موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ

29 ربيع الآخر 1429 |

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فإن من الآداب القويمة ما أمر الله تعالى به عباده المؤمنين من التثبت والتحقق والتبين من الشيء قبل إصدار الحكم وهذا في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) [الحجراتـ 6]. فدلت هذه الآية الكريمة على وجوب التثبت في نقل الخبر حتى لا نتهم مسلماً بغير حق ومن ثمَّ نقع في الحرج والإثم والندم.

قال شيخنا العلامة الفقيه محمد الصالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ في كتاب العلم (ص 45ـ44):

(الأمر الحادي عشر: التثبت والثبات): ومن أهم الآداب التي يجب أن يتحلى بها طالب العلم التثبت فيما ينقل من الأخبار والتثبت فيما يصدر من الأحكام، فالأخبار إذا نقلت فلا بد أن تتثبت أولاً هل صحت عمن نقلت إليه أو لا، ثم إذا صحت فتثبت في الحكم ربما يكون الحكم الذي سمعته مبنيا على أصل تجهله أنت، فتحكم أنه خطأ، والواقع أنه ليس بخطأ.

ولكن كيف العلاج في هذه الحال؟

العلاج: أن تتصل بمن نُسب إليه الخبر وتقول نقل عنك كذا وكذا فهل هذا صحيح؟ ثم تناقشه فقد يكون استنكارك ونفور نفسك منه أول وهلة سمعته لأنك لا تدري ما سبب هذا المنقول، ويقال إذا علم السبب بطل العجب، فلا بد أولا من التثبت في الخبر والحكم، ثم بعد ذلك تتصل بمن نقل عنه وتسأله هل صح ذلك أم لا؟، ثم تناقشه: إما أن يكون هو على حق وصواب فترجع إليه أو يكون الصواب معك فيرجع إليه).

أخي القارئ الكريم في الأيام الأخيرة كثر الكلام حول أحد المشايخ الكرام ألا وهو الشيخ عبد المحسن بن ناصر العبيكان حفظه الله تعالى والسبب في ذلك والله أعلم لأنه يصدع في مسائل تخالف منهج كثير من الدعاة الحركيين لا سيما مسائل القتال القائم في العراق ونحوه، فهو ينهى عن المشاركة فيه بينما يذهب آخرون إلى أنه جهاد مشروع ومن هنا أحببت أن أعرف القراء الكرام بالشيخ عبد المحسن العبيكان وفقه الله لكل خير وسدد خطاه إلى الحق.

فنقلت ترجمته التي أملاها عن نفسه إذ أرسلها لي الشيخ بندر بن نايف العتيبي جزاه الله خيرا وهو أحد تلاميذه وهذا نصها:

ولدت عام 1372هـ وأكملت دراستي النظامية في مراحل التعليم العام ثم دار التوحيد، ثم انتقلت إلى كلية الشريعة بمكة المكرمة، وكانت تابعة لجامعة الملك عبد العزيز قبل أن تتحول إلى جامعة أم القرى، ومكثت فيها عدة أشهر، بعد ذلك انتقلت إلى كلية الشريعة في الرياض قبل أن تقوم جامعة محمد بن سعود الإسلامية، وتخرجب فيها عام 1394ـ1395 هـ ثم عينت ملازما قضائيا في المحكمة الكبرى بالرياض، ورغبت بالمواصلة بالمعهد العالي للقضاء، ولكني وجدت أن الدراسة الفردية بالنسبة لي والاطلاع عن كثب على الكتب والمراجع العلمية، بالإضافة إلى الدروس الخاصة أفضل وأنفع لي من الدراسة النظامية، ولما كنت في مكة المكرمة التقيت بعدد من المشايخ، ودرست التجويد على يد الشيخ محمد بن مخدوم النجاري رحمه الله ومن عاداتي الحرص على الالتقاء بعدد من العلماء والمشايخ الكبار للمناقشة والتحاور حول بعض المسائل الفقهية، وكنت دائم الحضور في مجلس الشيخ عبد العزيز بن صالح المرشدـ رحمه الله وكان ذلك شبه يومي، ومكثت على ذلك سنوات، كما كنت ألقي الدروس في جامع العم الشيخ محمد العبيكان، ثم جامع الجوهرة بالرياض الذي أنا إمامه الآن، حيث استفدت خلال هذه المدة من الاطلاع على كتب العلماء في الحديث والفقه والتفسير، مما ساهم في رصيدي المعروف.

أما عملي الوظيفي فقد كنت ملازما قضائيا لمدة شهرين مع أن الملازمة في النظام يجب أن تكون ثلاث سنوات، حيث كتب رئيس المحكمة إلى وزارة العدل بأنه يرى تكليفي بمكتب قضائي خلفا لأحد القضاة الذي انتقل إلى رئاسة محاكم حائل، فعمدت بالعمل قاضيا، وبعد عام صدر قرار مجلس القضاء الأعلى برئاسة سماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميدـ رحمه الله ـ بتعييني قاضيا في السيل الكبير بالطائف وضم إلى عملي هناك القضاء في بلدة مضيق قرب مكة المكرمة وبلدة عشيرة، ثم انتقلت إلى المحكمة الكبرى بالرياض فعملت قاضيا بها عقب ذلك عينت مفتشا قضائيا في وزارة العدل ولا ازال في المنصب إلى الآن، وقمت بالإشراف على رسالة دكتوراه للمعهد العالي للقضاء كما قمت بتدريس الطلاب هناك مدة من الزمن وألفت عددا من الكتب أشهرها كتاب يعد موسوعة فقهية هو "غاية المرام شرح مغني ذوي الأفهام" طبع منه سبعة مجلدات وهو يصل إلى أربعين مجلداً )). انتهى

اخي القارئ حفظك الله من كل سوء أما ما قيل عن الشيخ فلقد تولى الشيخ الرد عن نفسه كما نشر في جريدة »الوطن« يوم الجمعة 26 ربيع الآخر 1429 هـ الموافق 2/5/2008م في العدد (11100/6046) ورأيت أن أكتفي برده عن مناقشة ما قيل عنه. والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فوائد قيّمة

  • الفائدة (11) قال شيخ الإسلام "ولهذا لا يوجد في أئمة الفقه الذين يرجع إليهم رافضي ولا في أئمة الحديث، ولا في أئمة الزهد والعبادة، ولا في الجيوش المؤيدة المنصورة جيش رافضي" [المنهاج 2/80-81[.

  • الفائدة (12) قال الإمام الأوزاعي "كان يقال يأتي على الناس زمان أقل شيء في ذلك الزمان، أخ مؤنس، أو درهم حلال، أو عمل في سنة" [الحلية 8/335].

  • الفائدة (13) قال الإمام أحمد "إن الرجل من أهل العلم إذا منحه الله شيئا من العلم وحرمه قرناؤه وأشكاله حسدوه، فرموه بما ليس فيه، وبئست الخصلة في أهل العلم" [مناقب الشافعي للبيهقي 2/259].

  • الفائدة (14) قال الصنعاني: قال في البدر المنير "قد ذكر في السواك زيادة على عدد حديث فوا عجبا لسنة تأتي فيها الأحاديث الكثيرة ثم يهملها كثير من الناس بل كثير من الفقهاء فهذه خيبة عظيمة" [سبل السلام 1/63].

  • الفائدة (15) قال شيخ الإسلام رحمه الله: »فمن أَحَّس بتقصير في قوله، أو عمله، أو حاله أو رزقه أو تقلب فيه فعليه بالتوحيد والاستغفار، ففيهما الشفاء إذا كانا بصدق وإخلاص« [11/698].

  • الفائدة (16) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بيان وجوب النصح لصالح الإسلام والمسلمين "ومثل أئمة البدع من اهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل للإمام أحمد بن حنبل "الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل.......".

    ثم قال شيخ الإسلام معلقا على قصة الإمام احمد: "فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم، من جنس الجهاد في سبيل الله، إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من اهل الحرب". [الفتاوى ج28 س 233ـ231]

  • الفائدة (17) قال سفيان الثوري "المال داء هذه الأمة، والعالم طبيب هذه الأمة فإذا جر العالم الداء إلى نفسه فمتى يبرئ الناس؟". [سير أعلام النبلاء 7/243].

  • الفائدة (18) قال الشعبي "أمسك ابن عباس بركاب زيد بن ثابت فقال: أتمسك لي وأنت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال: إنا هكذا نصنع بالعلماء". [الجامع لأخلاق الراوي 1/188]

  • الفائدة (19) قال الحسن "الكنود هو الذي يعد المصائب وينسى نعم الله عليه". [تفسير ابن كثير (4/702)]

المقالات