رسالة إلى مسعود المقبالي الإباضي لا تشرك بالله ولا تَغْلُ في الدين (2/2)
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : فهذا الجزء الثاني في الرد على المنشد مسعود المقبالي الصوفي ثم الإباضي في دفاعه عن قصيدة البردة للبوصيري الصوفي الشاذلي فأقول وبالله استعين وعليه أتوكل وإليه انيب :
الثالث عشر: حاول المقبالي الترقيع للبوصيري في قوله : إنْ لَمْ يَكُنْ في مَعَادِي آخِذًا بِيَدِي فَضْلًا وَإِلَّا فَقُلْ يَا زلَّةَ القَدمِ يَا أَكْرَمَ الخَلقِ مَا لي مَن أَلُوذُ به سِواكَ عند حُلولِ الحَادِثِ العَممِ فوجّه قوله بتوجيه باطل متعسف به فقال : أن البوصيري يقصد شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - العظمى التي ثبتت في البخاري ومسلم فأقول : الشفاعة العظمى لا يأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيد أحد لا البوصيري ولا غيره، وإنما يشفع لكل الناس في الموقف ليبدأ الله تعالى بفصل القضاء بين عباده . وهذه الشفاعة لم يسألها الصحابة رضي الله عنهم من النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ولا بعد وفاته بل المشروع أن ندعو الله له - صلى الله عليه وسلم - لا أن ندعوه . فقد روى مسلم في صحيحه (384) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ : (إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ، لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ، فمَن سَأَلَ لي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفاعَةُ) فتأمل قوله - صلى الله عليه وسلم - (ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ) إذن المشروع أن ندعو له لا أن ندعوه صلوات ربي وسلامه عليه . فإذا لم يرشدنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نسأله الشفاعة بعد وفاته ولم يكن الصحابة رضي الله عنهم يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - الشفاعة بعد وفاته . فهل يعقل أن يفوت ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم ويدركه البوصيري أو المقبالي أو الخليلي أو غيرهم ؟ (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) (الصافات) الرابع عشر : تورط المقبالي وغيره من منكري الشفاعة من المعتزلة والإباضية الخوارج وغيرهم بأبيات البوصيري فهم ينكرون كل الشفاعات إلا الشفاعة العظمى فحملوا كلام البصيري عليها ‼️ الخامس عشر: الحادث العمم في قول البوصيري يا أكرمَ الخلقِ مالي مَن ألوذُ بِه سِواكَ عِندَ حُلُول الحَادِثِ العَمِمِ هو يوم القيامة، والحق أن الناس يوم القيامة يلتمسون من يشفع لهم عند الله تعالى فكلما أتوا نبياً من الأنبياء اعتذر وقال نفسي نفسي إن الله غضب اليوم غضباً لم يغضب مثله قبلُ ولن يغضب مثله بعدُ وينتهي الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : أنا لها أنا لها ، فتلك هي الشفاعة العظمى وتكون لكل الناس ليست للصوفية ولا للإباضية دون غيرهم (أَفَلَا تَعْقِلُونَ)(138) (الصافات)؟ السادس عشر: اعترض المقبالي على قولي في البوصيري (بأنه لم يكُن عالِمًا قطُّ، ولم يَعُدَّه أحدٌ من المترجمين له في عِداد العلماء، بل عدُّوه من الشُّعراء) ولم يكن لاعتراض المقبالي معنى، فمن ليس من أهل العلم فمن السفه السير على كلامه وما يقرره في العقيدة ولو كان شاعراً . السابع عشر: قارن المقبالي بين الصحابي حسان بن ثابت رضي الله عنه شاعر النبي صلى الله عليه وسلم وبين البوصيري بحجة أن كلاً منهما شاعر ‼️ وبهذا يستغفل المقبالي الإباضية المغرر به ، فالبوصيري ما هو إلا شاعر صوفي عاش ومات في القرن السابع بينما حسان بن ثابت رضي الله عنه صحابي تربى في مدرسة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتخرج منها، وكان ينشد بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي صلى الله عليه وسلم ويقره على ما يقول فلو أخطأ لقوَّمه النبي - صلى الله عليه وسلم - فأين البوصيري من حسان بن ثابت رضي الله عنه حتى يقارنه به؟! الثامن عشر : أعرض المقبالي وهو يدعي فهماً باللغة العربية وأساليبها مع ذلك أقول: أعرض عن التعليق على حرف الجر "من" في أبيات البوصيري فقوله : فإنَّ "مِن" جُودِك الدُّنيا وضَرَّتها "ومِن" عُلومِك عِلمَ اللَّوحِ والقَلَمِ فحرف الجر "من" إما يكون للتبعيض ويكون معنى كلام البوصيري أن بعض جود النبي - صلى الله عليه وسلم - وكرمه ؛ الدنيا والآخرة وبعض علوم النبي - صلى الله عليه وسلم - علم اللوح والقلم ، وإما أن يكون للإبتداء فيكون معنى كلام البوصيري أن بداية كرم النبي - صلى الله عليه وسلم - الدنيا والآخرة ، وبداية علم النبي - صلى الله عليه وسلم - علم اللوح والقلم . فإن كان عند المقبالي معنى غير هذين المعنيين في هذا السياق ليرقع فيه قصيدة البوصيري فليذكره ولكن أنَّى له ذلك ؟ التاسع عشر: شنع المقبالي على الشيخ عبدالله القصير حَفِظَه اللّهُ تعالى في تعليقه على البوصيري لما قال: (وماذا أبقى لله تعالى ؟) ولسوء فهم المقبالي ظن أن الشيخ عبد الله يقصد أن غاية علم الله تعالى اللوح والقلم لذلك شنع عليه‼️ ولا شك ولا ريب مثل الشيخ عبدالله لا يخفى عليه أن صفات الله لا منتهى لها، وإنما أراد الشيخ “عبدالله” بقوله فماذا أبقى لله من صفاته لم يشركوا النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الله تعالى ؟ إذا النبي - صلى الله عليه وسلم - من جوده الدنيا والآخرة ومن علمه اللوح والقلم . نظير هذا إذا قيل : المشرك جعل لله أنداداً ، أي فيما يعتقده أن لله تعالى نداً وإلا لا يملك أحدٌ أن يجعل مع الله نداً يشركه في ملكه أو حقوقه أو صفاته . ومثال آخر يقال عن الذي ينفي صفات الله تعالى أنه عطَّل الله تعالى عن صفاته، أي أنه يعتقد أن ليس لله تعالى صفات وليس المعنى قطعاً أنه سلب من الله صفاته وبقي الله معطلاً بلا صفات . كما لما يقول الإباضي : إن الله تعالى ليس فوق مخلوقاته ‼️ فقد عطل الله عن صفة العلو في عقيدته وليس معناه أن الله تعالى ليس في علوه . مثال ثالث إذا قيل : النصارى جعلوا لله ولداً أي أنهم اعتقدوا أن عيسى عليه السلام ابن الله تعالى وأما الله تعالى فليس له ولد . وهذا واضح والحمد لله رب العالمين.
العشرون : رد المقبالي على الشيخ عبد الله القصير وشنع عليه دون أن يذكر اسمه، وهذا ما يفعله كثيراً حتى أنه ليكفر الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في الخلوات وفي المراسلات الخاصة ولا يظهر ذلك علانية وذلك لحاجة في نفسه، أليس المقبالي من تربية المفتي أحمد الخليلي ؟ فماذا نتوقع منهم ؟ الواحد والعشرون : المقبالي وغيره من أهل البدع يعبثون بالألفاظ بحجة أن الكلام فيه حذف وتقدير ، ولا شك أن الحذف والتقدير من كلام العرب لكن لابد له من قرائن وسياق يدل عليه وإلا انقلب الحق باطلاً والباطل حقاً . بل يمكن تغيير معنى الكلام بحجة الحذف والتقدير إلى معاني معكوسة تماماً فلو قال قائل لأخيه المسلم أنت كافر ‼️ فإذا قال له كيف تكفرني وأنا مسلم ؟ فإن ردَّ عليه وقال : كلامي فيه حذف فأنا أقصد أنك كافر بالطاغوت‼️ فهذا لا يقبل كلامه باتفاق العقلاء وكذا لو قال قائل : فرعون مؤمن‼️ فإذا قيل له : كيف تقول عن فرعون أنه مؤمن ؟ فإن قال : كلامي فيه حذف وتقدير وقصدي أن فرعون مؤمن بالجبت والطاغوت ‼️ فهذا لا يقبل منه باتفاق العقلاء وهكذا يفعل أهل الباطل إذ يعبثون بالألفاظ بحجة الحذف والتقدير ويبررون الشرك والكفر ، وهكذا يفعل المقبالي وغيره ، فالبوصيري يقول صراحة بأن لا أحد يأخذ بيده يوم القيامة ويُنقذه من هولها إلا النبي - صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول: (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا ۖ وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ)(19) (الانفطار) وقوله (يَوْمَئِذٍ) أي يوم القيامة (لله) وحده وليس لرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا لغيره . ويزعم البوصيري - وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - من جوده وكرمه الدنيا والآخرة والله تعالى يقول : (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(26)(ال عمران) فالملك لله وحده ،ويزعم البوصيري ويوافقه المقبالي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - من علمه اللوح المحفوظ والقلم وهذا غلو كبير قبيح شنيع فيتعسف المقبالي ليجعله حقاً وصواباً بحجة أن الكلام فيه حذف وتقدير وله تأويل يفهمه هو وأمثاله ولا يفهمه غيرهم ‼️ سبحانك هذا بهتان عظيم . الثاني والعشرون: برر المقبالي غلو البوصيري من كون بعض أو بداية علم النبي - صلى الله عليه وسلم - اللوح والقلم أن ذلك يكون بإذن الله تعالى، واستدل بقوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (٢٧) (الجن) وهذا الإستدلال بعيد جداً بل باطل من وجهين 1/ أن الله تعالى يظهر لرسله بعض الغيب وليس كل ما في اللوح المحفوظ فضلاً أن يكون اللوح والقلم بعض علم النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بدايته ؟ 2/ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب كما في قوله تعالى (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۚ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ ۚ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ)(50)(الانعام) فكيف يقال إنه - صلى الله عليه وسلم - من علمه اللوح والقلم ؟ سبحان الله ألم أقل أن عقيدة الإباضية بينها وبين عقيدة الرافضة تشابه بل وتطابق ؟ فهذا القول مطابق تماماً لكلام الرافضة الذين يصفون الأئمة بصفات الربوبية والألوهية ثم يقولون هذا حاصل بإذن الله تعالى‼️ والمقبالي صراحة يدافع عن بردة البوصيري الصوفي الشاذلي والذي يغلو بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعوه من دون الله تعالى، ويدافع عن الرافضة ضمناً وهذا يدل على التداخل والتشابه بل والتطابق بين عقائد الرافضة والصوفية والإباضية الثالث والعشرون : ختم المقبالي كلامه بتكفير من أنكر على البوصيري غلوه الباطل فقال : (وعليه فكل ما يدعيه هذا ….. ومن شاكله …. أن بردة البوصيري اشتملت على شركيات إنما ينادي بأعلى صوتٍ أن هؤلاء يبطنون عداءً شرساً للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، غير أنهم يتغمصون زوراً بلباس الحرص على التوحيد ، والتوحيد منهم براء وعليه فسقط كل ما يدعونه حول هذه البردة وهي بردة شريفة منيفة مقبولة في بقاع الأرض وأصقاعها) انتهى كلامه بحروفه مع حذف الشتائم التي اعتاد عليها وامتاز بها نسأل الله العافية أقول: لا يعلم ما في البطون والصدور إلا الله تعالى، ولا يمكن لمسلم أن يعادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا عداءً شرساً ولا عداءً يسيراً ، بل لا يبطن أو يظهر العداء لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا الكافر، ولا يتغمص زوراً بلباس التوحيد ويبطن الشرك إلا المنافق الكافر، ولا يكون من التوحيد براء إلا المشرك، وبهذا الاتهام من المقبالي لأهل التوحيد والسنة يفضح المقبالي الإباضية الخوارج الذين يكفرون المسلمين، وهذا ما ينكره دائماً المفتي المتلون أحمد خليلي إذ يتظاهر بأنه يحب المسلمين ويسعى إلى وحدتهم ونبذ الخلافات بينهم ، ويتباكى على حالهم ويظهر الخشوع والمسكنة وهو على خلاف ذلك، بفضيحة المقبالي له، فشكراً مسعود الإباضي على ما تقدمه من إظهار الحقائق عن عقيدة الإباضية ومشايخها ‼️ والمقبالي يدافع عن بردة البوصيري الصوفي الشاذلي والذي يغلو بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعوه من دون الله تعالى، كالرافضة وهذا يدل على التداخل والتشابه بل والتطابق بين عقائد الرافضة والصوفية والإباضية . فالحمد لله على نعمة التوحيد والسنة . الرابع والعشرون: تبين من دفاع المقبالي عن بردة البوصيري أن دعوة التوحيد عند الإباضية ضعيفة بل قد تكون معدومة، فهم لا يعرفون التوحيد ولا الشرك‼️ وغاية ما عندهم مسألة التكفير بالكبيرة وخلود صاحبها في النار ونفي الرؤية والقول بخلق القرآن‼️ الخامس والعشرون: الإباضية يكفرون المسلم بالمعصية الواحدة بل حتى منهم من يكفر خلفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - كعثمان وعلي رضي الله عنهما بينما يدافعون عن الشرك وذرائعه ووسائله ‼️ السادس والعشرون : بما أن الدين النصيحة فأنصحك يا مسعود المقبالي (لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(13) (لقمان) ولا تَغْلُ في الدِّين لقوله تعالى (لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ ) (77) (المائدة) وأن لا تجادل عن الذين يقررون الشرك ويدعون له . والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.