هذا ليس مستغرباً من الشيخ محمد بن هادي هداه الله تعالى
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فلقد قرأت خبراً انتشر مؤخراً عن الشيخ محمد بن هادي المدخلي المدني - الدكتور في الجامعة الإسلامية - يوصي بعدم السماع للشيخ صالح بن سعد السحيمي حفظه الله تعالى!!
فأرسلت إليه الرسالة التالية:
من سالم بن سعد الطويل إلى الشيخ محمد بن هادي المدخلي وفقك الله لهداه.
السلام عليك ورحمة الله وبركاته؛؛؛؛؛
أخي الكريم، لقد انتشر عنك مؤخراً كلامٌ خلاصته أن كل من يزكي الشيخ الدكتور إبراهيم الرحيلي لا يُسمع له، ومنهم الشيخ صالح السحيمي، وقد مضت بضعة أيام على انتشار هذا الخبر، ولم يبلغني إلى هذه الساعة أنك أنكرت صدوره عنك، فأحببت أن أتأكد من صحة ما نسب إليك، فأرجو الإفادة.
وجزاك الله خيراً، وبارك الله فيك، وغفر الله لك ولوالديك وللمسلمين.
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
انتهت الرسالة.
ثم انتظرته بضعة أيام لعله يرد علي، لكن للأسف لم يرد، ولا أدري إن كانت رسالتي بلغته أم لا، ولكن على كل حال الخبر قد شاع وانتشر، وليس غريباً ولا بعيداً عن الشيخ محمد بن هادي - هداه الله لهداه - أن يحذر من السماع والحضور والدراسة عند كل من لم يوافقه في الشيخ الدكتور إبراهيم الرحيلي، حتى إني سمعت كلاماً مسجلاً للأخ محمد العنجري - وهو أحد أتباعه - يصف من لا يتكلم في الشيخ إبراهيم الرحيلي بالمذبذب!!
وللأسف هذا المنهج قد أضر كثيراً في الدعوة السلفية في كثير من بلاد المسلمين وفي بلاد الغرب، وتسبب في شق صف أهل السنة، وأضعفهم وجعل الناس يتشمتون بهم، وهذا أسلوب لم يعرف من قبل عند علماء أهل السنة، فالعلماء ولو اختلفوا فيما بينهم ورد بعضهم على بعض لا يفعلون ما يفعله الشيخ محمد بن هادي غفر الله له ولوالديه.
ولا يخفى على من عنده أدنى متابعة لحال العلماء ذلك الخلاف الكبير الذي جرى بين الشيخين الإمامين الكبيرين ابن باز والألباني - رحمهما الله تعالى - في مسألة عظيمة مصيرية، وهي حكم الاستعانة بالمشركين وبالجيوش الغربية في حرب الخليج الثانية أو حرب تحرير الكويت من احتلال صدام حسين وجيشه عام 1410 هــ الموافق 1990 م.
وقد حصل بينهما أخذ ورد وكل منهما أدلى بدلوه وبين وجهة نظره، وذكر رأيه، وأفتى بما يدين الله تعالى به، ومع ذلك لم يعتدِ أحدهما على الآخر، ولم يشنع أحدهما على الآخر، ولم يحزب أحدهما الناس على شخصه أو على رأيه ضد الآخر، بل بقيت المحبة والمودة بينهما والاحترام المتبادل، حتى توفاهما الله عز وجل وكل واحد منهما يثني على الآخر.
فلم يقل أحدهما لا تسمعوا لفلان، أو لا تحضروا لفلان، فرحمهما الله تعالى فقد كانا أسوة حسنة لمن أراد أن يقتدي ويهتدي بإذن الله الكريم العلي.
أما اليوم - الله المستعان - نجد مصادرة تامة، حتى العالم الكبير فضلاً عن طالب العلم لا يحق له أن يختار قولاً أو يبدي رأياً أو يتخذ موقفاً يخالف فيه فلاناً أو فلاناً!!
بل والله الذي لا إله إلا هو، حتى لو سكت فلا يسعه السكوت، لأن بعض الناس لا يرضى بسكوته!!
وأقول وبكل صراحة ومن غير تحفظ: إن بعض الناس جعل على نفسه قدسية خاصة منهم الشيخ محمد بن هادي غفر الله له، نعم هو كذلك شعر أو لم يشعر، لا يحق عنده لأحد أن يخالفه أو يخطئه، ولا أن يستعمل عقله ولا أن يبدي رأيه!!
وليس غريباً أن يقرر الشيخ محمد أو غيره نظرياً فيقول كل إنسان يخطئ، وكل يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من أحد معصوم ولا قوله ملزم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى آخر هذا الكلام النظري الجميل والتحقيق المفيد، لكن عملياً من خالفه قال فيه ما لم يقله مالكٌ في الخمر.
أقول: للأسف الشيخ محمد بن هادي تمادى كثيراً وأسرف أكثر في هجومه وتعديه على المشايخ السلفيين ودعاة السنة، بلغ فيه الأمر أن يكتفي بكلمة واحدة مبهمة ليحرم الشباب المساكين في بعض البلاد وخصوصاً في أوربا وأمريكا، يحرمهم من الاستفادة من الدروس والمحاضرات العلمية السنية السلفية، كقوله فلان الرحيلي رقم اثنين، وفلان الرحيلي رقم ثلاثة، وفلان يدافع عن الرحيلي!!
سبحان الله ليت شعري لماذا لا يحصر خلافه مع الشيخ إبراهيم الرحيلي فيما بينه وبينه؟!
لماذا لا يتحاكم معه عند المشايخ والعلماء لتتم التسوية بينهما؟!
أو لماذا لا ينتظر ما يقضي به القاضي الشرعي بينهما؟!
لماذا يتم تصدير الخلافات من المدينة إلى كل القارات عبر النت والقنوات، حتى نتج عن ذلك الخلافات والنزاعات والانشقاقات؟!
ألا يفكر بحال المسلمين الجدد الذين لا يعرفون من الإسلام إلا قليلاً؟!
ألا يفكر بحال المبتدئين الذين لا يحسنون قراءة الفاتحة؟!
والله لا أدري ما جواب الشيخ محمد بن هادي لو سأله سائل فقال: عندي أشرطة مسجلة للشيخ صالح السحيمي في شرح كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد قد اقتنيتها قبل أن تحذرنا منه، واستفد منها كثيراً فماذا أفعل بها الآن؟
هل أتلفها أم أحتفظ بها بحيث إذا رجع الشيخ صالح السحيمي عن دفاعه عن الشيخ إبراهيم الرحيلي أرجع إليها؟
وماذا أفعل بنسختي الخاصة من كتاب التوحيد وقد كتبت عليها تعليقات استفدتها من الشيخ صالح السحيمي، هل أمزقها أم أحتفط بها ولا أنظر فيها حتى يتراجع الشيخ صالح السحيمي؟
أقول: قد يظن ظان أن هذا السؤال من نسج الخيال، والأمر ليس كذلك، وأذكر أن امرأة اتصلت بي هاتفياً بعد ما أعلن بعض الناس حملة مقاطعة منتجات الدانمارك نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت في اتصالها: (فتحت الثلاجة فوجدت فيها حليباً دانماركياً، أقسم بالله أقسم بالله أقسم بالله إنما اشتريته لأولادي قبل إعلان المقاطعة، وأولادي لا يشربون إلا هذا النوع من الحليب، فهل يجوز أن يشربه أولادي؟)
سبحان الله! هذه المرأة في الكويت هكذا تفكيرها، فكيف بحدثاء العهد بالإسلام في أوروبا؟!
يا شيخ محمد بن هادي، أوصيك بتقوى الله جل وعلا، وتذكر الوقف بين يدي الله تعالى، فلا تصد عن سبيل الله، ولا تحرم الناس من الخير، ودع المسلمين يستفيدون من دعوة التوحيد والسنة ويتعرفون على العلماء السلفيين، فاليوم الشيخ صالح السحيمي في زيارة دعوية علمية في فرنسا، وهو رجل كبير وضرير ويتحمل مشاق السفر في سبيل الله ليدعو إلى التوحيد والسنة، والشباب الفرنسيون في الوقت نفسه في التويتر يتنازعون بينهن بسبب كلامك هل نحضر له أم لا نحضر؟
وقد انقسموا فمنهم من يقول نحضر، ومنهم من يقول لا نحضر، ومنهم من يقول لا يعب بعضكم بعضا، من أحب الحضور فليحضر ولا ينكر على من لا يحضر، ومن أحب أن لا يحضر فلا يحضر ولا ينكر على من يحضر!!
إنا لله وإنا إليه راجعون، هل يرضيك هذا الحال يا شيخ محمد بن هادي؟
بل هل يرضي الله تبارك وتعالى هذا الحال؟
أسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا، ويؤلف بين قلوبنا، ويقينا شر نفوسنا.
والحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.