﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ﴾
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فلقد أرسلت رسالة إلى الأخ أبي محمد أحد طلاب الدكتور الشيخ طارق بن حسين السبيعي وفقه الله استنكرتُ فيها إصرار الشيخ طارق على قوله بإسلام بشار الأسد النصيري العلوي البعثي، فأرسل لي الرسالة الآتية :
«تكفير بشار ليست مسألة ينبني عليها ولاء وبراء، كما اختلف في تكفير الخوارج وقديما الشيعة، ولا يزال العلماء يختلفون في التكفير والتبديع حسب ما يظهر لهم» انتهت رسالته.
فأقول وبالله أستعين وعليه أتوكل وإليه أنيب: والله إني لأتعجب أشد العجب من إصرار الشيخ طارق - غفر الله له ولوالديه - ومن حوله من الإخوة على القول بإسلام بشار الأسد بعد ما ظهر للقاصي والداني عداء بشار وحقده الشديد على الإسلام والمسلمين، وإجرامه بأهل السنة خصوصاً، وبالمسلمين عموماً، وبالبشر بالأعم، فقد تولى وسعى في الأرض، فأهلك الحرث والنسل، وطغى في البلاد، وأكثر فيها الفساد، ومكن لأعداء الإسلام.
سبحان الله! وما زلوا يحسنون به الظن تارة، ويتورعون عن القول بكفره تارة، ويخالفون بذلك علماء المسلمين وعامتهم!!!
أخي الكريم - حفظك الله - أسألك بالله أن تبلغ سلامي للدكتور الشيخ طارق بن حسين السبيعي، وقل : له أعد النظر في كلامك وراجع العلماء، فلقد شوهتم السلفية، وشمتم بنا المخالفين، فبشار لم يبق معه إلا إيران وحزب الشيطان اللبناني الذي يسمى نفسه زوراً «حزب الله» والحوثي ودشتي أو خضري!
وأكاد أجزم أن أهل السنة - علماء وعامة - مقتوا بشاراً الأسد وتبرأوا منه ومن أفعاله، ومقتوا من يدافع عنه أو حتى يتعاطف معه، فليس فيه موضع ذرة للتعاطف.
يا دكتور طارق، إن كنت تدري فتلك مصيبة، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم، (بعض) الشباب الذين من حولك وحول صهرك الأخ محمد العنجري، وشقيقك أحمد السبيعي، يرسلون الرسائل الهاتفية ويناظرون الشباب في إسلام بشار، بل بالغ بعضهم فقال : بشار سني يصلي العيد ولا يجوز قتاله، ومن حقه أن يقتل السوريين لأنهم خرجوا عليه ولم يروا كفراً بواحاً!!
سبحان الله! وأي كفر بواح أكبر من كونه بعثياً ونصيرياً وباطنياً؟!!!
سبحان الله! لو قلتم لا يجوز الخروج عليه لعدم القدرة أو للمفاسدة المترتبة على الخروج، أو لعدم مشروعية الثورات لكنتم محقين في ذلك، لكن أن تقولوا لأنه مسلم سني يصلي العيد، فهذا ما لم يقله مسلم سني قبلكم - في ما اعلم- فلماذا الشذوذ؟! ولماذا خرجتم عن قول العلماء الأكابر وأنتم الذين طالما زعمتم بأنكم مع العلماء الأكابر؟!
ولقد لفت نظري قول الأخ أبي محمد - تلميذ الدكتور طارق السبيعي - عندما قال: «الخلاف في تكفير بشار»!!!
أقول: عن أي خلاف تتكلم؟!!!!
من خالف العلماء في كفر النصيرية الذين لم يدخلوا الإسلام أصلاً؟!
بل نص أهل العلم - ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - على أن النصيرية أكفر من اليهود والنصارى.
والخلاف المعتبر لا يمكن أن يكون في الكافر، فلو قال قائل بإسلام المجوسي أو البوذي فلن يكون معذوراً، وليس له في ذلك وجهة نظر، ولو قال الشيخ طارق إذا كان بشار نصيرياً علوياً فهو كافر، وهذا هو الأصل فيه، فإن ثبت أنه كفر بالنصيرية ودخل الإسلام ولم نعلم عنه ذلك؛ فسنكون حينئذٍ معذورين لأننا حكمنا على ظاهره.
ومن المعلوم أن الكافر لا بد أن يشهر إسلامه، ويعلن كفره بالدين الذي كان عليه قبل إسلامه، وحينئذ يعامل معاملة المسلمين، أما إذا أخفى إسلامه فلنا عذر عند الله إذا حكمنا عليه بالكفر، لأن الحكم إنما يكون على الظاهر والله يتولى السرائر.
فبشار الأسد معروف عند القاصي والداني، ومشهور على مستوى الإعلام المحلي والعالمي بأنه من الطائفة العلوية النصيرية، ولم يعلن خروجه منها، فبأي حق حكمتم عليه بالإسلام؟! بل وزعمتم أنه سني!!
ومن المعلوم شرعاً إذا ثبت إسلامه حرم الخروج عليه، حتى لو كان عند المسلمين قدرة للخروج عليه، ما لم يروا كفراً بواحاً فيه عندهم من الله برهان.
ومن الغريب العجيب في الأمر إلحاق فلان بفلان لوجود بعض التشابه أو الاتفاق بينهما واعتماد بعض القرائن، بينما كل هذه الأدلة والبراهين، والحروب القائمة، والإبادة للشعب وتشريده؛ لم تقتنعوا بها، ولم تلحقوا بشاراً الأسد بإيران وحزب الشيطان اللبناني!!!
ويا ليت شعري ما الفرق بين بشار الأسد وحسن نصر الله؟!
وأخشى والله أن الشيخ طارقاً السبيعي يقول بإسلام حسن نصر الله وحزبه الباطني أو يتوقف فيه!!
ولقد روى الشيخان في «صحيحيهما»، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قال رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الْأَرْضِِ»، فيا شيخ طارق بماذا ستشهد على بشار الأسد؟ بالتوحيد والسنة والعدل والاستقامة؟! أو بالنصيرية والبعثية وسفك الدماء، والإبادة للبشر بالصواريخ المدمرة والبراميل المتفجرة إلخ؟!
اتق الله ولا تأخذك العزة بالإثم.
وأما قول الأخ أبي محمد تلميذ الدكتور طارق السبيعي: «ولا يزال العلماء يختلفون في التكفير والتبديع حسب ما يظهر لهم».
فأقول: ﴿ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ﴾ [الكهف : ٦٤]، فلقد شنعتم وحذرتم وحاربتم وطاردتم من لم يتفق معكم في تبديع فلان أو فلان، لماذا لم تقولوا من قبل: «ولا يزال العلماء يختلفون في التكفير والتبديع حسب ما يظهر لهم»؟!!
أسأل الله تعالى لي ولكم التوفيق والسداد، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.