بين مفهوم الشورى و مفهوم الديموقراطية
الديموقراطية تشبّه بالغرب والشورى تمسّك بالسنة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلقد أكرمنا الله تعالى بالإسلام وأتمَّه لنا ورضيه لنا ديناً قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدةـ 3]. ولقد شرع الله تعالى لعباده «الشورى» وأمر بها نبيه صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى (وشاورهم في الأمر) [آل عمران ـ 159]، وجاء في وصف المؤمنين بأنهم يتشاورون فيما بينهم كما في قوله (وأمرهم شورى بينهم) [الشورىـ 38]. ولما رأيت كثيراً من الناس لا يدرك الفروق الكثيرة بين الشورى الشرعية والديموقراطية الوضعية أحببت أن أذكر إخواني بذلك فأقول وبالله أستعين وعليه أتوكل وإليه أنيب:
الديموقراطية هي حكم الشعب بالشعب للشعب سواء كانت تشريعية أو قانونية أو تنفيذية، وهي نظام غربي دخيل على الإسلام والمسلمين ما أنزل الله به من سلطان. أما الشورى فهي مشروعة أَمَرَ الله تعالى بها وفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه من بعده، قال تعالى (وأمرهم شورى بينهم) أي يتشاورون فيه.
الديموقراطية تجمع فيها من وصل إلى مقعد «البرلمان» عن طريق الانتخاب القانوني وبين من وصل عن طريق غير قانوني وهؤلاء قد يصلون بطرق شتى، فقد يصل بعضهم بالتزوير أو الدعاية الكاذبة أو الوعود الزائفة أو عن طريق شراء الأصوات أو التحزبات او غير ذلك. أما الشورى فيختار الحاكم أو ولي الأمر من أهل الحل والعقد من يظن فيه الخير والاستقامة والنصح والعقل والخبرة ليستنير برأيه وينتفع بنصحه.
يستعمل أعضاء البرلمان في الديموقراطية تهديد الجهات التنفيذية بالاستجواب وإظهار الفضائح وغالبا ما يكون ذلك لتمرير مصالحهم الخاصة والفئوية. أما الشورى فالمستشار مؤتمن ينصح ويرشد فإن قَبلَ منه الحاكم فبها ونعمت وإن لم يقبل فقد أدى حق الله الذي عليه.
الديمواقراطية تعتمد على تصويت الأكثر، والأكثرية ليست على كل حال توافق الحق وتبتغيه بل ان الله تعالى ذمَّ الكثرة في كتابه في قوله (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) [الأنعام ـ 116] وقال تعالى (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ)]يوسف ـ 103]. وليست الشورى كذلك فبينما تعتمد الديموقراطية عدد الرؤوس نجد الشورى المعتمد فيها ما في الرؤوس.
في الديموقراطية تشبه بالغرب وفي الشورى تمسك بالسنة.
في الديموقراطية رأي الأغلبية إلزام للحاكم أو نائبه واما الشورى فالمستشار يشير على الحاكم وينصح له ثم الحاكم إن شاء أخذ بمشورته وإن شاء أخذ بمشورة غيره.
الديموقراطية قائمة على الانتخابات التي يحدث فيها كثير من المنكرات والمفاسد فيكثر فيها الكذب وإخلاف الوعد وتزكية النفس والتعامل بالرشوة والتزوير في نقل الأصوات، وليس في الشورى من ذلك شيء.
التنافس في الديمواقراطية للفوز بالانتخابات فيه أيضا مفاسد كثيرة لعلي أفرد فيها مقالا بإذن الله تعالى.
الديموقراطية فوائدها محدودة ولا يمكن من خلالها تحقيق مقاصد شرعية ولقد حاول كثير من الناس محاولات يائسة لتطبيق الشريعة ففشلوا فشلاً واضحاً فقبل سنوات كانت أبرز شعارات المرشحين «تطبيق الشريعة» «نعم لتطبيق الشريعة» ونحوها فلما فشلوا رفعوا شعار «اسلمة القوانين» ثم فشلوا وها هم اليوم انتقلوا ويرفعون شعار «رفع الرواتب» و «إسقاط القروض». والتوظيف وعدم هدم «الدواوين»!!
في الديموقراطية هدر للأموال بلا حدود للدعاية الانتخابية وتضييع للأوقات وإحراج للآخرين.
في الديموقراطية يذل المرشح نفسه ويجامل الناس ويسألهم أصواتهم ويعرض نفسه للنقد والسخرية.
في الديموقراطية يتم التصويت على مسائل تخالف الشريعة ويجعلون أحكام الله تعالى قابلة للاخذ أو الرفض حتى الكافر له حق أن ينتقد كل ما يعرض عليه من قضايا وأحكام ومسائل ولو كان الحكم فيها قطعيا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا ينافي قول الله تعالى (والله يحكم لا معقب لحكمه) [الرعد ـ 41]، ولقوله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) [الأحزاب ـ 36] ولقوله (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [النور ـ 51].
أخي القارئ هذه بعض الفروق بين الشورى الشرعية والديموقراطية الوضعية والله أسأل أن يوفق المسلمين جميعا حكاما ومحكومين إلى العلم النافع والعمل الصالح وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن. والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.