خطأ [أي الفتوى بالذهاب إلى العراق للجهاد]، لكنه عالم ولا نستطيع القول بعدم السماع إليه.
ولكن هذين مثالين على منهج هذا الشخص، ويمكن لأي أحد أن يسأله هذين السؤالين - وأنا أقول على سبيل المثال - ويعرف منهج هذا الشخص.
بخصوص جمعية إحياء التراث، ما هو السؤال الذي يفترض أن يكون؟ هل هم على منهج سني أم بدعي؟ واضح؟
والسؤال الثاني: - وأنا أقول على سبيل المثال - ابن جبرين هل نستمع إلى أشرطته؟
فانظر إلى جوابه وستعرف منْ هو هذا الشخص)
انتهى موضع الشاهد من جوابه، وقد تمت ترجمته إلى اللغة العربية لأنه قاله بالإنجليزية. وقد تم تسجيل السؤال والجواب نشره في الإنترنت، ليتم التحذير والتعميم لأكبر قدر ممكن!!
أقول: إن الأخ محمداً - غفر الله له - للأسف - لا نصرني ولا كف لسانه عني، ولا أدري والله ما الحكمة في ذلك، سبحان الله كأني الضيف الوحيد الذي يسافر إلى أمريكا، أو كأني أخطر ضيف على أمريكا، أو أن زيارتي قد تفسد أمريكا وأهلها!!
والغريب أنه أشار إليهم لكي يعرفوا منهجي أن يسألوني عن الشيخ عبد الله بن جبرين - رحمه الله تعالى - الذي ما رأيته في حياتي إلا مرتين أو ثلاثاً ، ولا درست عليه في حياتي قط، ولا أذكر في حياتي أني أحث الناس لسماع أشرطته، ولا أذكر في حياتي أني سمعت له شريطاً كاملاً، فما وجه السؤال؟ وكيف سيفهمون منهجي من خلال سؤالهم إياي عن الشيخ ابن جبرين رحمه الله تعالى؟
ثم الأخ محمد لم يبين للسائل ما يعرفه عن منهجي بعبارة صريحة واضحة، لكي يستفيدوا من جوابه ولعلي أستفيدُ أيضاً إن كان في كلامه فائدة، فأين الوضوح الذي يزعمه؟!
ومن غرائب الأخ محمداً العنجري أنه يزعم التمسك بمنهج العلماء الأكابر، ودائماً يقول أنه مع الأكابر، والحقيقة أن دعواه هذه بعيدة عن واقعه، ويظهر ذلك جلياً من إجابته على سؤال السائل، والذي اعتبره حجة وبياناً لتحديد منهجي!!
ولو سئل سماحة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله تعالى - عن الشيخ عبد الله بن جبرين - رحمه الله تعالى- أي سؤال محمد العنجري نفسه الذي زعم بأن بالجواب عليه يظهر منهج الرجل، فكيف سيكون جوابه؟
أظن أن من قرأ كلام الشيخ الفوزان بإنصاف وعنده شيء من التقوى، سيتبين له ما عليه الأخ محمد العنجري.
وإليك أخي القارئ الكريم كلام سماحة الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله تعالى : (ما أعرفه عن الشيخ عبدالله بن جبرين رحمه الله
الأخ الشيخ العالم الفاضل عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، عرفته منذ قدمت إلى الرياض عام ١٣٧٨ هـ للدراسة.
الشيخ درس على المشايخ في مختلف الفنون، ثم التحق بالدراسة النظامية في معهد إمام الدعوة ثم في كلية الشريعة، ثم في المعهد العالي للقضاء، وحاز على الماجستير والدكتوراه.
واشتغل بالتدريس في الشريعة زميلاً لي في ذلك، ثم انتقل إلى عضوية الإفتاء إلى أن تقاعد وكان إلى جانب عمله في التدريس والإفتاء يدرس الطلاب في المساجد ويشتغل بالدعوة إلى الله يتجول في بلدان المملكة لإلقاء المحاضرات وإقامة الدورات العلمية، وزيارة المدارس للإرشاد والتوجيه.
وهكذا كان كل وقته في الإفتاء والدعوة والتدريس ومناقشة الرسائل العلمية في الماجستير والدكتوراه، ويشرف على بعضها إلى جانب إنتاجه العلمي من المؤلفات والرسائل والفتاوى المطبوعة.
وقد ملأ الأشرطة بالمحاضرات والدروس واللقاءات العلمية، وما زال على عمله الخيري النافع الذي تخرج عليه الأفواج من طلبة العلم.
كان ملازماً لمنهج السلف الصالح في العلم والعمل والاقتداء، إلى أن وافاه الأجل وفقده المسلمون وبكوا عليه، ولكن بقيت آثاره يجري عليه أجرها إن شاء الله؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عَمَلٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».
وإننا لنرجو له حصول هذه الثلاث، وأن يجزيه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
كتبه/ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة العلماء في ١٩- ١١- ١٤٣٢ هـــ» انتهى كلامه بحروفه، من كتاب البيان لأخطاء بعض الكتاب (166-165/4)
والآن ننتظر تعليق الدكتور طارق بن حسين السبيعي أولاً ثم تعليق الأخ محمد العنجري الذي يزعم أنه واضح، ليبين للإخوة المساكين الذين في الغرب والذين وثقوا به وأحسنوا به الظن فهو عندهم الناصح الأمين، العالم بمنهج السلف المستقيم، فليبين لهم ما منهج الشيخ صالح الفوزان بعد الذي كتبه في الشيخ ابن جبرين رحمه الله تعالى!!
أقول: إن المنهج الصحيح الذي قد لا يحسنه الأخ محمد العنجري هو أن ينتقد العالم أو الشيخ أو طالب العلم أو أي إنسان بما عنده من الخطأ أو الانحراف إن وجد فحسب ولا نتعدى ذلك ولا نظلم أحداً، فالظلم ظلمات يوم القيامة، فلا يجوز أن نهدم وننسف كل فضل أو عمل لمن انتقدناه أو اختلفنا معه، فالشيخ عبد الله بن جبرين - رحمه الله تعالى - مثلاً لا شك عليه مآخذ، وعنده أخطاء، ومنها مآخذ كبيرة، كتزكيته للتبليغ، والإخوان، ولبعض الشخصيات المشهورة من المنحرفين، فلا يتابع على ذلك، وهذا معنى كلام السلف المأثور: «كل يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فالشيخ ابن جبرين - رحمه الله - كغيره يؤخذ منه ويرد عليه، ولا يلزم كل رد على أحد أن ذكر حسناته بجانب سيئاته، كما يزعم ذلك أصحاب منهج الموازنات، وأيضاً لا نتخذ من الشيخ ابن جبرين ولا غيره بلاء نختبر به منهج الرجل بالسؤال عنه، ثم يبنى على جوابه استقامة منهج الرجل من عدمه، كما لا يجوز أن تتخذ من أخطائه مادة للتغريد بها في التوتر فيستمر بعض الناس في سبه وشتمه.
فهذا المنهج لا شك مما لا يعرفه أهل العلم، ولم يأمروا به ولا يقرونه، وإنما هو من غرائب الأخ محمد العنجري وبعض الإخوة معه هداهم الله إلى صراطه المستقيم.
والمشكلة التي عند الأخ محمد العنجري ومن معه كالأخ الدكتور طارق السبيعي والأخ أحمد السبيعي والأخ الدكتور خالد بن ضحوي والأخ زيد بن حليس وتلميذه الأخ الدكتور فواز العوضي أنهم جعلوا آراءهم الشخصية هي الأصل الذي يبنى عليه منهج السلف وكل من خالفهم، فقد خرج عن منهج السلف أو يكاد، فإن كان الذي خالفهم من كبار العلماء كالشيخ ابن باز والشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين والشيخ الفوزان والشيخ عبدالمحسن العباد والشيخ المفتي عبدالعزيز آل الشيخ وغيرهم، سكتوا عنه ظاهراً وقالوا في مجالسهم الخاصة لقد أخطأ الشيخ فلان!!!
ومن أراد أن يتأكد من صحة كلامي فليعرض عليهم كلام الشيخ الفوازان في الشيخ ابن جبرين رحمه الله تعالى، وليستمع ماذا سيقولون له.
بينما هؤلاء الأخوة هداهم الله تعالى إذا قال قائل بأقوال العلماء المخالفة لآرائهم الشخصية فممكن أن يصدروا فيه أحكاماً ويلقبوه بألقاب قبيحة كأن يقولوا عنه: مذبذب، متستر، مميع، حزبي، يدافع عن الحزبيين، غير واضح، غير ضابط للمنهج، مريض، حاسد، مندس، من بطانة الأحزاب، من بطانة الجماعات، سيئ الخلق، إلى آخر هذه الألقاب التي يلمزون بها طلبة العلم نسأل الله العافية والسلامة.
وأقول أيضاً: إن علماء أهل السنة لم يوافقوا أصحاب منهج الموازنات ولا أصحاب منهج الحدادية، فهذان مذهبان باطلان، فمنهج العلماء هو منهج الحق والإنصاف، لا الظلم والإسراف.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «وَالْجَاهِلُ الظَّالِمُ يُخَالِفُك بِلَا حُجَّةٍ وَيُكَفِّرُك أَوْ يُبَدِّعُك بِلَا حُجَّةٍ، وَذَنْبُك رَغْبَتُك عَنْ طَرِيقَتِهِ الْوَخِيمَةِ، وَسِيرَتِهِ الذَّمِيمَةِ، فَلَا تَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ هَذَا الضَّرْبِ، فَإِنَّ الْآلَافَ الْمُؤَلَّفَةَ مِنْهُمْ لَا يُعْدَلُونَ بِشَخْصٍ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالْوَاحِدُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُعْدَلُ بِمِلْءِ الْأَرْضِ مِنْهُمْ» إعلام الموقعين (٣٨٨/٥).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ النُّورُ الصَّافِي بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا النُّورُ الَّذِي لَيْسَ بِصَافٍ، وَإِلَّا بَقِيَ الْإِنْسَانُ فِي الظُّلْمَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعِيبَ الرَّجُلُ وَيَنْهَى عَنْ نُورٍ فِيهِ ظُلْمَةٌ، إلَّا إذَا حَصَلَ نُورٌ لَا ظُلْمَةَ فِيهِ، وَإِلَّا فَكَمْ مِمَّنْ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ يَخْرُجُ عَنْ النُّورِ بِالْكُلِّيَّةِ إذَا خَرَجَ غَيْرُهُ عَنْ ذَلِكَ؛ لِمَا رَآهُ فِي طُزرُقِ النَّاسِ مِنْ الظُّلْمَةِ.
وَإِنَّمَا قَرَّرْت هَذِهِ "الْقَاعِدَةَ" لِيُحْمَلَ ذَمُّ السَّلَفِ وَالْعُلَمَاءِ لِلشَّيْءِ عَلَى مَوْضِعِهِ» مجموع الفتاوى الفتاوى (٣٦٤/١٠). أخي القارئ الكريم لم انته من بيان غرائب الأخ محمد العنجري فتابعني في مقالات قادمة إن شاء الله تعالى.
والحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.