موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

يا دكتور محمد العيسى؛ لماذا لا تستفتي الشيخ العلامة صالح بن فوزان آل فوزان

2 ذو القعدة 1441 |

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فلقد مَنَّ الله تعالى على المملكة العربية السعودية بعلماء لا نظير لهم اليوم في العالم، من حيث تمسكهم بالتوحيد والسنة، والإفتاء بالدليل لا بالهوى، ومن غير تعصب مذهبي أو طائفي، مع البعد عن الشبه والشواذ من المسائل، ولم يتلوثوا بالتصوف والطرق والخزعبلات، حتى طلبة العلم يشدون الرحال لعلماء المملكة من كل مكان، وتأتيهم الاتصالات والرسائل من كل بلاد، حتى البلاد التي فيها الجامعات العريقة وأصحاب الشهادات العالية والألقاب اللامعة يتواصلون مع علماء المملكة ويثقون بعلمهم، ويلتمسون السنة والهدى عندهم، وهذا من فضل الله تعالى على بلاد الحرمين. ولما كانت تصريحات الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ووزير العدل سابقاً، قد أحدثت جدلاً واسعاً في الإعلام العربي والغربي، كان من المناسب جداً أن يراجع الدكتور العيسى العلماء ويستفتي الشيخ العلامة صالح بن فوزان آل فوزان أو غيره من كبار العلماء، لعل الله تعالى أن ينفعه بعلمهم. وليس في ذلك نقص ولا عيب، فقد قال الله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، فإن وافقوه على ما صرح به؛ ففي هذا تأييد وتعزيز لتصريحاته، وإن خالفوه ونصحوه؛ استدرك خطأه ورجع إلى صوابه، فالرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل . أولاً: من تصريحات الدكتور محمد العيسى التي أثارت الجدل: قوله (وقفتُ داعماً إلى جانب إخوتي اليهود، وقلت: لن يحدث هذا مرة أخرى مطلقاً بإذن الله لا لليهود ولا للمسلمين ولا للمسيحين). وقوله: (فعلاً البعض يفهم خطأً قول الله تعالى: {وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}، هذه الآية فيما يخص القبلة كما هو تفسير ابن عباس -رضي الله عنه-، وحتى لو كان غير القبلة فالمقصود القناعة الدينية، كل من الأديان له قناعته الخاصه به، ولن يرضَ فيما يخص العقائد حتى تقتنع بعقيدته، وإلا اتحدت الأديان في دين واحد. عندما نقول: إخواننا المسيحيون أو اليهود. أولاً: مصطلح الأخوة جاء في القرآن الكريم على معانٍ كثيره منها ... إلى أن قال: وهناك أخوة في أصل الخلق الإنساني، الإنسانية ترجع إلى أصل واحد تتأخى فيه، وإن اختلفت عقائدها، يقول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، من هنا جاء مصطلح الاخوة الإنسانية. البعض يفهم من كلمة الأخوة أنها تخص مَن هو على نفس الدين والقرآن على خلاف ذلك تماماً) انتهى كلامه. فهذه مسائل أخذت على الدكتور محمد العيسى وهي: ١/ التحفظ التام من تكفير اليهود والنصارى. ٢/ اعتبار اليهود والنصارى إخوة للمسلمين، لكنها ليست أخوة دين ولا أخوة نسب؛ وإنما أخوة بالإنسانية ونسب هذا الإصطلاح للقرآن . ٣/ تسمية النصارى بالمسيحيين. ٤/ دعم اليهود دعماً معنوياً أو مادياً. ٥/ عدم العداوة والبغضاء للمسالمين من اليهود والنصارى. ثانياً: فتاوى بعض العلماء لها ارتباط في ما صرح به الدكتور محمد العيسى: ١/ سئل سماحة الشيخ الوالد عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى-: ما حكم من لم يكفر اليهود والنصارى؟ الجواب: هو مثلهم، من لم يكفر الكفار فهو مثلهم، الإيمان بالله هو تكفير من كفر به، ولهذا جاء في الحديث الصحيح، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من وحَّد الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه وحسابه على الله). ويقول جل وعلا: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. فلابد من الإيمان بالله، وتوحيده والإخلاص له، والإيمان بإيمان المؤمنين، ولابد من تكفير الكافرين، الذين بلغتهم الشريعة ولم يؤمنوا، كاليهود والنصارى والمجوس والشيوعيين وغيرهم، ممن يوجد اليوم وقبل اليوم، ممن بلغتهم رسالة الله ولم يؤمنوا، فهم من أهل النار كفار، نسأل الله العافية) [مجموع فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن باز (٢٨/ ٤٦) ] ٢/ قال شيخنا محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى-: ومن قال: إن النصراني أو اليهودي أخ لي فهو مثلهم، يكون مرتدًا عن الإسلام؛ لأن هؤلاء ليسوا إخوة لنا، الأُخوَّة تكون بين المؤمنين بعضهم لبعض {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، أما هؤلاء فليسوا إخوة لنا، فإذا قال قائل: إنهم إخوة لنا في الإنسانية، قلنا: لكن هؤلاء كفروا بالإنسانية، ولو كان عندهم إنسانية لكان أول من يعظمون خالقهم- عز وجل-؛ وربهم الذي بعث إليهم الرسل، وأنزل إليهم الكتب، وحتى رسلهم بشرت بمحمد- عليه الصلاة والسلام-، قال الله تعالى: {الَّذينَ يَتَّبِعونَ الرَّسولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذي يَجِدونَهُ مَكتوبًا عِندَهُم فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ يَأمُرُهُم بِالمَعروفِ وَيَنهاهُم عَنِ المُنكَرِ}. [الشرح الممتع (١٤/ ٤١٥)] ٣/ سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله تعالى- السؤال التالي: هل من قال إن اليهود والنصارى إخواننا، وكلنا مسلمون، والقرآن أمرنا بمودتهم؛ هل يدخل هذا في الناقض من نواقض الإسلام فيمن لم يكفر المشركين أنه يكفر؟ فأجاب سماحته: نعم نعم، مَن قال إنهم إخواننا فإنه مرتد، إلا إن كان جاهلاً ما بُيِّنَ له ولا قامت عليه الحجة، أما إن كان يدعي أنه عالم وأنه يعرف فهذا يكفر؛ لأنهم ليسوا إخواننا، هم كفار ونحن مسلمون -ولله الحمد-، والكافر لا يكون أخاً للمسلم، هم أعداء الله، والمسلمون أولياء الله، كيف يكون عدو الله أخاً لولي الله؟! هذا أمرٌ باطل. وأما قوله : (إن الله أمرنا بمودتهم) فهو كذاب، قد كذب على الله، الله ما أمر بمودتهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ} الآية، الله نهى عن مودتهم، لكن أمر بمعاملتهم بالإحسان إلى مَن أحسن إلى مسلمين من باب المكافأة، نعم؛ الله أمر بمكافأة المحسن منهم، {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، هذا من باب المكافأة في الدنيا، لكن لا نحبهم، نكافأهم على ما فعلوا من الإحسان إلى المسلمين، لكن لا نحبهم، فرق بين هذا وهذا) [مقطع صوتي بعنوان: (من قال إن اليهود والنصارى إخواننا وكلنا مسلمون والقرآن أمرنا بمودتهم)]. وسئل فضيلة الشيخ صالح آل فوزان أيضاً -مَن يقول إن الكفار إخوانٌ لنا في الإنسانية، وليس في الدين هل كلامه هذا صحيح؟ الجواب : ما يكفي الأخوة في الإنسانية ولا يقال هذا من باب تقريبهم أو العطف عليهم، لا يقال هذا، يقال : همّ أعداؤنا، فلا يقال إخواننا في الإنسانية بل يقال أعداؤنا في الدين، إذا كانوا أعداءنا في الدين فماذا تفيد الإخوة الإنسانية؟! فرعون إنسان هل نقول هو أخونا ؟!! لا نقول هذا) انتهى كلامه من مقطع صوتي بعنوان من يقول الكفار إخوان لنا في الإنسانية وليس في الين فهل كلامه صحيح؟! هذا ما يسر الله تعالى نقله. واللهَ تعالى أسأل أن يوفق الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى ويسدده للحق والصواب. والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات