موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

اتق الله يا شيخ ناصر شمس الدين ولا تتعدّ حدوده

16 شعبان 1436 |

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فلقد خالف الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق عامة علماء أهل السنة لما أضاف قسماً رابعاً للتوحيد سماه «توحيد الحاكمية»، وهذا القسم لم يسبقه إليه أحد من أهل العلم فيما أعلم، ولعله تبع في ذلك سيد قطب، وكل من له معرفة بالعلم وأهله يعرف جيداً أن سيد قطب ليس من أهل العلم.

ولما كان الأخ الشيخ ناصر شمس الدين - إمام مسجد ضاحية القادسية في الكويت - من أبرز طلاب الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، وممن تربى على يديه ويوافقه كثيراً فيما يذهب إليه، ويؤيده في تقسيم التوحيد إلى أربعة أقسام، أرسلت له كلاماً لشيخنا محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - أنكر فيه على من أضاف للتوحيد قسماً رابعاً، وكان إنكاره شديداً، لذا - والله أعلم - الأخ الشيخ ناصر أغاظه كلام شيخنا ابن العثيمين رحمه الله تعالى. وللفائدة إليك أخي القارئ الكريم نص الكلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

السائل: أحسن الله إليكم ما تقول - عفا الله عنك - فيمن أضاف للتوحيد قسماً رابعاً سمَّاه «توحيد الحاكمية»؟

الشيخ ابن عثيمين: نقول إنَّه ضال، وهو جاهل، لأن «توحيد الحاكمية» هو توحيد الله - عزَّ وجل -، الحاكم هو الله - عزَّ وجل -، فإذا قلت التوحيد ثلاثة أنواع كما قاله العلماء، توحيد الربوبية فإنَّ «توحيد الحاكمية» داخلٌ في الربوبية، لأن توحيد الربوبية هو توحيد الحكم، والخلق، والتَّدبير لله - عزَّ وجل -، وهذا قولٌ مُحدث مُنكر.

وكيف «توحيد الحاكمية»؟!

ما يمكن أن توحد حاكم، أما أن يكون حاكم الدُّنيا واحدًا، فهذا قولٌ محدث مُبتدع ومُنكر، يُنكر على صاحبه، ويُقال له إن أردت الحكم فالحكم لله وحده، وهو داخل في توحيد الربوبية، لأنَّ الرَّب هو الخالق المالك المدبر للأمور كلها، فهذه بدعةٌ وضلالة» انتهى كلام شيخنا ابن عثيمين رحمه الله تعالى وجزاه الله عنا خيراً.

ثم للأسف الذي يظهر أن الأخ الشيخ ناصر شمس الدين لم يستفد من كلام الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - ولم يقتنع به، ولم يجد رداً علمياً يرد به عليه، فما كان منه إلا أن أرسل لي رسالة غريبة لا تليق به بصفته شيخ وإمام مسجد ومن طلاب الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، قال لي فيها بالحرف الواحد: «كذاب، داعية فتنة وتحريش!!!

حمار!!!

أحقد من جمل!!!» انتهى كلامه.

هداني الله وإياه إلى أحسن الأخلاق!

يؤسفني جداً هذا الأسلوب الذي ينتهجه بعض طلاب الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في الرد والنقاش، أين هؤلاء من قول الله تعالى: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [البقرة: ٨٣]، وقوله تعالى: ﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا ﴾ [الإسراء: ٥٣]؟!

ألا يخشى المسلم على حسناته؟! ألم يسمع بحديث أبي هريرة رضي الله عنه «المفلس» الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم :«أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» رواه مسلم (2581)؟!

سبحان الله! ما الذي قلته له حتى يرد علي بهذا الكلام؟

كان الأولى به والأوجب أن يناصح شيخه عبد الرحمن عبد الخالق، ويذكر له كلام الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - ليستفيد منه ولعله يتراجع عن خطئه، أو يرد عليه رداً علمياً ويبين وجهة نظره، فالشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - بَيّنَ أن القول بــــ«توحيد الحاكمية» قول محدث مبتدع، وقائله ضال وجاهل، فليثبت الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق أو أحد طلابه بأن تقسيم التوحيد إلى قسم رابع اسمه «الحاكمية» تقسيم صحيح، وليذكر لنا من سبقه من العلماء إلى ذلك.

وليبين لنا الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق أو تلميذه الشيخ ناصر شمس الدين أو غيره حكم من ترك «الحاكمية»، فهل يعتبر تاركاً للتوحيد؟

وما حكم من شرع دستوراً وضعياً وأقام دولة مدنية لا دينية؟

منذ نحو أربعين عاماً والشيخ عبد الرحمن عبد الخالق يقرر «توحيد الحاكمية»، وذكر ذلك في رسالته «الأصول العلمية للدعوة السلفية» التي طبعتها - بل وترجمتها أيضاً إلى لغات أخرى - جمعية إحياء التراث التي يترأسها الأخ المهندس طارق العيسى، أقول بعد عشرات السنين من تقرير «توحيد الحاكمية» وجدنا الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق يؤيد بل ويدعو إلى التصويت على الدستور الوضعي الذي تمت صياغته في فترة حكم الرئيس المصري السابق محمد مرسي، وهو دستور غير شرعي!!

سبحان الله العظيم! إذا حكم بالدستور من لا تشتهون قلتم: فلان أخل بـ«توحيد الحاكمية»، وإذا حكم من تشتهون قلتم: صوتوا له، وبايعوه، فإن في أعناقكم له بيعة!!

﴿ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾ [ص: ٥].

اتقوا الله يا مسلمون وقولوا قولا سديداً.

ملاحظة مهمة: تكرر السب والشتم من الأخ الشيخ ناصر شمس الدين، وأرسلت للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق أكثر من مرة وأخبرته بأسلوب تلميذه ناصر شمس الدين، وللأسف لم يكف عن السب والشتم، وقد ناصحته كثيراً جداً ما لا أحصيه، وذكرته بالله العظيم، وبينت له أن سباب المسلم فسوق، وأن الله تعالى يقتص من حسنات السباب الشتام يوم القيامة، وأيضاً - أخي الكريم - الشيخ فيحان الجرمان ناصحه، لكن للأسف ما زال يسب ويشتم، مع أني - والذي نفسي بيده - ما سببته ولا شتمته، وعفوت عنه مراراً وتكراراً لكن للأسف لا يزيده العفو إلا إصراراً.

وقد بينت له مراراً وما زلت أكرر عليه بأن السب والشتم أسلوب الضعيف الذي لا حجة له، فالحق لا يحتاج في نشره وتقريره إلى سب وشتم، فالحق أبلج والباطل لجلج. والله المستعان!

وأخيراً أقول ما قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى مع ما بيني وبينه من البون الشاسع، قال: «وَأَنَا فِي سِعَةِ صَدْرٍ لِمَنْ يُخَالِفُنِي، فَإِنَّهُ وَإِنْ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ فِيَّ بِتَكْفِيرِ أَوْ تَفْسِيقٍ أَوْ افْتِرَاءٍ أَوْ عَصَبِيَّةٍ جَاهِلِيَّةٍ، فَأَنَا لَا أَتَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ فِيهِ!» [مجموع الفتاوى: ٢٤٥/٣].

نعم لن أتعدى حدود الله فيك يا شيخ ناصر شمس الدين.

وهذا نص رسالتي للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق:

«من سالم بن سعد الطويل إلى فضيلة الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق حفظك الله تعالى

السلام عليك ورحمة الله وبركاته

لقد أرسلت كلاماً للشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - في «توحيد الحاكمية» في رسالة هاتفية لتلميذك الأخ الشيخ ناصر شمس الدين فرد علي بالرسالة التالية:

«كذاب، داعية فتنة وتحريش!!!

حمار!!!

أحقد من جمل!!!» انتهت رسالته بحروفها!

هذا للعلم، لتعرف أسلوب بعض طلبتك في تعاملهم مع المسلمين.

والله المستعان!

والسلام عليك ورحمة الله وبركاته».

والحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات