موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

الإباضية فرقة من فرق الوعيدية

1 ربيع الأول 1442 |

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فإن الوعيدية لقب للفرق التي تُغلِّب جانب الوعيد على جانب الرجاء، كالخوارج والمعتزلة والتكفيريين، ومنهم الإباضية، وعموم هؤلاء يكفرون المسلمين بالمعاصي التي دون الشرك ودون الكفر الأكبر، وأما تكفير من كفره الله ورسوله ﷺ ومن شهد على نفسه بالكفر؛ فهذا حق، وليس هذا المراد به في هذا السياق.

وفرق الوعيدية متفقون على خروج المسلم من الإيمان إذا ارتكب المعصية، والمعصية تكون إما بفعل محرم أو بترك واجب.

وفي الحقيقة كل مسلم لابد له من الوقوع في بعض المحظورات والتفريط في بعض المأمورات.

ومنها المعاصي باللسان كالسب والقذف والكذب والغيبة، ومنها بالجوارح كالقتل والضرب والسرقة والغش وشرب الخمر، ومنها بالقلب كالحسد والحقد والغل، والمعاصي كثيرة جداً لا يكاد يمر على الإنسان يوم ويسلم منها لكن بين مقلٍ ومكثر، حتى الأتقياء والصالحون لهم نصيب من التقصير في أداء المأمور أو الوقوع في بعض المحظور، وفي الحديث القدسي قال الله تعالى: (يا عبادي إنكم تخطؤون بالليل والنهار ) رواه مسلم

ويلزم من مذهب الوعيدية الباطل لوازمُ وآثارٌ ، منها أنهم يكفرون أنفسهم، أو يكفر بعضهم بعضاً، ومنها أنهم يزعمون لأنفسهم العصمة، ومنها أنهم يحقدون على عموم المسلمين، ومنها أنهم يخرجون على الولاة أو يحرضون عليهم، ومنها سفك دماء المسلمين مشاركةً أو تحريضاً.

وبين فرق الوعيدية بعض الفروق، فالخوارج يقولون مرتكب الكبيرة يخرج من الإسلام إلى الكفر ويعامل معاملة الكفار في الدنيا، وفي الآخرة يخلد في النار كالكافر الأصلي بل هو عندهم كافر أصلي.

وأما المعتزلة فيقولون يخرج مرتكب الكبيرة من الإيمان إلى منزلة بين منزلتين أي بين الإيمان والكفر، ويعامل معاملة المسلمين وفي الآخرة يدخل النار ولا يخرج منها أبداً، لكنه بدركة أعلى من دركة الكافر الأصلي.

وأما الإباضية فعقيدتهم كعقيدة المعتزلة لكنهم استبدلوا عبارة منزلة بين منزلتين بقولهم مرتكب الكبيرة كافر كفر نعمة، ففي الدنيا يعامل معاملة المسلمين وفي الآخرة يخلد في جهنم مع الكافرين، لكن بدركة أعلى من دركة الكفار.

وكثير من عوام هذه الفرق- يتفلتون من عقائدهم؛ لأنها منافية للفطرة، ومشايخهم يريدون من اتباعهم أن يكونوا معصومين، وهذا متعذر، إذ لا عصمة إلا للأنبياء، ومناهجهم وعقائدهم تنافي القرآن، فالقرآن تجد فيه الترغيب والترهيب بينما منهج هؤلاء الترهيب من غير ترغيب إلا نادراً.

والإباضية تجاوزوا الخوارج الأوائل؛ لأنهم جمعوا عقائد أخرى سوى الحكم على مرتكب الكبيرة بالكفر أو بما يسمونه بكفر النعمة، فقد أخذوا بعقيدة المعتزلة، فنفوا علو الله تعالى على خلقه، ونفوا رؤية المؤمنين لربهم في الجنة، وقالوا القرآن مخلوق، وحرفوا معاني القرآن وردوا معظم السنة التي تخالف عقيدتهم بحجة أنها احاديث آحاد، وقالوا إن آيات القرآن المتعلقة بأسماء الله تعالى وصفاته كلها مجاز لا حقيقة لها، وينفون الصراط والميزان، وغيرها من المسائل العقدية التي استحدثت في المتأخرين ولم يعرفها الخوارج الأولون.

فعقيدة الإباضية عقيدة مختلطة من عقائد شتى ففيها من عقيدة الخوارج والجهمية والمعتزلة والأشاعرة والصوفية بل حتى فيها من عقيدة الرافضة، كالقول بالتقية والطعن بكبار الصحابة -رضي الله عنهم-، وكذلك يوافقون غلاة الصوفية في تعظيم المشايخ والتعلق بقبورهم، ويزعمون أن قبور مشايخهم يظهر منها النور والعطور ما لم يؤثر مثله عن قبر النبي ﷺ وصاحبيه أبي بكر وعمر -رضي الله تعالى عنهما-.

ومشايخ الإباضية يغررون بأتباعهم فيقولون: نحن وإن كنا قلة قليلة؛ لكننا خلاصة المسلمين، فليس من أهل الأرض على الحق سوانا، فنحن أهل الحق والإستقامة.

ويزعمون أنهم يتمسكون بالقرآن؛ وفي الحقيقة أن تمسكهم بالقرآن على حساب ترك السنة ونبذها، فلا يأخذون من السنة إلا ما يظنون أنه موافق لمذهبهم، وهذا يدل على أن تمسكهم بالقرآن تمسكاً أعوج، إذ لو كانوا متمسكين بالقرآن حقاً لأخذوا بالسنة؛ لأن الله تعالى أمر في كتابه بطاعة الرسول ﷺ وتصديقِه واتباعِه والإقتداءِ به واتباعِ سبيل المؤمنين المتمثل بأصحابه -رضي الله تعالى عنهم أجمعين-.

ومن الفوارق بين الخوارج الأوائل والإباضية: أن الخوارج ما كتبوا شيئاً عن عقائدهم؛ وإنما عُرفوا بأفعالهم وتصرفاتهم من الخروج على الولاة وقتل المسلمين واستباحة دمائهم ونحو ذلك، بينما الإباضية لهم كتب ومؤلفات ودروس ومحاضرات فضحوا بها أنفسهم، وعرَّفوا المسلمين بحقيقة عقيدتهم.

والخوارج الأوائل أصرح وأصدق من الإباضية؛ لأن الإباضية يتظاهرون بحب المسلمين واحترامهم، ومن عرفهم أدرك جبال الحقد الذي يحملونه على المسلمين وعلمائهم، بل وحتى بعض كبار الصحابة ما سلموا منهم كعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والحسن والحسين ومعاوية بن أبي سفيان وأبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص وحسان بن ثابت وغيرهم -رضي الله تعالى عنهم أجمعين- .

وكذلك ينتشر عند الإباضية السحر والشعوذة والتعامل مع الجن وتعليق التمائم، وهذا لم يعرفه الخوارج الأولون!!

ومن غرائب الإباضية أن بعضهم يرتكب الفواحش ويقول علناً عن نفسه بأنه ارتكبها حقاً، وبشهادة الشهود لكن ليس بإرادته وإنما بسبب الأرواح الشريرة!! وهذه تماماً كأفعال غلاة الصوفية، نسأل الله تعالى العافية والسلامة.

فالواجب الحذر من هؤلاء ومعرفة حقيقتهم وعدم تغرير المسلمين بزيارتهم والثناء عليهم.

والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات