التعقيب على رسالة ناصر شمس الدين (اللي مو من الإخوان المسلمين) (٣/٢)
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين أما بعد : فإن مسألة تعيين أحد بعينه بالشهادة من المسائل التي عرفها صغار طلبة العلم السلفيين منذ عشرات السنين ، فقد كنَّا قبل أربعين سنة نناقش ونجادل الإخوان المسلمين الذين يقولون "الشهيد حسن البنا" و"الشهيد سيد قطب" وسبحان الله دار الزمان واليوم تجددت المسألة فجاء الأخ ناصر شمس الدين الذي هو (مو من الإخوان المسلمين) يجادل في المسألة نفسها. رورو البخاري في صحيحه كتاب الجهاد والسير (بَاب لَا يَقُولُ فُلَانٌ شَهِيدٌ) قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ (٢٧٤٢) وساق بسنده إلى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَسْكَرِهِ وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ فَقَالَ مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَانٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ أَنَا صَاحِبُهُ قَالَ فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ قَالَ فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ فَقُلْتُ أَنَا لَكُمْ بِهِ فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجنة فتح الباري بشرح صحيح البخاري (6/106/2742) ولعل الأخ ناصر خفي عليه أو نسي هذا الباب لما تحول إلى الذين (مو من الإخوان المسلمين) وبسبب إنشغاله بالسياسة وبالدفاع عن الإخوان المسلمين .
وقد سئل شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى عن هذه المسألة بعينها فقال السائل هل يجوز إطلاق (شهيد) على شخص بعينه فيقال: (الشهيد فلان)؟ الجواب: (لا يجوز لنا أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد ، حتى لو قتل مظلومًا أو قتل وهو يدافع عن الحقِّ، فإنه لا يجوز أن نقول: فلان شهيد وهذا خلاف لما عليه الناس اليوم حيث رخصوا هذه الشهادة وجعلوا كل من قتل حتى ولو كان مقتولًا في عصبية جاهلية يسمونه شهيدًا، وهذا حرام؛ لأن قولك عن شخص قتل: هو شهيد يعتبر شهادة سوف تسأل عنها يوم القيامة، سوف يقال لك: هل عندك علم أنه قتل شهيدًا؟ ولهذا لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ما مِن مكلوم يُكلم في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دما، اللون لون الدم، والريح ريح المسك» فتأمل قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «والله أعلم بمن يُكلم في سبيله». يُكلم: يعني: يُجرح، فإن بعض الناس قد يكون ظاهره أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ولكن الله يعلم ما في قلبه, وأنه خلاف ما يظهر من فعله، ولهذا بوب البخاري -رحمه الله- على هذه المسألة في صحيحه فقال: (باب لا يقال فلان شهيد)؛ لأن مدار الشهادة على القلب، ولا يعلم ما في القلب إلا الله -عزّ وجلّ- فأمر النية أمر عظيم، وكم من رجلين يقومان بأمر واحد يكون بينهما كما بين السماء والأرض وذلك من أجل النية فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه والله أعلم) انتهى كلامه مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(3/114)
قال الأخ ناصر شمس الدين (اللي مو من الإخوان) : (طيب ممكن يقول لنا الأخ سالم الطويل رأيه في الصحابة رضي الله عنهم يوم غزوة خيبر حيث قالوا في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم ( فلان شهيد، فلان شهيد ..) وسكت عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل لهم: هذا قول على الله بلا علم، وعندما قالوا عن الثالث: ( فلان شهيد، هنا قال - صلى الله عليه وسلم - (هو في النار في بردة غلها أو عباءة ) رواه مسلم. فيا أيها الأحبة الكرام من ينبري للأخ/ سالم ويقول له: لِمَ لَمْ ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة وصفهم للرجلين بالشهادة!؟) انتهى كلامه أقول: سبحان الله ما ذكره الأخ ناصر عليه وليس له ‼️ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بين أصحابه رضي الله عنهم فيقرهم على الصواب وينكر عليهم الخطأ، كما في الحديث الذي ذكره الأخ ناصر، فمن شهدوا له بالشهادة وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك قلنا عنه شهيد لأن إقراره وحي من الله تعالى، وما أخطؤوا فيه ينكره عليهم، بينما الأخ ناصر لما قال عن محمد مرسي بعينه بأنه "الشهيد السعيد" فمن يقره أو ينكر عليه ؟ نظير هذه المسألة ما رواه مسلم (600) عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ رَجُلًا جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ: ( أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ ؟ ) ، فَأَرَمَّ الْقَوْمُ [ أي : سكتوا] ، فَقَالَ : ( أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا ) ، فَقَالَ رَجُلٌ: جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلْتُهَا، فَقَالَ: (لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا) " فصار قول (الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ) صار هذا الذكر مشروعاً بل مستحباً يقال بعد الإعتدال من الركوع لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يحق لأحد يبتدع أذكاراً معينة في مناسبات أو مواضع من الصلاة أو غيرها، بحجة أن الصحابي رضي الله عنه قال ذلك الدعاء أو الذكر، فالصحابي أقره النبي صلى الله عليه وسلم لكن غيره من يقره ؟
وأقول أيضاً : يا أخ ناصر شمس الدين كما لا يخفى عليك أن من المشاهير الذين يُطلق عليهم شهداء اليوم اثنان
١/ الهالك صدام حسين البعثي المعتدي سفاك الدماء، والذي لقبه شيخك عبدالرحمن عبدالخالق بالبطل الصنديد
٢/ الهالك قاسم سليماني الرافضي الأثيم الذي دمر العراق وسوريا وأثخن في دماء الأبرياء، والذي قال عنه إسماعيل هنية الإخواني : بأنه شهيد القدس شهيد القدس شهيد القدس .
فيا أخ ناصر شمس الدين بما أنك (مو من الإخوان المسلمين) فأرجو أن
لا تكيل بمكيالين كعادة الإخوان المسلمين ، أجب وبكل صدق وصراحة ووضوح ما حكم من يقول الشهيد صدام حسين والشهيد قاسم سليماني ؟
وهل لهم الحق أن يستدلوا بدليلك، ويحتجوا بحجتك ويقولوا بقولك ؟
مع ذكر السبب سواء كان جوابك بـ يجوز أو لا يجوز
هذا التعقيب الثاني على الأخ ناصر شمس الدين (اللي مو من الأخوان المسلمين)
وسيأتي التعقيب الثالث
إن شاء الله تعالى .
والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين