«الدين النصيحة» ... فهل نصحته؟!
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فلقد يسر الله لي أن أكتب رداً على أحد دكاترة الشريعة في جامعة الكويت سميته (الرد الكافي على دكتور الشريعة شافي) وذلك لما خطب خطبة بتاريخ 19 شوال 1428هـ الموافق 2007/11/9، تضمنت مسائل خطيرة ينبني عليها فساد وضلال طبقة من الشباب المتحمس كما أن الدكتور تلفظ بألفاظ غير لائقة على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بل وقبيحة ، وأحسبه غير قاصد الإساءة لكن لم يوفق باختيار الألفاظ والمفردات في خطبته المذكورة ومن أراد الوقوف على ما كتبته في مقالات ثلاث مضت فليرجع إلى موقع مقالات (الوطن) صفحة (الإبانة) على الإنترنت خصوصا المقال الثالث بتاريخ 8 ذي الحجة 1428هـ الموافق 2007/12/17 الذي صادف يوم التروية لذا فات كثير من الحجاج قراءته ، وله ان يرجع الى موقعي الرسمي.
ردود الفعل عند القرّاء
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أن كثيراً من القراء فرحوا بالرد وأرسلوا شكراً وتقديراً بل طلب مني بعضهم طباعة ونشر الرد في (رسالة) حتى تبقى المادة محفوظة والنفع أكبر، ومن القراء من طلب الإفصاح عن اسم الدكتور للتحذير منه ولكي لا ينخدع به بعض الشباب وبعض طلبة العلم طلب إعادة نشر المقال الثالث الذي فيه الإشارة إلى كلام الدكتور في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم قال كان الأولى الابتداء به لأهميته وذلك لأن كثيراً من القراء كانوا في الحج. والذي يعنيني من هؤلاء القراء وأتوجه إليهم في مقالي هذا أولئك الذين أرسلوا إلي، ومنهم من هاتفني ومنهم من شافهني بقولهم (الدين النصيحة) فهل نصحته؟!
فأقول وبالله أستعين وعليه أتوكل وإليه أنيب نعم لقد نصحته وما ردي عليه إلا نصيحة بل نصائح له ولأتباعه وأمثاله ولمن يجالسه ومن يصلي عنده ويستمع خطبه وردي عليه نصيحة أيضاً لطلبة الشريعة الذين يدرسون عنده والذين سيدرسون عنده. فمن قال إن هذا الرد ليس بنصيحة؟! وكيف تكون النصيحة؟! وهل للنصيحة أسلوب واحد لا يجوز أن نتجاوزه؟!
دعوته للنصيحة مراراً فلم يستجب!!
أخي القارئ الكريم يشهد الله تعالى وكفى بالله شهيداً أني منذ سنوات وأنا أطلب اللقاء بالدكتور وأمثاله ممن يحملون هذه المناهج والأفكار ولكن لا أجد استجابة منهم وأكثر من أخ يسألني عنه فأقول له أنت رسولي إليه اذهب واطلب منه لقاء للتناصح، فوالله الذي لا إله إلا هو ما رجع إلي عنه خبر إلى هذه اللحظة التي كتبت فيها، بل وما زلت وعبر هذا المقال المعلن أدعوه إلى اللقاء لنتبادل النصيحة فهل من مجيب؟!
ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا؟!
أخي القارئ الكريم اعلم وفقني الله وإياك للحق أني مكثت شهورا أخطب الجمعة في المسجد الذي يصلي فيه الدكتور منذ أن أوقف عن الخطابة وكلفت بالخطابة مكانه وكان يستمع إلى بعض خطبي إذا كان حاضراً ونصحت له ولسائر المصلين في كثير من المسائل الحساسة والتي يخالف فيها الدكتور ما عليه أهل العلم واستعملت معه ومع غيره أسلوب (ما بال أقوام). ثم قدَّر الله له الرجوع إلى الخطابة بعد إيقاف قد يكون سببه والله أعلم كلامه في مسائل الجهاد التي غلط فيها وإلا به يخطب ثاني خطبة له تلك الخطبة التي حشدها بالأخطاء التي سبق أن رددت عليه بالمقالات السابقة!!
فهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أن الدكتور يحمل منهجاً وفكراً يقرره حيناً بعد حين وغير مستعد للتراجع عنه فكان لزاماً أن يردُ عليه وعلى فكره ومنهجه علناً كما يتكلم به علناً لأن من القواعد المقررة أن من أخطأ علناً وجب الرد عليه علناً وما قال به على المنبر أمر معلن هو نفسه لا مانع لديه أن يُنشر عنه بل ما قاله إلا لينشره فأين الخطأ في الرد عليه والتنبيه على أخطائه.؟!
الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز يرد علناً وبذكر الأسماء
أخي القارئ العزيز وفقني الله وإياك لكل خير لقد ضرب الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله تعالى ـ أروع الأمثلة في أداء النصيحة وبذلها للقاصي والداني فلقد كتب مئات الردود والنصائح في حق كثير من الناس لا سيما من أخطأ علناً وردوده كانت تنشر في المجلات والصحف وكلها بل لا يكاد يفوت منها شيء قد طبعت ووزعت في كثير من الأمصار فما عاب عليه أحد أن ردّ علناً أو ذكر اسم أحد حتى تجاوز حدود بلده إلى بلاد كثيرة يصعب جداً حصرها. وكثير من الناس يتذكر رده على الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق هداه الله لما لمز العلماء ووصفهم بأنهم يعجزون عن رد شبهة عصرية وأنهم طابور من العلماء المحنطين وأن سلفيتهم لا تساوي شيئا هنا انبرى له رحمه الله وكتب رداً بديعاً وكان مما قال له : (اعلم إن كنت جاهلاً) ثم أمره (أمراً) أن ينشر رده عليه في الصحف الكويتية ففعل ما أمره به!! ثم طبع رد الشيخ في ضمن مجموع الفتاوى والمقالات (8/240) ولم يعتبر أحد أن هذا الفعل خطأ أو تشهير أو لا يجوز.
ضوابط الرد وشروطه
أخي القارئ حفظك الله من الفتن ما ظهر منها وما بطن اعلم أن للرد على المخالف ضوابط وشروطا يجب مراعاتها أذكر بها نفسي وإياك منها:
الإخلاص: بحيث يكون المقصود بالرد ابتغاء وجه الله تعالى لأن النصيحة كسائر العبادات لا يقبل الله تعالى منها شيئاً إلا إذا أريد بها وجهه تعالى، فيحرم الرد من أجل التشهير أو طلب الشهرة أو التشفي أو الانتقام للنفس أو أو أو أي غرض سوى الإخلاص لله تعالى.
العلم: فلا يجوز الرد عن جهل وضلالة.
العدل: بحيث لا تتجاوز في ردك فتظلم أو تتعدى أو تفتح أو تجرح فوق قدر الحاجة.
الصدق: الذي يهدي إلى البر والبر يهدي إلى التقوى، والتقوى تهدي إلى الجنة فيحرم عليك الكذب الذي هو أسوأ الأخلاق.
العفاف: بحيث تعف لسانك وقلمك عن السب والشتم (فسباب المسلم فسوق)
الرفق: فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه ، ما لم يقتض الأمر الشدة فيه، فقد قال الله تعالى في رده على اليهود لما قالوا: (يَدُ اللّه مَغْلُولَة) قال: (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ) [المائدةـ64] والأمثلة على ذلك كثيرة.
هذا وأسأل الله تعالى أن يبصرني والدكتور وسائر المسلمين بالحق ويهدينا إلى صراطه المستقيم وأسأله تعالى أن يؤلف على الحق قلوبنا وأن يجنبنا أسباب مقته وغضبه والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.