موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

بيان كذب الإباضي المفتري (١/ ٢ )

14 شوال 1443 |

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين أما بعد فمازال كبراء وسادات الإباضية يضلون اتباعهم السبيلا حتى اقنعوهم زوراً وبهتاناً أن القول بخروج عصاة الموحدين من النار الذي هو من عقيدة النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو من عقيدة اليهود الذين ذمهم الله تعالى في كتابه ولعنهم ومسخ منهم أقواماً قردة وخنازير ‼️ اليهود الذين قال الله تعالى عنهم في كتابه : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ۖ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٥) سورة آل عمران فيقول الإباضي الكبير المفتري الأثيم : هذه الآيات دليل على أن النبي صلى عليه وسلم واتباعه بحق أهل السنة والجماعة يقولون بقول اليهود ويعتقدون عقيدتهم‼️ وإنما قال الإباضي ذلك إما لخبث إرادته أو لسوء فهمه أو لهما وهذا الأقرب . ولو تدبر وتأمل الإباضي قليلاً وقارن بين العقيدة النبوية عقيدة أهل السنة وعقيدة اليهود - لعنهم اللّهُ ومن وافقهم في باطلهم - لوجد الفرق بيناً واضحاً جلياً أولاً : اليهود كفار قالوا : عزير ابن اللّه وعبدوا العجل من دون اللّه وقالوا إن الله تعالى فقير ونحن أغنياء وقالوا يد اللّه مغلولة وهم يكفرون بآيات اللّه ويقتلون الأنبياء بغير حق وكذَّبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتولون معرضين وانكروا نبوته وغير ذلك مما عندهم من الكفريات ومع ذلك كله يقولون "لن تمسنا النار " ‼️ بينما أهل السنة بريئون من ذلك كله . وقالوا بكل وضوح أن الكفار المشركين مخلدون في الجحيم وإنما عصاة الموحدين هم الذين لا يخلدون في النار ومنهم من يعذب عذاباً شديداً حتى يصيروا حمماً . ثانياً : لم يَدعِ سني واحد قط أن النار لن تمسه ولم يقل أحد من أهل السنة نحن أبناء الله وأحباؤه ، بينما اليهود زعموا ذلك زوراً وبهتاناً ثالثاً : أهل السنة لم يقللوا من شأن عذاب النار ، بينما اليهود قالوا : (لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامًا مَّعْدُودَٰتٍۢ ۖ وَغَرَّهُمْ فِى دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ) سورة آل عمران آية ( ٢٤ ) وقولهم هذا للتقليل من شأن عذاب الله تعالى ، نظير هذا قول اللّه تعالى في الصيام إذ قال : (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ) (184) سورة البقرة لأن الصائمين قد يجدون شيئاً من المشقة فقال اللّهُ تعالى تهويناً عليهم " أياماً معدودات" وكذا في الحج لما رغب بالتأخير ليومين فقال لبيان يسرها : (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ۚ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203) سورة البقرة . رابعاً : رد الله تعالى على اليهود لما قالوا : (لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً ) بقوله تعالى : (قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ ٱللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ ٱللَّهُ عَهْدَهُۥٓ ۖ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) سورة البقرة آية (80) خامساً : اعتمد أهل السنة في عقيدتهم على أدلة من الكتاب والسنة كقوله تعالى : (إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِۦ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَٰلًۢا بَعِيدًا) سورة النساء آية (116) وقال تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ ۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرٌ ) سورة المائدة آية ( 40) وقال تعالى :(يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ ۖ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ ) سورة العنكبوت آية (21) وأما الأدلة من السنة المطهرة فقد ثبتت عشرات الأحاديث التي تدل على خروج أقوام من النار ، منها ما رواه البخاري في صحيحه حديث رقم (6560) قال : حدثنا موسى حدثنا وهيب حدثنا عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إذا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، يقولُ اللَّهُ: مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ حَبَّةٍ مِن خَرْدَلٍ مِن إيمانٍ فأخْرِجُوهُ، فَيَخْرُجُونَ قَدِ امْتُحِشُوا وعادُوا حُمَمًا، فيُلْقَوْنَ في نَهَرِ الحَياةِ، فَيَنْبُتُونَ كما تَنْبُتُ الحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيْلِ - أوْ قالَ: حَمِيَّةِ السَّيْلِ - وقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ألَمْ تَرَوْا أنَّها تَنْبُتُ صَفْراءَ مُلْتَوِيَةً) وما رواه مسلم في صحيحه حديث رقم (184) قال : حدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا ابن وهب قال أخبرني مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى بن عمارة قال حدثني أبي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يُدْخِلُ اللَّهُ أهْلَ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، يُدْخِلُ مَن يَشاءُ برَحْمَتِهِ، ويُدْخِلُ أهْلَ النَّارِ النَّارِ، ثُمَّ يقولُ: انْظُرُوا مَن وجَدْتُمْ في قَلْبِهِ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِن خَرْدَلٍ مِن إيمانٍ فأخْرِجُوهُ، فيُخْرَجُونَ مِنْها حُمَمًا قَدِ امْتَحَشُوا، فيُلْقَوْنَ في نَهَرِ الحَياةِ، أوِ الحَيا، فَيَنْبُتُونَ فيه كما تَنْبُتُ الحِبَّةُ إلى جانِبِ السَّيْلِ، ألَمْ تَرَوْها كيفَ تَخْرُجُ صَفْراءَ مُلْتَوِيَةً؟ وفي رواية: فيُلْقَوْنَ في نَهَرٍ يُقالَ له: الحَياةُ، ولَمْ يَشُكَّا. وفي رواية: كما تَنْبُتُ الغُثاءَةُ في جانِبِ السَّيْلِ. وفي رواية: كما تَنْبُتُ الحِبَّةُ في حَمِئَةٍ، أوْ حَمِيلَةِ السَّيْلِ.)

قال الإباضي الأثيم المفتري على الله ورسوله الكريم : هذه أحاديث اليهود وهي مكذوبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ‼️ فأقول : أن قولك أيها الإباضي اشبه ما يكون بقول الذين ذكرهم الله تعالى بقوله (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥) ) سورة الفرقان . فالمسلم حقاً لا يتجرأ على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ويصفها بأنها كذب وافتراء ، إلا إذا كان عنده بينة تدل على أنها ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هي كذب وزو . ويثبت بالدليل والبرهان أنها مكذوبة موضوعة . فالحديث الذي رواه البخاري قال فيه حدثنا (موسى) حدثنا (وهيب) حدثنا (عمرو بن يحيى) عن (أبيه) عن (أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه أن (النبي صلى الله عليه وسلم) قال : وذكر الحديث فيا أيها الإباضي المغرر بك اسأل الإباضي الكبير المفتري الأثيم من الذي كذب بهذا الحديث ؟ هل (البخاري) أو شيخه (موسى) أو (وهيب) أو (عمرو بن يحيى) أو (أبو عمرو) أو (أبو سعيد الخدري) أو - والعياذ بالله - النبي صلى الله عليه وسلم ؟ في هذه الحالة إذا قال الإباضي هذا الحديث مكذوب وهو من أحاديث اليهود وجب عليه أن يحدد من الذي كذبه ؟ فديننا قد بلغنا عن طريق الأسانيد ووضع له علم اسمه علم الجرح والتعديل له قواعده وأصوله ، وصنفت كتب بأسماء الرجال وطبقاتهم . فإذا حكم الإباضي على راوٍ بأنه كذاب لزم أن يذكر الأدلة على ذلك . يلزمه أن يقول مثلاً فلان كذاب وضاع قال عنه فلان كذا وقال عنه فلان كذا وقال عنه فلان كذا . فإن لم يفعل ذلك صار مكذباً للحديث لمجرد هوى وهذا حال أهل البدع كلما جاءهم حديث استكبروا ففريقاً كذبوا وفريقاً يستهزؤن . حقاً هذا واقع الإباضية وسائر أهل البدع يردون الأحاديث ويكذبونها ويستهزؤن بها ويسخرون منها بحجة أنها تخالف القرآن أو تخالف العقل والحق أن الأحاديث لم تخالف القرآن ولا خالفت العقل وإنما خالفت أهواءهم وعقائدهم . والخلاصة : أن الفرق كبير وواضح بين بين عقيدة أهل السنة وعقيدة اليهود . أولاً : اليهود كفروا وزعموا زوراً وبهتاناً أنهم أبناء الله وأحباؤه . وأهل السنة قالوا : إن الكفار يخلدون في النار وإنما المسلمون الموحدون هم الذين لا يخلدون في النار وقد يعذبون عذاباً شديداً . ثانياً : اليهود قالوا لن تمسنا النار وأهل السنة قالوا ممكن أن يدخل المسلم النار بسبب المعاصي ثالثاً : اليهود قالوا إن مستهم النار فلن تمسهم ألا أياماً معدودات وأهل السنة قالوا يدخل النار أقوام من أهل لا إله إلا الله ، فيعذبون فيها حتى يصيروا حمماً ثم يخرجون منها . إذن الفرق واضح كالشمس في رابعة النهار بين عقيدة أهل السنة النبوية وعقيدة اليهود الكفرية ولكن (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ) سورة النور آية (40) وللحديث بقية إن شاء الله تعالى . والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

المقالات