موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

مواطن صالح وليس عند الله صالحاً

3 رمضان 1430 |

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

فلقد التقيت الأخ «نعيم» في زيارتي الثالثة للولايات المتحدة الأمريكية في واشنطن دي سي العاصمة في يوم الاثنين 15 جمادى الآخرة1430 الموافق 8/6/2009، وسألني عن حكم قبول مساعدة ودعم من الحكومة الأمريكية تدفعه لنشاطهم الدعوي في المسجد بشرط أن يكون نشاطهم «للإصلاح الاجتماعي» فقط دون الدعوة إلى أي ديانة لا الإسلام ولا النصرانية ولا اليهودية، وإنما لمعالجة المدمنين ومحاربة مروجي المخدرات وتجار الأسلحة وإصلاح شؤون الأسرة، ومتابعة الخارجين من السجون والعناية بتربية الأطفال وإشغال فراغهم ومراعاة العجزة والمرضى والمعاقين، وإلى آخر ذلك مما العلم به يغني عن الإطالة في ذكره.

أقول: إن الأخ «نعيم» وهو مسلم أمريكي سألني: هل أقبل هذه المساعدات بهذا الشرط وخصوصا لأنهم بحاجة ماسة إلى المال فمسجدهم صغير ويدفعون له الإيجار الشهري أو السنوي والمتوافدون إليه كثيرون وبازدياد مستمر فهم بحاجة ماسة إلى هذا الدعم؟

ولا شك وبلا أدنى تردد أشرت عليه أن يرفض هذا العرض رفضاً تاماً لما فيه من المنافاة التامة للإسلام ومقاصد الشريعة لأن الحكمة من خلق الله تعالى للجن والإنس وإرسال الرسل وإنزال الكتب هو عبادة الله وحده لا شريك له مع المتابعة التامة لرسول الله عليه الصلاة والسلام.

ولا شك أيضا أن تلك الأمور المذكورة وبما يعبر عنها بالإصلاح الاجتماعي وإيجاد المواطن الصالح أمور طيبة ومنشودة ولا نزاع على أهميتها لكن ليس بالضرورة أن إقامتها تكون على أساس التخلي عن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر.فما المانع من الجمع بين الإيمان والاستقامة؟

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون{َ (13) (الأحقاف)، وفي صحيح مسلم ( 38) عن سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدا بعدك. قال: (قل آمنت بالله فاستقم).

أقول: وحينئذ يمكن للإنسان أن يكون صالحا عند الله تعالى بإيمانه وأعماله وأيضا يكون مواطنا صالحا في مجتمعه بل كلما ازداد إيمانه ازداد صلاحه وإصلاحه في المجتمع.

تشابهت قلوبهم

أخي القارئ الكريم اعلم أرشدك الله للتقوى بأن هذه الدعوة الغربية والتي يدعو إليها الكفار من الشرق والغرب قد ابتليت بها كثير من الجماعات الدعوية وتلطخت بها مناهجهم الفكرية فكثير من أنشطة هذه التجمعات والجمعيات والأحزاب تركز على إيجاد المواطن الصالح وبرامج الترفيه للأطفال والمراهقين دون التوحيد والعقيدة والسنة!

بل لم يكتفوا بإهمال هذا الجانب العظيم من الدين والأساسي لملة الإسلام وإنما تجدهم يحاربون التوحيد وأهله ويقللون من شأنه ويستبدلون العقيدة السلفية الصحيحة النقية بالعقائد الفلسفية الكلامية.

هذه دعوتنا

والذي ندعو أنفسنا والناس إليه هو التمسك بالكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة ونبذ كل ما يخالف ذلك ونؤمن بأن الدين كامل وصالح لكل زمان ومكان لقوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة:3]، وقال تعالى: {وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ} [النور: 55]، فهذا الدين الذي أكمله الله تعالى وأتم به النعمة ورضيه لنا ديناً فكيف لعاقل أن يلتمس غيره لإصلاح المجتمع؟

إذن أين الخلل

مما يدين به كل مسلم أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان إذن أين الخلل؟

الجواب: الخلل له أسبابه الآتية :

أولا: قد يكون من الفهم السقيم للإسلام ومن ثم يحصل الانحراف.

ثانيا: وقد يكون الخلل في التطبيق لأحكام الإسلام.

ثالثا: وقد يتمسك بعض الناس بأمور وممارسات ليست من الإسلام ظنا منهم أن هذا هو الإسلام.

رابعاً: وقد يكون الخلل في إرادة الدعاة إلى الإسلام ففيهم من يستفيد من الدعوة جاهاً أو مالاً أو منصباً أو سلطة أو غير ذلك.

الخلاصة

نحن بحاجة إلى أن نصلح أنفسنا ومجتمعنا ولن يكون ذلك إلا بالتمسك بالإسلام الصحيح تمسكا صحيحا. والله اسأل أن يوفق المسلمين لكل خير وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله أولاً وآخرا وظاهرا وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.

المقالات