أوردغان ومحمد مرسي يفضحان منهج الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق!!
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقبل أربعين سنة قرأت رسالة صغيرة بعنوان: (الأصول العلمية للدعوة السلفية) للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق -غفر الله له ولوالديه-، وقرر فيها أن التوحيد ينقسم الى أربعة أقسام: ١/توحيد الربوبية ٢/ توحيد الألوهية ٣/ توحيد الأسماء والصفات وزاد قسماً رابعاً سماه توحيد الحاكمية .
وشاء الله تعالى ويسر لي أن أقرأ وأدرس وأسأل وأستمع لعشرات المشايخ والعلماء من الأحياء والأموات، فما وجدت أحداً ذكر توحيد الحاكمية قسماً رابعاً مستقلاً بنفسه عن توحيد الربوبية والعبودية والأسماء والصفات!!
بل وجدت علماءنا ينكرون ذلك إنكاراً شديداً.
قال شيخنا محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- فيمن جعل للتوحيد قسماً رابعاً أطلق عليه توحيد الحاكمية: (إنه ضال وجاهل.. ثم قال: هذا قول محدث منكر… ثم قال : فهذا قول محدث مبتدع منكر ينكر على صاحبه… ثم قال : هذه بدعة وضلالة). انتهى من لقاء الباب المفتوح رقم (١٥٠).
وقال شيخنا أيضًا -رحمه الله تعالى-: (زاد بعضهم توحيد الحاكمية... ولكن أصل هذه الزيادة -والله أعلم- أن قوماً ابتدعوها من أجل مناقشة الحكام والولاة) شرح القواعد المثلى (٢٦).
وقال - رحمه الله تعالى-: (يبدو -والله أعلم- أن الذي وضعه؛ وضعه من أجل القيام على الحكام فيقول: أنتم أيها الحكام ما وحدتم الله! بل أنتم مشركون! حتى يُهَيِّئ الأمر للخروج عليهم -والله أعلم بالنيات- وهذا واضح من تصرفات بعضهم؛ وإلا فـ(الحاكمية) لا حاجة لها؛ لأن الحاكمية لا تخرج عن توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية). انتهى من شرح عقيدة أهل السنة والجماعة (ص٢٢).
وقال العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى- في جواب على سؤال عن إضافة قسم رابع على أقسام التوحيد وهو توحيد الحاكمية، قال: (لا يصح... الحاكمية فرع من فروع توحيد الأوهية، والذين يدندون بهذه الكلمة المحدثة في العصر الحاضر يتخذون سلاحاً ليس لتعليم المسلمين التوحيد الذي جاء به الأنبياء و الرسل كلهم؛ إنما سلاحاً سياسياً). من مقطع صوتي.
وقال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله تعالى-: (ما في أربعة، في أقسام ثلاثة: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، الحاكمية يا أخي داخل في الألوهية، هذا عند الإخوانيين هم الذين يقولون الحاكمية، هذا داخل في توحيد الألوهية؛ لأن تحكيم الشرع عبادة لله عز وجل، لا حاجة أنك تفرده) انتهى.
وقال -حفظه الله تعالى-: (أما أن يأتي جاهل في القرن العشرين ويقول توحيد الحاكمية، فالناس قصرت في الصلاة فلماذا لا نجعل توحيد للصلاة والصيام؟!) من مقاطع صوتية.
وسيأتي ذكر كلام سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى-.
ومنذ خمسٍ وعشرين سنةً وكثير من المشايخ وطلبة العلم ينكرون على الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، ويدعونه إلى أن يتراجع عن هذا التقسيم المحدث، غير أنه -عفا الله عنه- يصر على ما هو عليه! ولعل السر في عدم تراجعه هو ما ذكره عن نفسه أنه ما تراجع في حياته قط عن قول قاله!
فإن قال قائل: هل يعقل أن الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق يقول عن نفسه ذلك؟!
فأقول: وأنا كذلك تعجبتُ مما تعجبتَ منه، لكن للأسف قد قال ذلك عن نفسه، كما في مقابلة له في جريدة "الوطن" العدد المنشور بتاريخ (٢٠١١/٥/٢٠) فقد قال بالحرف الواحد: (ثم إني لا أذكر لي قولاً قلته ثم تراجعت عنه في كل حياتي).
أقول: سبحان الله.. والله ما سمعت أحداً من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- قال عن نفسه مثل هذا القول، والله ما قاله أبو بكر ولا عمر -رضي الله عنهما- والله المستعان.
[[ محاولة يائسة ]]
كتب الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق كتاباً سماه (الصراط)، وكرر ما قرره سابقاً بأن الحاكمية قسم مستقل من أقسام التوحيد، ولم ينسب هذا التقسيم لمخلوق سبقه لا من عالم ولا جاهل ولا إنس ولا جان، فاشتد عليه الإنكار أكثر من قبل، وبعد سنوات زعم -نعم أقول زعم- أنه أرسل كتابه (الصراط) لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى-، وراجعه وقدم له وأقره على قسم توحيد الحاكمية.
ثم طبع الكتاب مع مقدمة الشيخ ابن باز بعد وفاته -رحمه الله تعالى- بسنوات، وزعم أن الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- راجعه ووضع عليه ملاحظاته وأقر كل ما في الكتاب، وبعد سنوات -بحمد الله تعالى وتوفيقه- استطعت الحصول على الطبعة الأولى من الكتاب، وقمت مع بعض الإخوة بالمقارنة بين الطبعة الأولى والطبعة التي زعم أن الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- راجعها وقدم لها، والنتيجة المذهلة أن الكتاب بطبعتيه كما هو، لم نجد أيَّ حذفٍ أو إضافة أو تعديل للشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى-، اللهم إلا أخطاء طباعية في الطبعتين، وإضافتين يسيرتين؛ الأولى للشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى- والثانية للشيخ صالح الفوزان -حفظه الله تعالى-، ويستبعد جداً أن تكون الإضافتان من الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى-.
فإما أن يكون الكتاب أصلاً لم يراجعه الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- ولا قدم له، وإما أن يكون قد كتب له ملاحظاته على الكتاب لكن الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق أخفاها ولذلك، ما طبع الكتاب إلا بعد وفاته. والله اعلم ومع العلم أن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- قد رد هذا التقسيم المحدث.
فقد قال -رحمه الله تعالى- مع علماء اللجنة الدائمة للإفتاء في جواب عن الحاكمية: (… وجعل الحاكمية نوعاً مستقلاً من أنواع التوحيد عمل محدث لم يقل به أحد من الأئمة فيما نعلم). فتاوى اللجنة الدائمة المجموعة الثانية (377-376/1).
فإن قال قائل: إنك تتهم الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق بالتدليس؟
فأقول: نعم وهو كذلك، ولقد قلت ذلك على أساس أدلةٍ وشواهدَ مكررةٍ وقفت عليها بنفسي ووقف عليها غيري، وأهل العلم قديماً وحديثاً يذكرون الرواة المدلسين والكذابين والمجروحين إذا كانوا يملكون الأدلة والشواهد عليهم من غير تجنٍ ولا ظلم ولا اعتداء، وذلك لحفظ الدين.