موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

الوهابية ... هل هي فكر أم حركة أم دعوة؟

11 شوال 1428 |


الحمد لله الكريم الوهاب، منزل الكتاب وهازم الأحزاب، والصلاة والسلام على رسول رب الأرباب، وعلى آله وصحبه وأزواجه وجميع الأصحاب، أما بعد:



فإن كثيراً من الناس يسمع كلمة (الوهابية) ومنهم من يرددها والأكثر من لا يعرف معناها ولا ما تدل عليه.

 فأحببت أن أبين في مقالي هذا حقيقة هذا الاصطلاح تعليماً للجاهلين وذكرى للغافلين فأقول وبالله أستعين:

ان الله تعالى يبعث للناس على كل مائة سنة من يجدد لهم دينهم فكان مما وفقه الله تعالى وسدد خطاه ونفع به خلقاً من عباده ذلك الشيخ المبارك المجدد محمد بن عبد الوهاب التميمي، نشأ في نجد وتوفي فيها سنة 1206هـ أي قبل ما يزيد على قرنين من الزمان، الشيخ سيرته معروفة ودعوته مشهورة وقد كتب فيها كثير من أهل العلم واحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً من خلقه أنه من المقبولين فلقد نفع الله تعالى به خلقاً كثيراً وآثاره بلغت مشارق الأرض ومغاربها فرحمه الله تعالى وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً.



التوحيد أبرز معالم دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله



اعلم أيها القارئ الكريم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ظهر في زمن قد كثرت فيه عبادة الأولياء والأحجار والأشجار والشرك قد انتشر والتوحيد قد اندرس أو كاد فاجتهد يدعو إلى التوحيد وإخلاص العبادة لله تعالى وصنف في هذا الباب مصنفات صغيرة المبنى كبيرة المعنى من أشهرها (كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد) ورسالة (كشف الشبهات) ورسالة (الثلاثة أصول) ورسالة (المسائل الأربع)، ورسالة (مسائل الجاهلية) وغيرها ثم تناولها أبناؤه وأحفاده وطلابه بالشرح والتعليق والإيضاح والنظم، فقامت دعوة التوحيد ونفع الله بها نفعاً عظيماً حتى يكاد المسلم أن يجزم بأن ما من موحد من عصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى يومنا هذا إلا وقد استفاد من آثاره ويكاد المسلم أن يجزم أن ما من يوم تطلع فيه الشمس إلا وهناك من يترحم على الشيخ أو يقرأ له كتاباً أو فائدة.



لماذا أعداء الشيخ محمد بن عبد الوهاب كثيرون؟



اعلم أخي القارئ وفقني الله وإياك للحق أن الصراع بين الحق والباطل قديم، فمنذ أن وقع الخلاف في الأرض وظهر الشرك وأرسل الله تعالى رسله وأنزل كتبه والنزاع قائم بين الرسل وأعدائهم، والصراع مستمر بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، قال تعالى (وَكَذَلًكَ جَعَلْنَا لًكُلًّ نًبًيّ عَدُوّاً شَيَاطًينَ الإًنسً وَالْجًنًّ يُوحًي بَعْضُهُمْ إًلَى بَعْض زُخْرُفَ الْقَوْلً غُرُوراً) (الأنعام ـ112)، وقال تعالى (وَكَذَلًكَ جَعَلْنَا لًكُلًّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مًّنَ الْمُجْرًمًينَ وَكَفَى بًرَبًّكَ هَادًياً وَنَصًيراً) (الفرقان ـ31).

 كذلك اتهام أهل الحق بالتهم الباطلة سُنّة ماضية منذ القدم حتى تقوم الساعة قال تعالى (كَذَلًكَ مَا أَتَى الَّذًينَ مًن قَبْلًهًم مًّن رَّسُول إًلَّا قَالُوا سَاحًر أَوْ مَجْنُون أَتَوَاصَوْا بًهً بَلْ هُمْ قَوْم طَاغُونَ) (الذاريات:52ـ53)، والأدلة في هذا أكثر وأشهر من أن تحصر.

 والمقصود أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى لما قام بالدعوة إلى توحيد الله تعالى وسار على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عاداه كل مبطل لا يريد الحق ويأباه.

 فهذا أكبر دليل على صحة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى أن تجد أحبابه وأنصاره هم كل من وحّد الله تعالى ورضي به رباً بينما تجد أعداءه ومبغضيه هم كل مشرك مبتدع ضال.



التكفير في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله



أخي المسلم رعاك الله تعالى اعلم أن التكفير منه حق وباطل قال تعالى (هُوَ الَّذًي خَلَقَكُمْ فَمًنكُمْ كَافًر وَمًنكُم مُّؤْمًن وَاللَّهُ بًمَا تَعْمَلُونَ بَصًير ) (التغابن ـ2)، وقال تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافًرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُون) (الكافرون: 1ـ2)، وقال تعالى { لَمْ يَكُنً الَّذًينَ كَفَرُوا مًنْ أَهْلً الْكًتَابً وَالْمُشْرًكًينَ مُنفَكًّينَ حَتَّى تَأْتًيَهُمُ الْبَيًّنَةُ{ (البينةـ1)، وقال تعالى (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذًينَ قَالُواْ إًنَّ اللّهَ ثَالًثُ ثَلاَثَة) (المائدة ـ73).

