موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

الرد على من يقول: لا تبلغوا عن المبتدعة والمفسدين ويكفي الرد عليهم

13 جمادى الأولى 1447 |

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد استمعت لمقطع مسجل مصور لأحدهم قرر فيه أن المبتدع لا يبلغ عنه الجهات المختصة؛ وإنما يُكْتَفى بالرد العلمي عليه، بخلاف تجار المخدرات فلا بأس بالتبليغ عنهم.. إلى آخر كلامه .

وإنما أرد عليه من باب حماية من قد يغتر بكلامه ، أما هو فقد ناصحته كثيراً ورددت عليه أكثر، فما زاده ذلك إلا نفوراً ، اسأل أن يهديه ويعيده لرشده .

فأقول وبالله أستعين، وعليه أتوكل وإليه أنيب :

أولاً: فساد الدِّين اعظم وأشد ضرراً من فساد المخدرات وسائر المعاصي، وهذا مقرر عند علماء أهل السنة والجماعة ومتفق عليه بينهم، وهو أن البدعة أشد من المعصية، وأن خطر المبتدع أشد من خطر العاصي.

فالبدعة قرينة الشرك، فكما أن الشرك ينقض أو ينقص شهادة أن لا إله إلا الله؛ فإن البدعة تنقض أو تنقص شهادة أن محمداً رسول الله.

ثانياً: الشريعة جاءت لحفظ الكليات الخمس: الدِّين والعقل والمال والعرض والنفس، لحفظها كلها وليس لحفظ بعضها .

ثالثاً: ضرر المبتدع ليس قاصراً على نفسه، بل يتعدى، وعادة ما يكون ضرره على المسلمين أشدَّ من مروجي المخدرات وغيرهم.

فمثلاً بدعة الخوارج؛ التي بسببها تسفك الدماء، وتنتهك الأعراض، وتنهب الأموال، وتقطع الأرحام، حتى المصلون في المساجد لا يسلمون من شرهم؛ لأنهم عرضة لسفك دمائهم، وهذا لا ينكره إلا مكابر.

ففي يوم 1 محرم عام 1400هـ قامت فئة ضالة واقتحمت المسجد الحرام، وما كانوا تجارَ مخدراتٍ ولا مهربي الخمور؛ وإنما كانوا على عقيدة الخوارج، ففعلوا ما فعلوا.

وبعد هذا الحدث الجلل حدثت تفجيرات كثيرة، ذهبت بسببها أرواح وأموال ومبانٍ وانتشرت الفتن، حتى شوهوا صورة الإسلام . وبعدها ادخلوا الأمة في كوارث عظيمة مثل ما أحدثوه بما سمي زوراً بالربيع العربي .

فهل من يحمل هذه الأفكار والتوجهات المنحرفة لا يجوز التبليغ عنه؟!

رابعاً: وصف من يختلف معه بأنه مباحث واستخبارات وهذه تهمة قديمة لم تعد نافعة للتنفير، اخترعها التكفيريون وأمثالهم حتى يأمنوا على أنفسهم، وينفروا من كل من يحذر منهم .

خامساً: من حق المسلمين أن يعيشوا آمنين في أوطانهم فإذا كان المبتدع يهدد أمنهم؛ فما المانع من التبليغ عنه؟

سادساً: أفتى العلماء الأجلاء علماء أهل السنة الأكابر صراحةً بوجوب التبليغ عن كل مفسد، سواء كان فساده بالعقائد الخارجية أو مروجًا للمخدرات والخمور أو غيرَ ذلك، ولم نسمع عالماً خالف في ذلك؛ وإنما الذين خالفوا العلماء هم أهل البدع ومن شابههم .

سابعاً : هل سمعتم بمقولة : (كاد المريب أن يقول خذوني)؟! أقول: إن لم تكن من أهل البدع، وليس عندك تكفير ولا تحريض ولا تهييج، ولا تجنيد للشباب للسفر إلى الخارج للمشاركة في القتال؛ فلماذا تمنع من التبليغ عن أولئك المفسدين؟! وماذا يضرك إذا تم التبليغ عنهم؟!

ثامناً: لقد أذن ولي الأمر لكل المواطنيين أن يراسلوا الجهات المختصة للتبليغ عن أي فساد ممكن يضر العباد والبلاد، فمن يقوم بالتبليغ فإنما يفعل ذلك بإذن من ولي الأمر .

تاسعاً: شرع الله تعالى لعباده التعاون على البر والتقوى، فما المانع من التعاون مع ولي الأمر ضد الفساد والمفسدين؟

عاشراً: قبل فترة يسيرة تم الإعلان عن قدوم أحد المفسدين وهو مبتدع كبير يدعى (أحمد عمارة) يحمل افكاراً ضالة مضلة إلحادية، وليس تاجر مخدرات، فقام بعض الغيورين -جزاهم الله خيراً- بمكاتبة الجهات المختصة عن طريق برنامج (سهل)، وبالفعل قد مُنِعَ من دخول الكويت والحمد لله رب العالمين فهل من فعل ذلك قد أحسن أم أساء؟!

الحادي عشر: الجهات المختصة بملاحقة المفسدين والقبض عليهم وإخماد فتنتهم هم -بإذن الله تعالى- محسنون، ويرجى لهم من الله تعالى الأجرُ والثوابُ إذا أخلصوا في عملهم واحتسبوا الأجر من الله تعالى.

فالواجب تشجيعهم وشكرهم على ما يقومون به من أعمال جليلة، لا ذمهم وذم من يتعاون معهم على البر والتقوى والقضاء على المفسدين ومنع شرهم

الثاني عشر: إذا اتخذت إجراءات ضد المفسد وتضرر أهله بذلك؛ فهو المسؤول عن تصرفاته، وليس من أخذ على يديه وسجنه أو حتى قتله.

الثالث عشر: التعليل بعدم التبليغ عن المبتدع المفسد بأن القبضَ عليه وسجنَه فيه فاجعة لأهله، فأقول: وكذلك يحصل في أهل تاجر المخدرات . فهل يقال: لا نبلغ عن تاجر المخدرات حتى لا نفجع أهله؟!

الرابع عشر: هذا المردود عليه - هداه الله تعالى - عرف بالكذب والتدليس بل واشتهر في ذلك، حتى أنه ليكذب ويتحرى الكذب، وقد شهد عليه أقرب الناس له، فهو ينهى عن تبليغ الجهات المختصة عن أهل البدع، ويقول : من يلجأ للشكوى في المحاكم وعند ولاة الأمور ففعله هذا من أفعال أهل الجاهلية ومن أفعال النساء، بينما تراه يرفع قضايا عند المباحث والنيابة والمحكمة على غيره!! حقاً كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «إذا لم تستحْيِ فاصنَعْ ما شئتَ».

الخامس عشر: قيل قديماً: (إذا كنت كذوباً فكن ذَكوراً)، أما أن يكذب الكذاب ثم ينسى أنه كذب ثم يرجع ويقول كلاماً يناقض كلامه الأول؛ فهذا عيب وشين في الرجل، وقد قيل قديماً في مثل هذا: لا تنه عن خلق وتأتي مثله ،،عار عليك إذا فعلت عظيم

السادس عشر: علل المتعالم المنعَ من التبليغ عن المبتدعة المفسدين بأن الحكومة لا تحكم بما أنزل الله .

فأقول: وهل هذا مبرر شرعي بأن نسكت عن الخوارج المفسدين حتى يسفكوا دماء المسلمين؟! سبحان الله! حقاً التوفيق والسداد من الله تعالى وحده يمن به على من يشاء من عباده.

السابع عشر: إذا كانت الحكومة لا تحكم بما أنزل الله تعالى؛ فهل نبلغ عن تاجر المخدرات أو لا نبلغ؟

الثامن عشر: لا نعلم أن أحداً من المشايخ الدعاة سجن في الكويت بسبب منهجه المبتدع ، وإنما السجناء في السعودية ، فهذا المتكلم المتكلف إما يعلم سبب سجنهم أو لا يعلم ، فإن كان لا يعلم فكيف يدافع عنهم وهو لا يعلم ؟ وإن كان يعلم فهذا دليل على اتفاقه معهم وعلى منهجهم .

التاسع عشر : هذا المتعالم اصبح منبوذاً لا يجالسه ولا يستضيفه ولا يزوره إلا القليل ممن هم على شاكلته ، ولولا وسائل الإعلام لما علم به أحد .

العشرون : بعد سجن دعاة الفوضى من الخوارج ونحوهم؛ توقفت -بفضل الله تعالى- التفجيرات والمظاهرات والاعتصامات، بشكل نهائي وعاد للمجتمع الاستقرار والأمان، وهذا ظاهر لكل عاقل صادق منصف عادل، فالحمد لله الذي بنعته تتم الصالحات. والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .