موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

رسالة إلى الأخ الدكتور بدر الداهوم وفقه الله لهداه

4 شعبان 1442 |

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :

فهذه رسالة كتبتها راجياً من الله تعالى أن ينفع بها الدكتور بدر الداهوم ومَن شاء مِن عباده فهي رسالة وإن كانت باسمه خاصة لكن المعني بها غيره كذلك.

فأقول : يا دكتور بدر الداهوم أحسن الله إليك:

أولاً: تهييج الناس وتثويرهم أمر خطير جداً، إذ لا يمكنك ضبط عواطف الناس وردّة أفعالهم، حتى ولو قلت لهم لا نرضى تخريب البلد وممتلكاتها، كما أنك لا تضمن جانب المندسّين من الخلايا النائمة والمستيقظة من الحاقدين والحاسدين والمفسدين وتجار الحرب وأهل الفتن الذين يتربصون بالعباد والبلاد، فالتهييج والتثوير ، الذي نراه منك ومن غيرك ممكن جداً أن يحرق البلاد ويقضي على العباد، فهل انتبهت لهذه الحيثية، أم أنك عنها غافل ؟

ثانياً: لا يحق لك تخوين كل من لا يوافقك بمنهجك وأسلوبك إذ كل من سمع كلامك يظهر له بأن لا شريف ولا أمين ولا غيور إلا أنت ومن وافقك وساندك، وهذا ظاهر جداً، حتى أصبح من لا يسجل كلمة ينظر له بنظرة ازدراء واحتقار، ويُتهم بأنه خائن أو مرتزق أو متخاذل وفي هذا إرهاب معنوي لا يحق لك ولا لغيرك ممارسته.

ثالثاً: لم نسمع منك قط تذكر حسنة واحدة لولاة أمرنا، ولا للحكومة !! فهل يعقل أننا الأسوأ على الإطلاق؟ على الرغم من أننا دينياً ودنيوياً أفضل من أكثر سكان أهل الأرض ؟

رابعاً: من يتابع أطروحاتك يصعب عليه جداً أن يحدد هويتك ووجهتك، يرى الناس صورك وخطاباتك تجتمع مع كل من هبَّ ودبَّ مع الليبرالي والرافضي ومن اشتهر بترك الصلاة والتعاطي ومع الحزبيين المخربين وغيرهم، فياليت تحدد أنت مع من بالضبط؟

لا تقل أنا مع المصلح ضد المفسد فهذا التعبير كل الناس تستعمله ولا يمكن به تحديد الهوية أو المنهج أو الوجه.

كما أن من مشاهير المفسدين يقفون معك ويؤيدونك أيضاً. وهذا الأمر خطير جداً لقول النبي صلى الله عليه (المرء مع من أحب) رواه البخاري (6169) فأنت وإن طالت سلامتك ستموت فما فكرت مع من ستحشر ؟

خامساً: أريد أن أسمعها منك لا من غيرك ، هل أنت مع من يسعى إلى أن يكون رئيس مجلس الوزراء منتخب ومن غير أسرة آل الصباح ؟ أرجو أن تكون واضحاً وشجاعاً في إجابتك، لأن الذين يسعون لذلك فلن يرضيهم أي رئيس مجلس وزراء طالما من أسرة آل الصباح ، وغير منتخب، وحينئذٍ سعيهم لاستجوابه وإسقاطه لن يتوقف حتى لو كان أداؤه جيداً ولا أقول معصوماً إذ لا عصمة لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

سادسا: ما موقفك يا دكتور من هذا الحديث الذي أخرجه البخاري (5/13) ومسلم (1472/3) عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها» قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: «تؤدون الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم» «والأثرة » وهي : الانفراد بالمال ونحوه عمن له فيه حق، والحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه (3581)عن أنس بن مالك عن أسيد بن حضير رضي الله عنهم أن رجلاً من الأنصار قال يا رسول الله ألا تستعملني كما استعملت فلانا قال ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)؟

يا دكتور بدر : تصوّر نفسك بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقول لك يا بدر أَدِّ الذي عليك واسألِ الله الذي لك، واصبر حتى تلقاني على الحوض ، فماذا أنت قائل؟ هل ستقول سمعاً وطاعةً، أو تقول مثل ما تقوله اليوم ؟!

سابعاً : اِعلم أن كلام الله ورسوله حجة لك إن أخذت به ،أو حجة عليك إن اعرضت عنه ولقد دعوتك إلى امتثال أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا تكن ممن قال الله تعالى فيهم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا) (61) سورة النساء ولكن كن من الذين قال الله تعالى فيه (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (51) سورة النور.

ثامناً : لا غرابة أن يُعرض عن هذه الأحاديث ليبرالي لا يصلي يعمل مندوباً لعزمي بشارة النصراني الصليبي الكافر، أو باطني يدافع عن الخلايا التي تترصد بلادنا ولا يؤمن بأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما المستغرب من دكاترة في الشريعة وتربّوا في المساجد يُذكّرون بأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم لا يتذكرون ويعرضون عنها كأنهم لا يسمعو.

تاسعاً: يا دكتور بدر أنت حاصل على دكتوراه في الشريعة غير أنك آخر ما تتكلم فيه الشرع، فغالب كلامك الدستور، القانون، العفو الشامل، الأموال، الحرية، رئاسة المجلس. أين مطالباتك الشرعية، التي أصلاً استبحتم لأنفسكم دخول المجالس النيابية من أجلها؟

عاشراً : سبق أن وجهت لك نصيحة عادية جداً لم أذكر فيها اسم أحد بعينه، فقلت: أنصحك لا تهيج الناس ولا تضع يدك بيد رافضي ولا ليبرالي ولا إخواني ولا ملحد (واللي مو على دينك ما يعينك)وعلى أثر هذه النصيحة تم رفع قضية ضدي، وأخذت القضية مجراها من المباحث إلى النيابة وتم التحقيق معي وخرجت بعد ساعات قضيتُها في النيابة ودفعت كفالة مائتي دينار، وكانت التهمة تمزيق الوحدة الوطنية، وأنت كما ترى ليس في نصيحتي تمزيقاً ولا هم يحزنون، ثم كيف أمزق ما هو ممزق أصلاً ؟

والسؤال : وما المراد من القضية؟ ومن وراؤها؟ في تقديري أن المقصود تكميم الأفواه، حتى لا ينصحك أحدٌ وهذا خلاف ما تنادي به، إذ من حقي أن أنصح، بما أراه نصيحة بالتي هي أحسن للتي هي أقوم، ولا سيما أنني ما اخطأت في حق أحد ولا ذكرت اسم أحد ولا قلتُ فلان بهيمة ولا فلان فاسد ولا قلت البلد غارقة بالفساد ولا قلت لم يبق إلا الفاسدون ولا قلت الكويت نحرت من الوريد إلى الوريد.

فإذا كان من حقك ومن حق غيرك أن تقولوا لا نتعاون مع الحكومة ولا مع رئيس مجلس الوزراء ولا رئيس مجلس الأمة ولا البهائم الذين وراءه، فما جريمتي لما أنصحك بأن لا تضع يدك بيد الفئة الفلانية أو الفئة الفلانية ؟ والذين رفعوا عليَّ قضية هم في صفك الآن، ويطبلون لك وتصور معهم ويدعون إلى حرية الكلمة لكنهم لا يتحملون كلمة في نقدهم ‼️لماذا ؟ لأنهم وضعوا على أنفسهم "قدسية" فهم فوق النقد ولا يحق لأحد أن يمسّهم بكلمة ولو لم يكن فيها مساس، فيسمحون لأنفسهم ، ولك ولغيرك نقدُ أكبرِ رأس بالتصريح والتلميح ، ونقدُ الوزارات والسلطات والمؤسسات، ومَن يعترض عليهم يكيلون عليه بالتهم والشتائم ويقولون فيه ما لم يقل مالك في الخمر. أسأل الله تعالى أن ينفعني بهذه الرسالة وإياك ومن شاء من عباده. والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

المقالات