ما تعليق الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق والدكتور عجيل النشمي على تسريبات محادثة حاكم المطيري مع القذافي؟
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، ولا عدوانَ إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، وصلَّى اللهُ وسلَّم وبارك على نبيـِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين أما بعدُ: فإنَّ الواجبَ على كلِّ مسلمٍ أنْ يذُّبَّ عن دينِه، ويحافظَ على وطنِه، ويَـكفَّ الفتنَ عنِ العبادِ والبلادِ، فتحذيري من بعضِ الأشخاصِ ومن الأحزابِ ليس لخلافٍ شخصيٍّ بيني وبينهم، ولا من دافعِ الحسدِ أو التنافسِ على منصبٍ أو مالٍ كما يدَّعي ذلك بعضُ مَنْ حذرتُ منهم، وإنَّما هو نصرةٌ للحقِّ، وإبطالٌ للعقائدِ الزائغة والمناهجِ الدَّخيلةِ الباطلةِ التي تُريدُ الشرَّ للإسلامِ وأهلِه. وفي هذا المقالِ والمقامِ أريدُ نصحَ الآباءِ والأمهاتِ بل والحكامِ والمحكومين أن ينتبهوا ويَحذَروا قبل فواتِ الأوانِ حتَّى لا نكونَ فريسةً سهلةً للأحزابِ العابثةِ المفسِدةِ للبلادِ والعبادِ. وقد ذكرتُ في مقابلةٍ متلفزَة قبل بضعِ سنواتٍ أنَّ كُليةَ الشريعةِ صارت بؤرةً للتكفيريين والثوريين الدَّاعمين للثوراتِ والانقلاباتِ، والدَّاعين إلى المظاهراتِ والمسيراتِ، والذين يجمعون التبرعاتِ إلى مصيرٍ مجهولٍ، فقد تغلغلوا في هذه الكُليةِ، وانتشروا فيها. ومنهم حاكم المطيري الذي افتضح أمرُه اليومَ بعد التسريباتِ التي انتشرت مؤخَّرًا في لقائِه مع الهالكِ القذافـي حاكمِ ليبيا السابق. ومنهم دكتورٌ توعَّد بقطعِ الرؤوس، ومنهم بعض الهاربين خارجَ البلادِ الذين كانوا يتوعدون الكويتَ بالسُّقوطِ، ومنهم من تورَّط باقتحامِ مجلسِ الأمةِ ... وما خَفي أعظمُ. وقد ذكرتُ بعضَ الحقائقِ الموثَّقةِ، ومنها: قولُ حاكمِ المطيري للطلابِ: إلى متى نُحكَمُ في الكويتِ مِنْ أسرةٍ واحدةٍ ؟ وقال أيضًا: «أزمةُ الكويت لا تحلُّها حكومةٌ منتخَبةٌ فقط بل نظامٌ سياسيٌّ جديدٌ، وعَقدٌ سياسيٌّ جديدٌ يُنهي عقودًا من طغيانِ حُكْمِ الفردِ والأسرةِ، وغيابِ إرادةِ الأُمةِ» انتهى كلامه. فكلامُه في التسريباتِ ليس غريبًا، ولا جديدًا فقد كان يُصرِّحُ بمثلِه من قبلُ، وكانتِ التبرعاتُ تُجمعُ وتُنقلُ علنًا مِن غيرِ مراقبةٍ ولا محاسبةٍ، وكان يَذمُّ حكومتَنا وولاةَ أمرِنا، ويَرفعُ مِن شأنِ تركيا ويترددُ عليها، ويعقدُ المؤتمراتِ، ويصرحُ بمنهجِه الباطلِ، ويصولُ ويجولُ، ويسافرُ ويسيحُ في الأرضِ كما يشاءُ ويحلو له. نعم ربَّما المستغربُ في الأمرِ زيارتُه للقذافـيِّ الحاقدِ الهالكِ فحسب، أمَّا غيرُ ذلك فما جاء بجديد. والسُّؤالُ بل الأسئلةُ التي مازالت بلا جوابٍ: هل زار حاكم المطيري وحدَه أم كان برفقته آخرون؟ فقد وَرَدَ في التسجيلِ قولُ حاكم المطيري للقذافــيِّ : هذه قائمةٌ بأسماءِ أفرادِ الحزبِ. والسُّؤالُ: مَن أفرادُ الحزبِ ؟ وكم عددُهم ؟ وأين يعملون ؟ وما مدى خطورتِهم وتأثيرِهم على العبادِ والبلادِ ؟ ولحاكمِ المطيري مشايخُ وأساتذةٌ ذَكَرَ منهم في موقعِه الشيخَ عبدَالرحمن عبد الخالق، وهو شيخ الأول والأكبر والأشهر والدكتورَ عجيل النشمي، ومعلوم أنه من مؤيدي حاكم المطيري ويعول عليه وينشر له في التويتر كثيرًا. فهل أخذ منهجه عن أحدهما أو كلاهما ؟ وإنْ كانا يختلفان معه فهل سنسمعُ لهما تعليقًا أو استنكارًا أم أنهم موافقون لمنهجِه ؟ وهل في كلية الشريعة من زملائه الدكاترة من يحملُ فكرَه ومنهجَه وعقيدتَه ؟ وما مدى تأثيرِهم في الطلابِ والطالباتِ؟ منذ سنوات وهناك مَن يطالبُ بحكومةٍ منتخبةٍ بحجة أنَّ الحكومةَ الحاليةَ غيرُ منتخبةٍ فهي – في نظرهم- ليست شرعيةً. ويُوهمون الناسَ أنَّ الحكومةَ المنتخبةَ هي الشرعية، ويقولون: نحن في الكويتِ نعيش منذ عقودٍ تحت طغيانِ حكمِ الفردِ والأسرةِ الواحدةِ، ونعيشُ في دولة غُيبَتْ فيها إرادةُ الأُمة . ويُصرِّحون أنَّ أميرنا ليس وليَ أمرٍ شرعيًّا ولا بيعةَ له شرعيَّةً، وكلُّ ذلك يتم تقريرُه علنًا دون أي مساءلةٍ فضلاً عنِ المحاكمةِ، فماذا ننتظرُ بعد هذه الحالِ سوى الفوضى الخلَّاقةِ ؟ ومِنَ المؤسف جدًّا أنْ يعيشَ أقوامٌ في بلادِنا يتنعمون بنعمِ اللهِ تعالى، ويتقلَّبون فيها، ويَدرسون على حسابِ الحكومةِ، وينالون أعلى الشهاداتِ، ويتقلَّدون أعلى المناصبِ، ثُمَّ يكونُ ولاؤُهم إمَّا للمرشدِ العامِّ في مصرَ، أو للمرشدِ الأعلى في إيرانَ، أو للعلمانيةِ أو الليبراليةِ في الغرب!! وهذه الفئاتُ الكبرى، وتوجدُ فئاتٌ غيرُها، وهم وإنِ اختلفوا لكن يجتمعون في نقاطٍ رئيسةٍ أبرزها تغييرُ نظامِ الحُكمِ مِن الحُكمِ الوراثيِّ الأُسريِّ إلى حُكْمٍ ديمقراطيٍّ أو جمهوريٍّ أو مُنتخبٍ أو بأي اسمٍ آخَرَ . ولذلك تراهم يجتمعون على بُغضِ الصحابيِّ معاويةَ بنِ أبي سفيانَ رضي اللهُ عنه وأرضاه؛ لأنَّه أولَّ مَن جَعَلَ الحُكمَ وراثيـًّا. والغريبُ العجيبُ أنَّ أتباعَ المُرشدِ العامِّ ينتظرون الخليفةَ المُخلِّصَ ليبايعوه ولو كان تركيـًّا وليس عربيـًّا فضلاً أن يكون قرشيـًّا ليَحكمَ الأمةَ، ويَقتلَ ويقتلون معه كلَّ مَن لا يُبايعه. وأتباعُ المرشدِ الأعلى ينتظرون الإمامَ الغائبَ ليقومَ مِن مرقدِه، ويَحكمَ الأمةَ، ويقتلَ ويقتلون معه كُلَّ مَن لا يُبايعه. وللأسفِ فإنَّ كثيرًا منَّا يَسمعُ بهذه الاعتقاداتِ الباطلةِ، والمناهجِ الضالَّةِ المُضلَّةِ الإجراميَّةِ الدمويَّة ولا يحركُ ساكنًـا، وكأنَّ الأمرَ لا يعنينه. فهلمُّوا يا مسلمون حكوماتٍ وشعوبًا لنصرةِ المنهجِ السَّويِّ الصحيحِ، ونبذِ العقائدِ والمناهجِ الباطلةِ، ولا ترضوا مِنَ السَّاكتِ سكوتَه ، ولنتعاون جميعًا على البـرِّ والتقوى، كلٌّ بحسبِه ومن موقعِه معذرةً إلى ربِّنا ولعلهم يتقون. والحمدُ للهِ أولًا وآخِرًا وظاهرًا وباطنًا، وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبيـِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين.