موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

كلا يا دكتور الشريعة صلاة الظهر لا تسقط عن من صلى العيد

6 شوال 1439 |

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :

فلقد أخبرني أحد الإخوة الكرام أن خطيب العيد ودكتور الشريعة قال في خطبة العيد :

"من صلى العيد يوم الجمعة فلا تلزمه صلاة الجمعة وتسقط عنه صلاة الظهر" !!

أقول : لقد تعجبت من هذا القول المهجور ، والذي لم يقل به عامة أهل العلم .

فبادرت بكتابة رسالة للدكتور لأتبين منه عن صحة ما نقل عنه .

فأرسلت له الرسالة التالية :

( من سالم بن سعد الطويل إلى الدكتور فلان .... حفظك الله تعالى .

السلام عليك ورحمة الله وبركاته بلغني عنك - إن صح الخبر - أنك قلت للناس بالأمس من صلى العيد فلا تلزمه الجمعة وتسقط عنه صلاة الظهر .

وللفائدة ومثلك يُذكَّر ولا يُعَلم .

إن القول بسقوط صلاة الظهر غير صحيح ، ومخالف لكلام عامة أهل العلم .

فمن صلى العيد ولَم يحضر صلاة الجمعة يلزمه أن يصلي الظهر ، وهذا قول عامة أهل العلم .

بارك الله فيك ونفع الله بعلمك .

والسلام عليك ورحمة الله وبركاته) .

وأرسلت له كلاماً نافعاً مفيداً للشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى .

وفتوى اللجنة الدائمة للإفتاء وفتوى صوتية مسجلة لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى ، وخلاصة الكلام أن صلاة الظهر فريضة الوقت لا تسقط ، والقول بسقوط صلاة الظهر قول مهجور ، وعامة أهل العلم قالوا بخلافه .

فرد علي بالرسالة التالية :

( وعليك السلام ورحمة الله وبركاته من فلان ..... إلى الشيخ سالم بن سعد الطويل حفظه الله تعالى وزاده من فضله ، أما بعد :

نعم قلت ذلك مُعْتمداً على ما قاله الشوكاني رحمه الله تعالى في النيل وما قاله العلامة الألباني رحمه الله تعالى في شريط مسجل بصوته . وهذا ما اقتنعت به بعد اطلاعي على أقوال أهل العلم في هذه المسألة وفقك الله ونفع بعلمك وجزاك عنّا خير الجزاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته )

انتهى كلامه .

ثم كتبت له الرسالة التالية:

( هل قرأت فتوى هيئة كبار العلماء التي أرسلتها لك ؟ أرجو مراجعتها . ثم بارك الله فيك وزادك من فضله ؛ لا يصلح نشر الأقوال الضعيفة والتي ليس عليها العمل عند عامة الناس . فلا يخفى على فضيلتك لو لم تقل للناس لا تصلوا الظهر فلن يضرهم ذلك في دينهم شيئًا .

ومن صلى الظهر فلن يلحقه إثمٌ ، ولن يعيب عليه أحدٌ ، وهو لَم يبتدع بدعةً ، ولَم يرتكب خطأً ولا ذنباً ولا حتى مكروهاً .

لكن إذا قلت لهم لا تصلوا ظهراً فمن لم يصلها فقد ترك فريضة الوقت وخالف عامة علماء الأمة وعرض دينه للنقص .

ولا يخفى على فضيلتك أن نشر هذا الرأي يربك العامة ، ومن المقرر عند أهل العلم أن من الأقوال ما هو (مهجور) ؛ لا سيما بعد تدوين السنة ، فلا يجوز نشره وإذاعته بين المسلمين ؛ ولو كان قولاً لصحابي أو تابعي أو إمام .

ثم ترك صلاة الظهر لا دليل عليه ، وغاية ما فيه أن ابن الزبير لم يخرج من بيته ، وهذا لا يدل على أنه ما صلى الظهر في بيته .

فكيف نقول للناس لا تصلوا الظهر وأدلة صلاة الظهر معلومة من الدين بالضرورة ؟!!!

أرجو إعادة النظر في فتواك وما سببته بين المصلين من إرباك ونزاع والله المستعان .

وفقك الله تعالى لكل خير .

والسلام عليك ورحمة الله وبركاته )

فما رد علي ولا عقب على رسالتي !! وأقول: سبحان الله ؛ السلف كانوا يتورعون عن الفتوى ، وكثير منهم يود لو أن غيره كفاه ، ومثل هذه المسألة قد أفتى بها من انتهت إليهم الفتوى في هذا العصر ، وقيدوها ونشروها ، فلماذا يتحمل أحدنا ويفتي الناس بخلاف المشهور والمعمول به بين المسلمين ؟!!

لو سكت الدكتور وترك المسلمين يصلون الظهر فما الذي يضره أو يضرهم ؟!

ثم صلاة العيد مختلف في حكمها ؛ هل هي فرض عين ، أو فرض كفاية ، أو مستحبة ، فكيف تسقط بها فريضة صلاة الظهر ؟!!

والذي نفسي بيده لا أدري ماذا سيقول الدكتور لو سأله سائل فقال : ماذا عليّ لو صليت الظهر ؟

هل سيقول له : يستحب أن تصليها ، أو الأحوط ، أو يكره في حقك ، أو لا يجوز ، أو ماذا ؟!!

وهنا رأيت أن أنقل كلام الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله تعالى في رده واستنكاره على من قال بسقوط صلاة الظهر ، لعل الله تعالى أن ينفع به من شاء من عباده .

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ ع. م. وفقه الله للخير آمين.

سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فنشفع لكم بهذا صورة الكتاب الوارد إلينا من سماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رئيس مجلس القضاء الأعلى، المشفوع به صورة من الكتاب الموجه لسماحته من الأخ الشيخ: م. ن. المتضمن ذكر بعض الفتاوى المنسوبة إليكم؛ ولكون الفتاوى المشار إليها مخالفة للأدلة الشرعية، ولما عليه جماهير أهل العلم، رأينا الكتابة إليكم في ذلك مؤكدين عليكم في عدم العود إلى مثل هذه الفتاوى، وأن يكون عندكم من العناية بالأدلة الشرعية، والتثبت في الأمور، والتشاور مع إخوانكم من أهل العلم فيما قد يشتبه عليكم حتى لا تقدموا على الفتوى في المسائل الخلافية، إلاّّ بعد تثبت وروية واقتناع بصحة ما ظهر لكم بالأدلة الشرعية، ولا يخفى على من لديه علم وبصيرة أن الأقوال الشاذة لا ينبغي لطالب العلم أن يعول عليها أو يفتي بها، [ ثم ذكر مسألتين إلى أن قال رحمه الله:] ومن المسائل المنسوبة إليكم أيضاً: سقوط الجمعة والظهر عمن حضر العيد فيما إذا وقع العيد يوم الجمعة، وهذا أيضاً خطأ ظاهر؛ لأن الله سبحانه أوجب على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة وأجمع المسلمون على ذلك والخامسة في يوم الجمعة هي صلاة الجمعة. ويوم العيد إذا وافق يوم الجمعة داخل في ذلك، ولو كانت صلاة الظهر تسقط عمن حضر صلاة العيد مع صلاة الجمعة لنبّه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك؛ لأن هذا مما يخفى على الناس فلما رخص في ترك الجمعة لمن حضر صلاة العيد ولم يذكر سقوط صلاة الظهر عنه علم أنها باقية؛ عملاً بالأصل واستصحاباً للأدلة الشرعية والإجماع في وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة، وكان صلى الله عليه وسلم يقيم صلاة الجمعة يوم العيد كما جاءت بذلك الأحاديث، ومنها: ما خرجه مسلم في صححيه عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الجمعة والعيد بسبح والغاشية، وربما اجتمعا في يوم فقرأ بهما فيهما جميعاً، أما ما روي عن ابن الزبير أنه صلى العيد ولم يخرج للناس بعد ذلك لصلاة الجمعة ولا لصلاة الظهر، فهو محمول على أنه قدم صلاة الجمعة واكتفى بها عن العيد والظهر، أو على أنه اعتقد أن الإمام في ذلك اليوم كغيره لا يلزمه الخروج لأداء صلاة الجمعة بل كلٌ يصلي في بيته الظهر، وعلى كل تقدير فالأدلة الشرعية العامة والأصول المتبعة والإجماع القائم على وجوب صلاة الظهر على من لم يصل الجمعة من المكلفين كل ذلك مقدم على ما فعله ابن الزبير رضي الله عنه لو اتضح من عمله أنه يرى إسقاط الجمعة والظهر عمن حضر العيد. وإن بقي لكم إشكال في ذلك فلا مانع من زيارتنا في الطائف أو المكاتبة في ذلك مع بيان وجه الإشكال حتى نوضح لكم إن شاء الله ما يلزم. ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر إخواننا للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يجعلنا جميعاً من الهداة المهتدين إنه جواد كريم، والجواب منكم بالالتزام بما ذكر منتظر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد عبد العزيز بن عبد الله بن باز)

جواب صدر من مكتب سماحته برقم 1308/1/خ وتاريخ 28/7/1397هـ.

أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً إلى التوفيق المبارك وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

المقالات