موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

بعد تسريباتِ كليةِ الشريعةِ أقولُ: اتقوا اللهَ في بناتِنا

19 ذو القعدة 1441 |

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، ولا عدوانَ إلا على الظالمين، والعاقبةُ للمتقين، وصلَّى اللهُ وسلَّم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أمَّا بعدُ: فقد انتشرت تسريباتٌ لدكتورٍ في كليةِ الشريعةِ في جامعةِ الكويتِ، وهو مِن أتباعِ المرشدِ العامِّ، بل مِنَ المتعصبين لفكرِ الثَّوراتِ والمظاهراتِ، وله فيها سابقُ مشاركات، ولقد أرسلتُ التسجيلَ لعميدِ كليةِ الشريعةِ، وأنا أعلمُ أنَّه يعلمُ بالتسجيلِ مِن قبل أنْ أرسلَه له، ولكن لكي لا يبقى عذرٌ له ولا لغيرِه، وحتى لا يقالَ: لماذا لم تنصحْه قبل أن تنشرَ المقالَ، وبصفتي والدٌ، وكثيرٌ مِن أولياءِ الأمورِ مثلي، عندما نرسلُ بناتِنا للدراسةِ في كُليةِ الشريعةِ لطلبِ العِلم؛ يظنُّ كلٌّ منَّا أنَّ الأساتذةَ في كليةِ الشَّريعةِ فيهم الخيرُ والأمانةُ، وهذا هو الواقعُ- ولله الحمدُ- ففي كليةِ الشريعةِ إخوةٌ كرامٌ ودكاترةٌ أفاضلُ وأساتذةٌ أمناءُ طيبون، نحسبهم كذلك ولا نزكيهم على الله، ولكن أيضًا -وللأسف- في كليةِ الشريعةِ ثلةٌ مِن الفاسدين المنحرفين الثَّوريين، الذين يُجَرِّئون الفتياتِ فضلًا عن الشبابِ على أمورٍ باطلةٍ ظالمةٍ منحرفةٍ، ومِنَ المعلومِ أنَّ أعمارَ الطلبةِ والطالباتِ في الكلية غالبًا ما بين تسعةَ عشرَ إلى أربعٍ وعشرين عامًا، وتنقصُهم الخبرةُ والقدرةُ على التمييزِ بين الحقِّ والباطلِ، فليت شعري كيف يُسمحُ لبعضِ الدكاترةِ أنْ يُلقنَهم أفكارًا ثوريَّةً ويُبغِّضَهم في ولي أمرِهم ويجرئهم عليه؟! فمَنِ المسؤولُ عن هذه الفوضى الخلَّاقةِ؟! وإلى متى لا يُحاسَبون ولا يُوقفون عند حدِّهم؟! بل لماذا لا يُبعدون عن التدريس؟! وهل يُعقلُ أنَّ الذين لهم سوابقُ ومشاركاتٌ في الفوضى كاقتحامِ مجلسِ الأمةِ وغيرِ ذلك؛ يُمَكَّنون مِن تدريسِ أبنائِنا وبناتِنا؟! فبعضهُم محكومٌ عليه بأحكامٍ قضائيةٍ مع وقفِ التنفيذِ، ومع ذلك يُمكَّنُ مِن تدريسِ بناتِنا!! أيُعقلُ هذا؟! والسؤالُ المُهمُّ جدًّا: لماذا لا يَتِمُّ وضعُ تسجيلٍ رسميٍّ في جميعِ المحاضراتِ في كليةِ الشريعةِ وغيرِها من الكليات في جامعةِ الكويت والمعاهد التطبيقية ؟! ففي هذا الإجراءِ عدةُ فوائدُ مهمةٌ جدًّا تتعلَّقُ بالأمنِ والاستقرارِ، وأخرى تتعلَّقُ بالأخلاقِ والعلمِ والتعليمِ، فمن هذه الفوائد: أولًا: حتى لا يخرجَ المحاضرُ أو الدكتورُ أو الدكتورةُ عن المقررِ. ثانيًا: حتى لا يحتاجَ الدارسون بل والدكاترةُ إلى شهادةِ الشهودِ عند وقوعِ أيِّ مشكلةٍ، أو عندما تُطرحُ أيُّ أفكارٍ دخيلةٍ على دينِنا، أو مخالفةٍ لعاداتِنا وتقاليدِنا، أو تُخِلُّ بالقيمِ والآدابِ القويمةِ والأخلاقِ الحميدةِ، وسواءٌ كانت أفكارًا تكفيريةً وثوريةً للتحريضِ والتهييجِ والتطرفِ، أو أفكارًا إلحاديةً أو دعوةً إلى الإباحيةِ والانفلاتِ والانحلالِ، أو كلامًا خارجًا عن حدودِ الأدبِ مع الفتياتِ، أو غيرَ ذلك. ثالثًا: لا يستطيع الدكتورُ النيلَ مِنَ الطلبةِ أو الطالباتِ أو الانتقامَ في حالِ تقديمِ شكوى ضدَّه؛ إذا تكلم بأيِّ نوعٍ من أنواعِ الباطلِ أو سوءِ الخُلق أو غيرِ ذلك، إذ بإمكان الشاكي أن يتقدمَ بالشكوى الإلكترونية، ويُطالبَ الإدارةَ بمراجعةِ المحاضرةِ الفلانيةِ للدكتور الفلاني بالتاريخ الفلاني، حتى تتمَّ محاسبتُه. فهذه بعضُ الفوائدِ المتعلِّقةِ بالأمنِ والاستقرارِ. وأمَّا الفوائدُ المتعلِّقةُ بالمجالِ العلميِّ والتعليميِّ فمنها: أولًا: أنَّ وجودَ التسجيلِ يُمَكِّنُ الطلبةَ والطالباتِ بل والمعلمين مِنَ الرجوعِ إلى المادةِ العلميةِ والاستفادةِ منها. ثانياً: أنَّه يُمكِّنُ مِن جمعِ الموادِ العلميةِ والتأليفِ بينها وإثراءِ المكتبةِ بها. ثالثًا: أنَّ التسجيلَ يُعطي الأساتذةَ والدَّكاترةَ دافعًا قويًّا لتحضيرِ المادةِ العلميةِ تحضيرًا جيدًا، وتقديمِها بأحسنِ حالةٍ ممكنةٍ. رابعًا: أنَّه يُمكِّنُ مِن تقييمِ كلِّ دكتورٍ مِن خلالِ الاطلاعِ على أدائِه داخلَ المحاضرةِ. فإنْ قال قائلٌ: أليس هذا مِن التجسسِ المذمومِ، والله جل وعلا يقول : {وَلَا تَجَسَّسُوا}؟ فالجواب: أولًا: لا يقولُ عن هذا تجسسًا إلا أحدُ اثنين: إمَّا أنَّه لا يَعلمُ معنى التجسس، أو أنَّه فيه دَخَنٌ وانحرافٌ لا يريدُ أن يطَّلعَ عليه الناسُ. ثانيًا: أنَّ المحاضرةَ معلنةٌ يحضرُها جمعٌ مِنَ النَّاسِ، بل ويُمكنُهم تسجيلُها مِنْ هواتِفهم الشخصيةِ. ثالثًا: منذُ عشراتِ السِّنين وخُطب الجمعةِ في المساجدِ يتمُّ تسجيلُها، بل حاليًّا يتمُّ تسجيلُ خُطبِ الجُمُعةِ عن طريقِ رابطٍ معينٍ يصلُ لوزارةِ الأوقافِ مباشرةً، ولا يمكنُ للخطيبِ المنحرفِ إتلافُ الشَّريطِ أو استبدالُه بشريطٍ آخَرَ، كما كان يفعلُ بعضُ النَّاسِ سابقًا! رابعًا: نظيرُ هذا التسجيل: وضعُ كاميراتٍ المراقبةِ التي انتشرت في كلِّ مكانٍ، وحدَّتْ مِن نسبةِ الجريمةِ بدرجةٍ كبيرةٍ، وعن طريقِها يتمُّ اكتشافُ كثيرٍ مِنَ الجُناةِ. خامسًا: يتمُّ إشعارُ المدرسين والدَّكاترةِ بوجودِ التسجيلِ، كما يتمُّ وضعُ لوحاتِ التنبيه لوجودِ كاميراتِ المراقبةِ في الشوارعِ، والمحلَّاتِ، والمصاعِد. سادسًا: هذه المحاضراتُ التي يلقيها الأساتذةُ والدَّكاترةُ على الطلبةِ والطالباتِ ليست سريَّةً أو معلوماتٍ شخصيةً، بل للنَّاسِ جميعًا وللطلبةِ والطالباتِ بوجه خاصٍّ. وأخيرًا أقولُ: بالنسبةِ لتسريباتِ كليةِ الشريعةِ، فقد تعمدتُ تسميتَها (تسريبات)؛ لكي يَحْسِبَ كلُّ مفسدٍ حسابًا لها، فلا يُحرِّضُ الطلبةَ والطالباتِ، ويلتزمُ بالمقررِ فحسب، ويبتعدُ عن كلِّ ما يَخدش حياءَ الطالباتِ. وأسوأُ ما سمعتُ في التسريب حثُّ الدكتورِ للبناتِ -ولعل أكثرَهن غير متزوجات- على التجمعِ عند السفارةِ الأمريكيةِ إذا طُلِبَ منهنَّ ذلك!!! ومَن يهمه الأمرُ ويريدُ أن يعرفَ تفصيلاتِ التسريباتِ؛ فهي عند عميدِ كليةِ الشريعة وهو موجودٌ بيننا وعندنا، وليست عند خالد الهيل في لندن، واللبيبُ بالإشارة يفهمُ. والحمدُ للهِ أولًا وآخِرًا وظاهرًا وباطناً، وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبينا محمدٍ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين.

المقالات