الشيخ محمد بن عبدالوهاب رفع الله قدره وأغاظ به عدوه
الحمد لله القائل: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)، والصلاة والسلام على عبده ورسوله القائل "العلماء ورثة الأنبياء"، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن لله تعالى سننا في خلقه فهو جل وعلا الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [الملك- 2]، وقد يبتلي الله تعالى أوليائه بأعدائه وأعداءه بأوليائه، قال تعالى: ( ليبلو بعضكم ببعض ) [محمد-4] وقال تعالى: ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً ) [الفرقان- 31]، وفي الحديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ".... العلماء ورثة الأنبياء" [رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والدارمي وصححه الألباني (صحيح الجامع- 6297)]، لذا لا غرابة أن نجد لعالم كالشيخ محمد بن عبد الوهاب أعداء من المخالفين يظهرون بين الحين والآخر ويشككون في دعوته ويشوّهون صورته وسيرته ولكن أنّى لهم ذلك، فالشيخ قد نال لقب "شيخ الإسلام"، ولقب "المجدد"، ولقب "الإمام" وغير ذلك، وللعلم الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى قد مضى على وفاته أكثر من 220 سنة فهو من علماء القرن الثاني عشر ولد سنة 1115 وتوفي سنة 1206هـ، وإلى يومنا هذا لا ينقضي يوم إلا والناس يستفيدون من علمه ويقرأون كتبه وآثاره ويترحمون عليه فهو عالم مبارك نحسب أن الله تعالى قد كتب له القبول، فذريته وطلابه وطلابهم ومن استفاد منه قد بلغوا مشارق الأرض ومغاربها وكتبه الكثيرة النافعة قد طبعت ونشرت ملايين المرات الأمر الذي أغاظ أعداء التوحيد والسنة فجعلهم يجتهدون في تشويه دعوته لكن ولله الحمد لا يزيدها ذلك إلا قوة وصلابة.
مولده ونشأته وطلبه للعلم
ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في بلدة العيينة من قرى نجد عام 1115هـ وحفظ القرآن عن ظهر قلب قبل بلوغه العاشرة وكان حاد الفهم سريع الحفظ، اشتغل في العلم على أبيه وأخذ عنه القراءة والفقه وسار وجدَّ في الطلب فزاحم فيه العلماء الكبار وأخذ العلم عن جماعة منهم وكان يرحل في طلب العلم فرحل إلى مكة والمدينة والاحساء والبصرة واجتمع بكثير من المحدثين والفقهاء وعلماء اللغة وأجازه بعضهم وسمع وناظر وباحث في أصول الدين ومسائل الإيمان ومقالات الناس، واشتهر عند العلماء بالعلم والذكاء والفهم والفضل، وصنف كثيرا من المؤلفات من أجلها وأعظمها قدرا وأكثرها فائدة "كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد"، ولقد تناوله أولاده وأحفاده وطلابه وأتباعه إلى يومنا هذا بالشرح والتعليق والحواشي المطولات والمختصرات فلا تكاد تجد موحدا إلا ويستفيد من هذا الكتاب فوالله الذي لا إله إلا هو لا أبالغ إذا قلت لك أخي القارئ إن كتاب التوحيد وما تفرع منه قد طبع ملايين المرات واستفاد منه ملايين البشر بل ربما استفاد منه الجن والإنس، فهو كتاب نافع سهل جامع مانع ممتع كثير الفوائد دقيق المسائل حقق فيه الشيخ رحمه الله تعالى أهم ما أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه ونشر فيه التوحيد وقمع به الشرك وجدّد للناس دينهم وقضى به على كثير من الخرافات وحارب فيه القباب والمزارات والفضل لله أولا وآخرا فبتوفيقه وإحسانه نفع الله تعالى الأمة بالشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى. وله مصنفات أخرى نافعة منها: أصول الإيمان ، ثلاثة الأصول ، كشف الشبهات ، المسائل الأربع ، مسائل الجاهلية ، مختصر السيرة ، مختصر زاد المعاد ، مجموع الفتاوى ، آداب المشي إلى الصلاة ، شرح حديث عمر بن عبسة ، فضائل الصلاة ، كتاب الاستنباط وكلها مطبوعة وله مختصر فتح الباري غير مطبوع. أما شروح كتبه ورسائله فلا يمكن حصرها فهي ما بين مسطور ومخطوط ومطبوع ومسموع فجزاه الله عنا خير الجزاء.
الوهابية
سبق أن كتبت مقالا أو مقالين عن "الوهابية" هل هي حزب أو فكر أو جماعة أو... أو إلخ، والحقيقة أنه لا يوجد شيء اسمه "الوهابية" وإنما هناك شيخ اسمه محمد بن عبد الوهاب دعا إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بل إلى ما دعا إليه جميع رسل الله وأنبيائه فلما جاء على أصول أهل الشرك والبدع وهدمها من رأسها تحاملوا عليه وحاولوا لمزه واتباعه باسم "الوهابية" ولقد احتاطوا لأنفسهم فما قالوا "المحمدية" مع أن اسمه "محمد" حتى لا يلتبس الأمر على العوام فيظنون أنهم أتباع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختاروا اسم "الوهابية" ولما كان المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله فلقد نسبوا الشيخ رحمه الله وأتباعه إلى الله تعالى "الوهاب"!! أخي القارئ الكريم لم ننته بعد من الدفاع والذب عن الإمام المجدد شيخ الإسلام والمسلمين محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى فتابع ما سنكتبه في الأسبوع القادم إن شاء الله تعالى على صفحة "الإبانة" صفحة السنة والتوحيد التي أخذت عهدا على نفسها أن تنصر السنة وأهلها ولله الحمد أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.