الجواب على سؤال علي البغلي.. والدفاع عن مراكز التحفيظ
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فلقد انتشر مقطعٌ مصورٌ للوزير السابق علي البغلي طرح فيه سؤالاً عاماً قال فيه: (في ( 200 ) مركز لتحفيظ القرآن الكريم - أي في الكويت - ماذا سيستفيد المجتمع من شخص حفظ ( 4) أو ( 5 ) آيات؟ ليس هناك أي حاجة غير حاجة واضحة معروفة وهي أن هؤلاء أشقاءنا في المواطنة الأصوليين يريدون خلق وظائف لأنصارهم ومريديهم، وكذلك يريدون من إنشاء هذه المراكز تجنيد الشباب في المستقبل يعني تشوف شاب عنده ميول أصولية تجنيده لكي يكون عضو منتسب إليهم، وهم هؤلاء اكتشفت خطورتهم كل مجتمعات العالم العربي ما عدا تقريباً المجتمع الكويتي، يعني وهم ممثلين بالإخوان المسلمين الحركة الخطرة الممنوع وجودها في كثير من دول العالم والحركة السلفية المتشددة التي تتنافى مع سماحة الإسلام )
انتهى كلام وسؤال علي البغلي الذي استنكر فيه وجود مراكز لتحفيظ القرآن وأشار إلى عدم الفائدة في حفظ ( 4) أو ( 5) آيات، وأن ليس لهذه المراكز أي حاجة.
فأقول : بصفتي أولاً مسلم والقرآن كتاب الله تعالى وكلامه العظيم المنزل على رسول رب العالمين - صلى الله عليه وسلم - فوجب علي أن أدافع عنه وعن أهله المعتنين به. ثانياً: بصفتي إمام وخطيب في وزارة الأوقاف منذ أكثر من ثلاثين سنة فحق علي أن أدافع عن وزارتي ومراكز تحفيظ القرآن الكريم والتي استكثرها "البغلي" وقلل من شأنها.
فأقول : الله أكبر بالدفاع سأبتدي وهو المعين على نجاح المقصد
يا علي البغلي:
أولاً: القرآن لا يستفيد منه إلا من آمن به، وأما من لا يؤمن به فلا يستفيد منه بل هو عليه وليس له. قال الله تعالى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)) (سورة فصلت) ففي هذه الآية بيّن الله تعالى أن القرآن للذين آمنوا هدى وشفاء، وأما الذين لا يؤمنون به ففي آذانهم وقر -أي ثقل- حتى أنهم لا يقرؤون القرآن بل وينزعجون من سماعه وهو عليهم عمى يعمي أبصارهم وبصائرهم. وقال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)) (سورة الإسراء) فالقرآن شفاء ورحمة للمؤمنين خاصة، وأما الظالمون أي الكافرون فلا يزيدهم إلا خساراً. وقال تعالى: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)) (سورة الاسراء) فالقرآن كله هدى وهداية ونور وبركة وشفاء ويقين وأجر وثواب وحسنات ودرجات، فضائله عظيمة، وفوائده كثيرة، ومعانيه غزيرة، هو الفصل وليس بالهزل، فإذا كان كلام الملوك ملوك الكلام، فكيف بكلام ملك الملوك جل وعلا؟ قال تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)) (سورة الاسراء) حتى الجن لما سمعوه قالوا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ۖ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (٢)) (سورة الجن) ولقد تكفل الله تعالى بحفظه إلى قبيل يوم القيامة قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)) سورة الحجر .
ومن وسائل حفظه تلاوة المسلمين له وحفظهم لما تيسر منه، فالقرآن محفوظ في السطور والصدور منذ أن أنزله الله تعالى وإلى ما شاء الله، سيبقى محفوظاً شاء من شاء وأبى من أبى، حتى لو نُزع من الكتب والسطور فلا يمكن نزعه من الصدور، وقد يسر الله تعالى قراءته فيقرأه الصغار والكبار، العرب والعجم، النساء والرجال، الإنس والجان، قال تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17) سورة القمر. ورغب النبي صلى الله عليه وسلم في تعلم القرآن وتعليمه فقال: (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) وراه البخاري في صحيحه رقم (5027) وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) رواه البخاري في صحيحه رقم (5028)
ومراكز تحفيظ القرآن منتشرة في العالم كله حتى في بلاد الكفار، فوجود (200) مركز في الكويت ليس غريباً ولا كثيراً. ولا ينزعج من ذلك إلا من لا يؤمن بالقرآن، أو يعتقد أنه ليس كلام الله تعالى أو أنه محرف والقرآن الصحيح ليس الذي بين أيدي المسلمين، وإنما أخذه صبي عمره خمس سنوات وهرب به إلى سرداب في سامراء ‼️ فمن يعتقد ذلك يضيق صدره من انتشار مراكز القرآن ويعترض على روادها والقائمين عليها.
ثانياً: علي البغلي وزير سابق ويعرف نظام الدولة ويفهم بالقوانيين أكثر من غيره، فإذا كان متيقناً وعنده بينات ودلائل واضحات يستند عليها على أن مراكز تحفيظ القرآن كما وصفها فيها من الفساد ما فيها فلماذا لا يجمع أدلته على ما زعم ويتقدم بها للجهات المختصة ويرفع قضايا رسمية ضدهم؟ ولكن كما قيل: والدعاوى إن لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء .
ثالثاً : تظاهر " البغلي " بأنه حريص على أموال الدولة فقال: (ليس هناك أي حاجة غير حاجة واضحة معروفة وهي أن هؤلاء أشقاءنا في المواطنة الأصوليين يريدون خلق وظائف لأنصارهم ومريديهم)
فأقول: الوزارات والمؤسسات والهيئات المخالفة في البلد كثيرة جداً فلماذا اخترت مراكز القرآن بالذات؟ وما مشكلتك مع القرآن وأهله ؟ وماذا تقصد بقولك (الأصوليين) ؟
فوصفك إياهم بذلك يشعر بأنك تتهمهم بالإرهاب، إن مراكز التحفيظ يعملون في النور وليسوا خلايا من خلايا العبدلي. وقولك يا علي البغلي: (وكذلك يريد من إنشاء هذه المراكز تجنيد الشباب في المستقبل يعني تشوف شاب عنده ميول أصولية تجنيده لكي يكون عضو منتسب إليهم وهم هؤلاء اكتشفت خطورتهم كل مجتمعات العالم العربي ما عدا تقريباً المجتمع الكويتي) انتهى كلامه. وأقول: هذا اتهام واضح بل صارخ لمواطنين لهم حقوقهم الشرعية، ثم لو قال قائل بمعشار ما قاله علي البغلي في غير أهل السنة لسارعوا إلى المحاكم ورفعوا قضايا بحجة هذه دعوة تضرب الوحدة الوطنية.
رابعاً: مراكز تحفيظ القرآن -سواء المشتركين فيها أو القائمين عليها- كلهم من أهل السنة، لذلك هاجمهم علي البغلي دون غيرهم.
فالبغلي لا يتجرأ أن ينتقد الحسينيات ولا يستطيع أن يقول (لا فائدة منها)، أو يقول الحسينيات إنما وضعت (لتجنيد الشباب في المستقبل يعني تشوف شاب عنده ميول أصولية تجنده لكي يكون عضو منتسب إليهم) أظنه لا ولن يتجرأ على أن يقول ذلك ولكنه يتجرأ على مراكز تحفيظ القرآن.. هل لأنهم لا بواكي لهم ؟‼️
ملاحظة : جرت عادة كثير من السياسيين أن يصرحوا بما تهوى أنفسهم فإذا رأوا ردة الفعل ضدهم قوية وشديدة رجعوا وقالوا: لا نقصد ذلك ‼️
أسأل الله تعالى أن يكفينا شر كل ذي شر والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.