(٢) سلسلة نصيحة المغرر بهم من الإباضية
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : فهذه النصيحة الثانية من هذه السلسة فأقول: إن عوام الإباضية لا يعلمون كثيراً عن عقائد علمائهم المتقدمين والمتأخرين كما هو حال الرافضة وقد يفضحهم بعض الثرثارين كالمدعو مسعود المقبالي وخليل العامري (أبو الأيهم) وسليمان المشرفي (أبو المرداس) ، وقديماً قيل (من كثر لغطه كثر خطؤه) وقيل شعراً : ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم فمن عقائد الإباضية تكفيرهم وبراءتهم من علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- الصحابي الخليفة الراشد المبشر بالجنة ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوج خير بناته فاطمة رضي الله عنها ولقد شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بشهادة عظيمة بأنه يحب اللهَ ورسولَه ويحبه اللّهُ ورسوله (كما ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في صحيحه عن سَهْل بْنُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقِيلَ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ قَالَ فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا فَقَالَ انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ) وثبت أيضاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زكاه تزكية عظيمة من ذا الذي يظفر بمثلها فقد روى مسلم في صحيحه من طريق سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ : (أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي) . واعلم أيها الإباضي فقد غرر بك مشايخك فملأوا قلبك بغض عليٍّ رضي الله عنه مع أن حبه من الإيمان وبغضه من النفاق ، كما ثبت في صحيح مسلم قالَ عَلِيٌّ - رضي الله عنه- والذي فَلَقَ الحَبَّةَ، وبَرَأَ النَّسَمَةَ، إنَّه لَعَهْدُ النبيِّ الأُمِّيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلَيَّ: أنْ لا يُحِبَّنِي إلَّا مُؤْمِنٌ، ولا يُبْغِضَنِي إلَّا مُنافِقٌ.) والإباضية مازالوا منذ قرون جيل بعد جيل يبغضون علياً رضي الله تعالى عنه وبالمقابل يترحمون على عبدالرحمن بن ملجم الخارجي قاتل عليٍّ بن أبي طالب !
نعم هذه حقيقة يجهلها عوام الإباضية، ولذلك يتعجبون عندما يقال لهم أنكم تبغضون وتتبرؤون بل وتكفرون علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، لذا آن الآوان لبيان هذه الحقيقة وما خفي أعظم . وإليكم بعض النقولات :
١ / في كتاب الاستقامة تأليف علامة الإباضية أبي سعيد محمد الكدمي طبعة وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان عام (١٤٠٥) ص (١١٧) جاء فيه : (وقد أظهرت الحجة علي بن أبي طالب بالنكير لمفارقتهم له ، واعتزالهم عنه ، ومحاربتهم له ، إذ أراد حربهم على ذلك وبالواحدة من ذلك تقوم عليه الحجة ، ولو كان محقاً واحتمل حقه وباطله فإنكار الحجة عليه مزيل لعذره (موجب لضلاله وكفره!!!) انتهى كلامه الأثيم فقد حكم على الصحابي الجليل علي بن الطالب رضي اللّهُ عنه بالضلال والكفر . ٢ / وفي كتاب السير والجوابات لعلماء وأئمة عمان الجزء (الثاني) ص (٣٠٧) طبعة وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان عام (١٤٠٦) هجري جاء فيه : (فهذا دليل على كفر عليٍّ وضلاله وصواب أهل النهروان وعدلهم ، ثم إن عليَّاً خلعه الحكمان فلم يرضَ حكمهما وفرق الله أمره فقتله عبد الرحمن بن ملجم غضباً لله وكان ذلك منه حلالاً لقتله، الذين يأمرون بالقسط من الناس (فرحم الله عبد الرحمن) انتهى كلامه الأثيم وهذا أيضاً تكفير وتضليل لعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى، وانظر وتدبر كيف يترحم على عبدالرحمن بن ملجم القاتل الخارجي المجرم !! ٣/ وفي كتاب بيان الشرع، تأليف محمد بن إبراهيم الكندي / الجزء (الرابع) ص (170) طبعة وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان عام (١٤٠٥) جاء فيه : ويكون مَن شكَّ في ضلال عزان بن تميم ، كالذين شكوا في ضلال علي بن أبی طالب من بعد الفتنة، وقد ضلل المسلمون الشكاك الذين شكوا في ضلالة علي بن أبي طالب ،ومعاوية بن أبي سفيان) انتهى كلامه الأثيم وهذا زيادة على تضليل عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قد ضلل كل المسلمين باستثناء طائفته . وهذا غيض من فيض ، ونزر قليل مما في كتب الإباضية من تكفير للصحابي علي بن أبي طالب رضي الله عنه. واعلم - هداك اللّهُ لهداه - أن عامة المسلمين يحبون عليَّ بن أبي طالب رضي اللّهُ عنه ويترضون عنه ، لكن ضلت فيه طائفتان الأولى : الخوارج الذين رفضوا خلافته وكفروه وقاتلوه ، والثانية : الرافضة الذين ألّهوه وعبدوه من دون الله تعالى . سبحان الله لا أدري هل الإباضية يقرؤون القرآن ؟ هل قرؤوا قول الله تعالى : ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29]. وقول الله تعالى ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ﴾ [الفتح: 18 - 21].
وقول الله تعالى ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100] ؟
وإني انصح كل إباضي مغرر به أن يسأل كبراءهم هل علي بن أبي طالب رضي الله عنه داخل في هذه الآيات أو لا ؟
أيها الإباضي المغرر بك لعل من المناسب أنقل لك كلام أحد الثرثارين المدعو سليمان المشرفي (أبو المرداس) وهو يقرر مشروعية قتل الصحابي علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، إذ قال بصوته : (عندما سألتني يا صفدي لو قاتلك الإمام علي وأنت مع النهروان أتى لقتالكم هل ستقاتله؟ نعم سأقاتله أتى لقتالنا ذاك نعم سأقاتله، أتى لقتالنا ........ سأقتله عندما يكون باغياً علينا هكذا كتبتها بكتاب والآن أقولها بصوت ....... اتفقنا ؟ لو أتانا الإمام علي وكنت أنا في أهل النهروان وأتانا الإمام علي بغير وجه حق يريد أن يقاتلنا لازماً أن أقاتله دفاعاً عن نفسي هذا أمر لا يختلف عليه إثنان يعني... عجيب أمرك عجيب أمرك أنتم قاتلتم الإمام علي وهو خليفة أمير المؤمنين وعندما يأتي لقتال أهل النهروان تريد لأهل النهروان أن لا يقاتلوه دفاعاً عن أنفسهم هذا والله من أعجب هذه القذارة بمكان هذا الفكر القذر) انتهى كلامه الأثيم . أيها الإباضي المغرر بك لا تصدقهم أبداً إذا قالوا لك أنهم يحبون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهذا أكبر دليل على بغضهم إياه والله المستعان. والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين