رسالة إلى السلفيين في كل مكان: لا تسمحوا للشيخ محمد بن هادي المدخلي يقودكم، فليس للسلفية قائد أو مرجعية إلا الكتاب والسنة.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فقد التقيت بأحد المشايخ الفضلاء من اليمن في مكة وتجاذبنا أطراف الحديث، وتطرقنا للخلاف والنزاع الشديد القائم بين الشيخين ربيع المدخلي ومحمد بن هادي، وأخبرني (أن الأكثرية مع الشيخ محمد بن هادي ولَم يبق مع الشيخ ربيع إلا القليل).
فأقول:
إن الأمور تجري بقدر الله تعالى، ولعل في نزاعهم خيراً كثيراً للسلفية والسلفيين الذين ذاقوا الأمرَّين من أحكام وأوامر "مجلس الشورى" المكوّن من أربعة مشايخ: ربيع المدخلي وعبيد الجابري ومحمد بن هادي المدخلي وعبد الله البخاري!!
وهذا المجلس ليس له أي صفة شرعية ولا نظامية، ولا نصّبهم ولي الأمر؛ وإنما هم الذين نصّبوا أنفسهم!!
والمجلس المذكور:
يبني أحكامه ويصدر أوامره عن طريق أتباعه وأتباع الأتباع، كأحمد بازمول وأسامة عطايا وعبد الله بن صلفيق وهاني بن بريك ومحمد العنجري وعادل منصور وأحمد السبيعي وأحمد الزهراني وغيرهم.
والقضاء والأحكام الخاصة بهذا المجلس لا يُنازع فيها مطلقاً.
ومن لم يكن معهم فليس بسلفي.
_ ومن لا يزورهم أو يتردد عليهم فالأصل التوقف في أمره حتى يتبين ولاؤه .
ومن لم يبدّع من بَدَّعوه ألحقوه به.
وتدخلوا في كثير من الأمور التي لا يحق لهم التدخل فيها، كالتدخل في مسائل الحرب والسلم، وهذا افتئات ظاهر على ولاة الأمر.
ولهم قضاء خاص خارج عن قضاة البلاد، فيأخذون على من شاؤوا العهود والمواثيق.
ويُؤَمِّرون أمراء ويعزلون آخرين، كما حصل في العراق.
بل بلغ الأمر بهم أكبر من ذلك؛ فعندما يُسْتَتاب التائب يُلزمونه بكتابة توبته لهم -بعيداً عن الجهات المناطة بذلك في البلاد-، ثم هم بدورهم ينظرون في أمره وبحسب نظامهم قد يقبلون توبته وقد لا يقبلونها، كما حصل مع الأخ أبي الفضل الليبي.
وهذا ظاهر جداً لكل من له اطلاع -ولو يسيراً- على حالهم ، لا سيما في بلاد الغرب وشرق آسيا وغيرها.
ورب ضارة نافعة -بإذن الله تعالى-، فنزاعهم أظهر كثيراً من الحقائق التي ربما كان كثير من المشايخ وطلبة العلم يعلمها؛ لكن لا يُصدّق إذا تكلم بها، إما لعدم وجود الأدلة الحسية كالتسجيلات والكتابات، أو لشدة تشويش "مجلس الشورى" عليه.
والشيخ اليمني السلفي الذي ألتقيت به أخبرني أن الشيخ محمد بن هادي تغير كثيراً! فأخذ يقرر في مجالسه العامة والخاصة أن ثمَّ أخطاء وقع فيها الشيخ ربيع بسبب الحاشية التي حوله من الصعافقة -على حد تعبيره-!!
وهذا الأمر غريب وعجيب، فالشيخ محمد بن هادي كان من أخص حاشية الشيخ ربيع ورفيق عمره ودربه، وأحد أعضاء "مجلس الشورى" الذي يترأسه الشيخ ربيع، فلماذا الآن يلقي باللائمة على غيره؟!
لماذا لا يُعلن الشيخ محمد بن هادي توبته، ويُصلح علاقته مع الذين تكلم فيهم بغير حق، بل وشهَّر بهم، وشوه سمعتهم وحرّض عليهم، وحذر من دروسهم ودعوتهم، بل وقد ظلم منهم من ظلم، وهذا أمر مشهور ومشهود ومعلوم، ولو أردتّ ذكر بعض الأسماء الذين ظلمهم لطالت القائمة، والله المستعان.
لقد عاب السلفيون على جمعية إحياء التراث -مثلاً- الذين شكلوا لأنفسهم "مجلس شورى" يديرون من خلاله الدعوة السلفية في العالم بحسْب نظرهم ورأيهم، فمن والاهم قرَّبوه وأعطوه دون غيره.
وأيضاً قد عاب السلفيون ما صنعه سفر الحوالي وسلمان العودة وناصر العمر، وذلك لمّا جمعوا الشباب حولهم وأمروهم باتباعهم في كل أمر ورأي يتخذونه، فما كان أتباعهم يصدرون إلا عن رأيهم.
ثم -ويا للأسف الشديد- وقع بعض السلفيين في ما عابوه على غيرهم: فسلموا القيادة المركزية لـ"مجلس الشورى" بقيادة الشيخ ربيع وأعضاء المجلس المشايخ عبيد الجابري ومحمد بن هادي وعبد الله البخاري.
وهذا الغلوُّ في التحزب أشبه ما يكون بأعمال الطرق الصوفية، الذين يعقدون الولاء والبراء على شيخ الطريقة والطاعة العمياء، فالمقرب من قربوه، والمُبعد من أبعدوه، والواجب تسليم المريد للكشف والإلهام الذي يصدر عن الشيخ.
أقول: إن هذا الأمر قد أضعف الدعوة، وشوّه سمعتها، وفرّق السلفيين، وجعل كثيراً من الشباب يزهدون في العلماء، ويعادي بعضهم بعضاً، بل ويبدع بعضهم بعضاً.
ويا للأسف.. هذا الأمر جعل أهل البدع والحزبيين يستغلون هذه المواقف من هؤلاء المشايخ -غفر الله لهم- ويعيرون السلفيين بها، بين الحين والآخر حتى وصل بهم الحال لنشر هذه المواقف في قنواتهم الفضائية وفي وسائل الإعلام ووسائل التواصل، ونشروا هذه المواقف في تقارير وحلقات إعلامية، واستغلوها في ضرب السعودية وولاة الأمر.
ويا للأسف الشديد.. إذا أراد المخالفون الطعنَ بالمشايخ وطلبة العلم السلفيين استدلوا بكلام اتباع مجلس شورتهم !!
وهذا التحزب والعمل الحزبي والتقليد الأعمى مرفوض وليس له مكان عند السلفيين، فالسلفية ترفض هذا بل وتحاربه، ولا يُقبل هذا الأمر حتى لو صدر من مشايخ محسوبين على السلفيين.
لذا رجائي بالله -عز وجل- كبير أن يوفق إخواني السلفيين وألا يكرروا تلك الحقبة الحرجة التي عصفت بالسلفية والسلفيين، وألا يغتروا بالشيخ محمد بن هادي، وليعتبروه كغيره من المشايخ، له قدر واحترام، ولكن ينبغي ألا يمنح صفة حزبية أو صوفية، وأن يستفيدوا من التجارب السابقة، فيُعطوه حقه من غير زيادة أو نقصان، وشأنه في ذلك كشأن أي شيخ من مشايخ أهل السنة، له ما لغيره من الإحترام والتقدير فحسب وبلا تطفيف.
وليس له حق التدخل في كل صغيرة وكبيرة، ويجب عليه أن يحترم العلماء والمشايخ وطلبة العلم، ويكف عن احتقار الناس وتجهيلهم.
وليس له الحق بتحزيب الشباب حوله ليأتمروا بأمره، وليس له الحق أن يلزم أحداً بالتواصل معه أو بزيارته.
والله تعالى أسأل أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والحمد لله أولاً وآخراً ،وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.