بيان كذب الإباضي المفتري (2/2)
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فهذا الجزء الثاني في الرد على الإباضي المفتري الأثيم الذي زعم أن عقيدة أهل السنة والجماعة التي هي عقيدة النبي صلى الله عليه وسلم توافق عقيدة اليهود إخوان القردة والخنازير ‼️ وما قال ذلك إلا عن حقد دفين ورثه كابر عن كابر، كفى الله المسلمين شرهم.
لقد زعم الإباضي الأثيم أن عصاة المسلمين الموحدين إذا ماتوا على المعاصي لا يَغفر الله تعالى لهم أبداً ومأواهم النار خالدين فيها مع فرعون وهامان وأبي جهل وأبي لهب بل ومع إبليس وإن كانوا مؤمنين مسلمين موحدين وإن كانوا من المهاجرين والأنصار بل وإن كانوا من الخلفاء الراشدين، ولذلك من الإباضية من كفَّرَ الخليفتين الراشدين عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ومن لم يكفرهما لا ينكر على من كفرهما والعجيب الغريب في الإباضية أنهم يستعظمون وصف كبيرهم المعاصر بالكذاب المفتري بينما لا يستعظمون قتل الخليفتين الراشدين عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ‼️ ومن ضلالات الإباضية وكبيرهم المفتري الأثيم أنهم يُنزلون الآيات التي نزلت في الكفار على المسلمين كما فعل أسلافهم تماماً. وصدق ابن عمر رضي الله عنهما لما قال في الخوارج - وكان يراهم شرار خلق الله - قال : إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين . فتح الباري (12/296) وسبحان الله العظيم إلى يومنا هذا الإباضية يستدلون بالآيات التي ذكر الله فيها خلود الكفار في النار فيجعلونها على العصاة المسلمين الموحدين‼️
ولما كان القرآن كلام الله تعالى ولا يمكن أن يناقض بعضه بعضاً، وعند المتشابه منه يرجع المسلمون إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم إذ أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يبين للناس ما نزل إليهم كما في قوله تعالى (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (44) سورة النحل ولذلك إذا رجعنا إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتحاكمنا إليه فيما تنازعنا فيه سنجد أحاديث كثيرة صحيحة تدل بالنص الصريح على خروج أقوام من النار ، منها: 1/ ما رواه البخاري في صحيحه رقم (6560) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ يَقُولُ اللَّهُ: مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ، فَيَخْرُجُونَ قَدْ امْتُحِشُوا وَعَادُوا حُمَمًا فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ أَوْ قَالَ حَمِيَّةِ السَّيْلِ ) وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّهَا تَنْبُتُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَة) 2/ وروى مسلم في صحيحه رقم (185) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمْ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ أَوْ قَالَ بِخَطَايَاهُمْ فَأَمَاتَهُمْ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا أُذِنَ بِالشَّفَاعَةِ فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ ثُمَّ قِيلَ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ) فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ كَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ بِالْبَادِيَةِ .
3/ وروى البخاري في صحيحه رقم (6565) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلى أن قال : (ثُمَّ يُقَالُ لِي ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ وَقُلْ يُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُ رَبِّي بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِي ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا ثُمَّ أُخْرِجُهُمْ مِنْ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ ثُمَّ أَعُودُ فَأَقَعُ سَاجِدًا مِثْلَهُ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ حَتَّى مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ) وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ عِنْدَ هَذَا أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ . 4/ وروى البخاري في صحيحه رقم (6571) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - بن مسعود- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ كَبْوًا) إلى آخر الحديث . 5/ وروى البخاري في صحيحه رقم (6573) حديثاً طويلاً عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ أُنَاسٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ إلى أن قال : (حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنَ النَّارِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ) إلى آخر الحديث . 6/ وروى البخاري في صحيحه رقم (6558) عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ) إلى آخر الحديث . 7/ وروى البخاري في صحيحه رقم (6559) عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ النَّارِ بَعْدَ مَا مَسَّهُمْ مِنْهَا سَفْعٌ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَيُسَمِّيهِمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَهَنَّمِيِّينَ) 8/ وروى البخاري في صحيحه رقم (44) عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ ) 9/ مسلم في صحيحه رقم(183) حديثاً طويلاً عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (حتَّى إذا خَلَصَ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ، ما مِنكُم مِن أحَدٍ بأَشَدَّ مُناشَدَةً لِلَّهِ في اسْتِقْصاءِ الحَقِّ مِنَ المُؤْمِنِينَ لِلَّهِ يَومَ القِيامَةِ لإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ في النَّارِ، يقولونَ: رَبَّنا كانُوا يَصُومُونَ معنا ويُصَلُّونَ ويَحُجُّونَ، فيُقالُ لهمْ: أخْرِجُوا مَن عَرَفْتُمْ) إلى آخر الحديث . 10/ وروى مسلم في صحيحه رقم (184) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يُدْخِلُ اللَّهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ بِرَحْمَتِهِ وَيُدْخِلُ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ ثُمَّ يَقُولُ انْظُرُوا مَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا حُمَمًا قَدْ امْتَحَشُوا) إلى آخر الحديث
قلت: وهذه عشرة أحاديث كلها في البخاري ومسلم عن عدد من الصحابة منهم ابن مسعود وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم أجمعين وروى غيرها أصحاب المسانيد والجوامع والسنن. وهي أحاديث مشهورة عرفها عامة أهل العلم من المحدثين والفقهاء والمفسرين ولم ينكرها ويكذب بها إلا الزنادقة والملحدون أهل البدع والأهواء، ولم يقل صاحب هدى قط نأخذ بالقرآن دون السنة كما قالت الإباضية. وزعموا أن هذه الأحاديث مكذوبة موضوعة وأنها من أحاديث اليهود ولو كانت في الصحيحين ‼️ وزعموا زوراً وبهتاناً أنها تخالف القرآن، والحق أنها خالفت أهواءهم وعقيدتهم. والآيات التي استدلوا بها على وجهين: الأول: أنها نزلت صراحة في الكفار، والكفار - لا شك - أنهم مخلدون في نار جهنم أبداً. الثاني: أنها مجملة فبينت السنة بأن أهل التوحيد والإيمان لا يخلدون في النار إلى الأبد وإن عذبوا فيها فإنهم يعذبون فيها إلى أمد ثم يخرجون منها ويدخلهم الله تعالى الجنة برحمته وفضله، والمسألة واضحة ظاهرة والحمد لله رب العالمين.
ملحوظة : قد يقول قائل لماذا تتقصد الرد على كبير الإباضية المفتري الأثيم دون غيره من الإباضية؟ والجواب: أولاً: لأن الرد على كبيرهم أولى من الرد على النكرات. ثانياً: لأن كبيرهم هو الذي علمهم هذه العقائد الباطلة ورباهم عليها. ثالثاً: لأن كبيرهم يتظاهر أنه يسعى إلى وحدة المسلمين ويتباكى على تفرقهم وفي مجالسه الخاصة يطعن بعقيدة أهل السنة ويسخر منها ويربيهم على ذلك. رابعاً: الضرب يجب أن يكون على الرأس وليس على الذيل. والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.