مشروعية الحج إلى بيت الله الحرام لا إلى بنغلاديش أو غيرها
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فيا أخي القارئ الكريم قبل الشروع في هذا المقال أريد أن أنقل لك نص كلام المفتي العام في المملكة العربية السعودية فضيلة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله تعالى في جماعة التبليغ. قال حفظه الله:
(إخواننا التبليغيين وفقنا الله وإياهم إلى الصواب هم أناس سلكوا مسلكاً ألا وهو مسلك التصوف في كثير من أحوالهم، هم يهتمون بأذكار الصباح، أذكار المساء، أذكار النوم، أذكار اليقظة، أذكار الأكل، أذكار الشرب إلى آخره، لكنهم للأسف الشديد لا يثقفون من صحبهم ولا يستفيد منهم علماً ولا فقهاً وإذا رأوه مخطئاً لم يقولوا له أخطأت ويقولوا إن القدوة هي طريقتنا إلى الدعوة ثم هم منزوون على أنفسهم متقوقعون على أنفسهم لا يصحبهم إلا من كان على مثل طريقتهم ولوصحبهم ذوعلم وفقه وفضل لم يرتضوا به ولم يصاحبوه وإنما يبتعدون ويحذرون منه ثم هم إذا نزلوا بأي مكان وشرطوا الرحلة ثلاثة أيام أوأربعين يوماً أوثلاثة أشهر لا تجدهم إذا رجعوا قد تغيرت بعض أمورهم، بل هم على ما هم عليه اليوم وأمس وغداً لأن الفكرة فكرة خلود إلى الأرض قلة علم ضعف فكر في دين الله سلوك تصوفي ليس له صلة بالعلم النافع والعمل الصالح، حقيقة نحن نعتب عليهم ذلك ونقول استصحبوا العلماء يفقهونكم ويعلمون من كان معكم العلم الشرعي الذي دلّ عليه كتاب الله وسنة رسوله ، أما أن تتمسكوا بكتاب حياة الصحابة فقط ورياض الصالحين فرياض الصالحين خير لوصدقتموه، وحياة الصحابة فيها ما يقبل وقد يكون فيها ما يرد، ثم يعتب عليهم أحيانا تعلقهم بمرجعية ( الله أعلم بحالها) بل الغالب أنها مرجعية يوشك أن تكون وثنية لأنهم يدعون أصحابهم بعد أن يلزموهم طويلا ببيعة شخص (ما) موجود في أحد الأقاليم خارج الديار الإسلامية فهم مرتبطون ببيعة أناس معينين إذن فالمرجعية مشبوهة أوقل المرجعية غير مشروعة فلهذا لا ننصح بصحبتهم إلا بحذر لمن كان يريد أن يعلمهم وينقذهم) أ هــ [نقلاً عن موقع الإسلام العتيق من صوت الشيخ حفظه الله حرفياً].
أخي القارئ وفقني الله وإياك إلى الحق تمسكا وتجرداً اعلم أن الله تعالى شرع لعباده المؤمنين الحج إلى بيته الحرام يأتونه من كل فج عميق، قال تعالى (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) [الحج ـ27]، وقال تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) [آل عمران ـ97]، والحج فيه منافع كثيرة دينية ودنيوية لستُ بصدد ذكرها فهي أشهر من أن تذكر وأصعب من أن تحصر. غير أن بعض الدعوات والمناهج المحدثة التي لا صلة لها بمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته تراهم يدعون إلى اجتماع سنوي في (بنغلاديش) وهذا لعمر الله مضاهاة للحج المشروع إذ ليس من دين الله تعالى في شيء تعين موسم (ما) أومكان (ما) يدعى إليه من كل مكان إلا بيت الله الحرام. هذا المعنى لم ينتبه له كثير من الناس بل بعضهم فضلاء وعندهم عاطفة دينية قد غفل عن هذا فظن أن مثل هذا الاجتماع فيه خير وما علم أن البدعة المحدثة حقيقتها وكنهها كما حددها العلماء بأنها عمل يضاهي المشروع يقصد به التقرب إلى الله تعالى.
الفرق بين البدعة والمعصية
أما المعصية فمعلومة معروفة وهي مخالفة أمر الله تعالى بترك المأمور أوفعل المحظور كعقوق الوالدين والزنا وشرب الخمر، وأما البدعة فهي التعبد والتقرب إلى الله تعالى بعبادة محدثة لم يأذن بها الله تعالى ولم يشرعها لعباده.
البدعة أشد من المعصية
قال تعالى (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ) [الشورى ـ21]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (... وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) [رواه مسلم ـ 867] من تدبر الآية والحديث ظهر له جلياً خطر البدعة ومدى فتكها بالدين وأكبر ما فيها من خطورة أن التمسك بها يفضي إلى الزهد بالسنة بل بل قد يفضي التمسك بالبدعة الى استنكار السنة كما هو الواقع . قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى:( البدعة أحب إلى ابليس من المعصية فان المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها) [ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى المجلد 11 صفحه 472]. صدق رحمه الله تعالى فلا يخفى على أحد أن الفواحش حرام ما ظهر منها وما بطن بينما يخفى على كثير من الناس خطر البدع والمبتدعة.
اجتماع بنغلاديش عند جماعة الدعوة [التبليغ] أهم من الحج إلى بيت الله الحرام !!
إن كثيراً ممن يحجون إلى بنغلاديش لحضور الاجتماع السنوي يقولون بلسان حالهم بل ربما بلسان مقالهم ان اجتماع بنغلاديش أفضل وأهم من الحج إلى بيت الله الحرام أوالعمرة. فتراهم لا يحتفون بالحاج والمعتمر كاحتفائهم بمن (خرج) إلى بنغلاديش فعندهم بيت الله الحرام يذهب إليه عامة المسلمين، بينما (الخروج) فلا يذهب إليه إلا (الخواص) فإذا خرج معهم شخصية كعضو مجلس أمة سابق أو وزير سابق أو أمير أو دكتور أو شيخ (تائه) أو منحرف في منهجه أو اخر مغرر به تراهم في كل مناسبة يقولون قد خرج معنا فلان وفلان، بينما إذا حج هؤلاء أوغيرهم فالأمر أقل من (عادي)!! الحج إلى بيت الله الحرام أكبر دعوة إلى الله تعالى ومما يُلبسون به على العامة قولهم الحج عبادة و(الخروج) دعوة والدعوة خير وأفضل من العبادة.
أقول سبحانك هذا بهتان عظيم ففي كلامهم هذا مغالطات كبيرة وكثيرة فالحج ركن من أركان الإسلام لا يتم الإسلام إلا به وفرض على كل من استطاع إليه سبيلاً ومنافعه كثيرة التي منها الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطلب العلم وتعليم العامة وتذكير الغافلين وفيه لقاء أهل العلم والتلقي عنهم كما هوالحال في القديم والحديث، فانظر أخي القارئ كيف نظروا إلى الحج نظرة تنقص وكأنه مجرد طواف وسعي والله المستعان على ما يصفون.
الخروج أفضل من الاعتكاف في العشر الأواخر
كان النبي صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على الخير والدعوة وتعليم الناس ومع ذلك كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان في مسجده بينما فضّل بعض هؤلاء (الخروج)على الاعتكاف.
لا يشرع الاجتماع السنوي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
والذي نفسي بيده لو دعا أحد إلى اجتماع سنوي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنكر عليه العلماء! ولوكان في ذلك خير وقربى إلى الله تعالى لفعله النبي صلى الله عيه وسلم وأصحابه وسلف الأمة لكن لما تركوا ذلك علم بالضرورة أنه محدث لا يحبه الله ولا يرضاه.
الاجتماع السنوي أشبه ما يكون بالموالد المحدثة
إن لكثير من الصالحين وغير الصالحين مزارات واجتماعات وللأسف الشديد في كثير من الدول الإسلامية لاسيما في البلاد التي دعوة التوحيد والسنة فيها ضعيفة أوغير ظاهرة حتى تراهم يجتمعون عند قبر فلان أوفلان بأعداد كبيرة في مولده أوذكراه ولا شك أن هذا من أعظم المنكرات.
التهويل والمبالغة في ذكر عدد المجتمعين
جرت العادة عند جماعة التبليغ أنهم يبالغون في ذكر عدد من حضر الاجتماع السنوي العالمي المحدث فتراهم وتسمعهم يقولون (الله أكبر حضر 4 ملايين) أوأكثر وهذه مبالغة والله الذي لا إله إلا هوأشبه بالكذب والمقصود منها تغرير الناس وخداعهم!!
عز الله المملكة العربية السعودية بالإسلام والتوحيد
لا يخفى على كل منصف بل كل عاقل أن المملكة العربية السعودية دولة غنية تبذل جهداً كبيراً بشرياً ومادياً ومعنوياً لاستقبال حجاج بيت الله الحرام فتفتح مطارات وتهيئ المشاعر وتوفر جميع ما يحتاجه الحجاج و..و..وإلخ، ومع ذلك يقدر عدد الحجاج سنوياً ربما بالكثير 3 ملايين. فهل يعقل أن جماعة التبليغ في دولة فقيرة جداً جداً في بنغلاديش تستطيع استقبال 4 ملايين تبليغي مخدوع، سبحانك هذا بهتان مبين.
أخي القارئ وفقك الله تعالى للسنة والتمسك بها إن كنت مخدوعا بهذه الجماعة فتنبه قبل فوات الأوان وإن كنت منتبهاً فاحذرهم أن يخدعوك فهؤلاء يتظاهرون بالمسكنة والزهد وهم يحاربون العلم و أهله. وفق الله الجميع إلى العلم النافع والعمل الصالح والحمد لله أولا وآخراً وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.