 والآيات في بيان كفر الكفار كثيرة والواجب على كل مسلم أن يُكَفِّر من كفره الله ورسوله، ولذا مما قرره غير واحد من أهل العلم أن من لم يكفر الكافر فهو كافر، وبيان ذلك أن يقال ان في عدم تكفير الكافر تكذيب لله تعالى، إذ كيف يقول الله تعالى (فَبُهًتَ الَّذًي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدًي الْقَوْمَ الظَّالًمًينَ) (البقرة ـ 258)، ثم يأتي من يقول لا، لم يكفر، وكيف يقول الله تعالى (سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَب) (المسد ـ3) ويأتي من يقول لن يصلى ناراً بل ان أبا لهب في الجنة!! أليس هذا تكذيباً لله تعالى؟! أليس هذا هو الكفر بعينه؟!

إذا عرفت هذا أدركت الظلم والبهتان الذي رمى به عُبّاد الأولياء المشركين عندما قالوا: الشيخ محمد بن عبد الوهاب يكفر الناس ودعوته (تكفيرية) وإنما الحق والحقيقة أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى يكفر من كفره الله ورسوله فيقول من عبد غير الله فقد كفر، ومن دعا غير الله فقد كفر، ومن سجد لغير الله فقد كفر، وهذا حق وكل ما سواه باطل.



الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى لا يكفر المسلمين



أخي القارئ العزيز وفقني الله وإياك إلى كل خير إذا عرفت أن الواجب أن نقول عن الكافر (كافر) فاعلم رحمك الله تعالى أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى لم يتجاوز هذا فهو متمسك بالكتاب والسنة وداع إليهما ومن أكبر المحذورات تكفير المسلمين وفي الحديث الصحيح (من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما) رواه احمد ]8/160[

لكن عُبّاد الأصنام سعوا جادين إلى تشويه صورة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وتشويه دعوته بل دعوة الكتاب والسنة فعمدوا إلى أخبث أسلوب للتنفير فقالوا: الشيخ (تكفيري) حتى الرافضه الذين يكفرون المسلمين عامة والصحابة خاصة تراهم يصفون الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى بـ (التكفيري) وكما قيل (رمتني بدائها وانسلت).



الشيخ محمد بن عبد الوهاب بريء من الفئات الخارجية الضالة



أخي القارئ أرشدك الله للهدى اعلم أنه قد نبتت نابتة سوء قد تربت على بعض مؤلفات بعض الكتاب المعاصرين ككتب سيد قطب في ظلال القرآن وغيره فكفروا المجتمعات الإسلامية واعتبروها مجتمعات جاهلية وسموا المساجد معابد وثنية وعاشوا عزلة فكرية فكفروا المسلمين وخرجوا عليهم واستغل بعض ضعاف النفوس هذه الحوادث هنا وهناك فزعموا زوراً وبهتاناً أن هذه من آثار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وتالله ما صدقوا بل تعمدوا الافتراء والبهتان وأكبر دليل على بطلان قولهم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى كتبه مطبوعة ومنشورة وما نصت على هذا الفكر ولا دعت إلى الخروج ولا إلى سفك الدماء كما أن مدرسة الشيخ ما زالت قائمة وطلابه واتباعه متوافرون وإلى الحق يدعون وهم براء من هذا الفكرالمنحرف والمسلك الضال.



الفكر الوهابي أو الحركة الوهابية



إذا عرفت ما تقدم يتبين لك أنه لا يوجد شيء في الحقيقة يدعى )الفكر الوهابي أو الحركة الوهابية) وإنما ثمة شيخ عالم من العلماء وفقه الله تعالى إلى الدعوة إلى توحيد الله تعالى وإلى الاعتصام بالكتاب والسنة شيخ وعالم مجدد اسمه الشيخ (محمد بن عبد الوهاب) لم يأت بفكر ولا اختراع ولا ابتداع وإنما دعا إلى ما كان يدعو إليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

لكن الاعداء لمزوا الشيخ تنفيراً من التوحيد فقالوا: (فكر وهابي) وتبعهم بعض الجهال من الكتّاب والمؤرخين ومن عنده (ثقافة) وليس عنده علمٌ فقالوا: (الحركة الوهابية) 
والحق أنها دعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك، دعوة إلى التمسك بالكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة.



محمدية أم وهابية؟ [وَلَا يَحًيقُ الْمَكْرُ السَّيًّئُ إًلَّا بًأَهْلًهً]



وفي الختام اذكر كلمة لطيفة للشيخ المحدث الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى يقول ما خلاصته:

(ان أهل البدع أرادوا لمز أهل السنة فقالوا: (وهابية) نسبة إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ولم يقولوا (محمدية) حتى لا يلتبس على العامة فيظنون أن المقصود اتباع محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستبدلوها فقالوا: (وهابية) ففروا من نسبة أهل التوحيد إلى محمد صلى الله عليه وسلم ونسبوهم إلى الوهاب جلا وعلا).



قلت حسنا يقول الله تعالى { وَلَا يَحًيقُ الْمَكْرُ السَّيًّئُ إًلَّا بًأَهْلًهً } (فاطر 43).



والحمد لله أولا وآخراً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات