شروط قبول العبادة
ظن بعض الناس أن كل من أقر بالربوبية فهو مؤمن حتى قال بعضهم إن إبليس لم يكفر!!
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فإن الله خلقنا لعبادته قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) سورة الذاريات(56) ولقد كرر الله تعالى في كتابه واعاد كثيرا بيان انه تعالى الخالق المالك المدبر ليجعل ذلك دليلا وبرهانا على حقه بالعبادة كما في قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4))، ثم قال: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5))، وقال تعالى: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ)، ثم قال (فَاعْبُدُوهُ)، سورة يونس (3) وقال تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2))، ثم قال (إِلَهِ النَّاسِ)
أقول وهذا كثير جدا بما يعبر عنه العلماء بان الله يذكر الربوبية استدلالا بها على الألوهية اي بما ان الله هو الرب الخالق المالك المدبر، اذا يجب ان يكون هو المعبود المستحق للعبادة، لذا عاب الله تعالى وأنكر على المشركين عبادتهم للأصنام والأوثان والأولياء والصالحين لأنهم لا يخلقون ولا يملكون فلماذا إذن يُعبدون؟! وهذا كثير جدا في كتاب الله كقوله تعالى : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا (3))، سورة الفرقان (3) وبهذا يتبين لنا خطأ كبير يقع فيه كثير من الخطباء والوعاظ والمحاضرين والكتّاب فضلا عن العامة في اقتصارهم على ذكر الربوبية دون الالوهية فتجدهم يطيلون الكلام في تقرير الربوبية ويسودون الصفحات ويكتبون مؤلفات دون بيان ان هذا الرب العظيم الخالق لكل شيء يجب ان نعبده. بل ظن البعض ان كل من أقر بالربوبية فهو مؤمن حتى قال بعضهم ان ابليس لم يكفر!!(1) ولا شك ان هذا من ابطل الباطل وتكذيب لله تعالى في قوله: (إلا ابليس ابى واستكبر وكان من الكافرين) سورة البقرة (34).
ثم ان مشركي العرب كانوا يقرون بان الله الخالق كما في قوله تعالى (ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن الله) سورة لقمان (25) ومع ذلك قال الله تعالى: (قل يا أيها الكافرون) فهم كفار وان اقروا بالربوبية. واسوأ من هؤلاء حالا من ظن ان كل من اقر بوجود الله تعالى فهو «مؤمن»!! كما قرر ذلك الدكتور صبري الدمرداش في كتابه (( للكون إله )) في مواضع كثيرة من كتابه حتى قال بايمان كثير من الفلاسفة لمجرد اقرارهم بان لهذا الكون خالقا موجودا متصرفا!!
والحق ان الانسان لن يكون مؤمنا بمجرد اقراره ان الله تعالى موجود حتى يؤمن ان الله هو الرب الخالق المالك ولا يكفي هذا حتى يؤمن ان الله يستحق العبادة ولا يكفي هذا حتى يعبده ولا يكفي ان يعبده حتى يخلص له العبادة وحده ولا يكفي ان يخلص له العبادة وحده حتى ينفي الشريك عنه ويكفر بكل ما يعبد من دونه وهذا لا يكفي كله حتى تكون العبادة على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وماكان عليه سلف الامة من الصحابة رضي الله عنهم اجمعين .
اخي القارئ الكريم اعلم ان هذا الامر في غاية الاهمية بل لا شيء اهم من هذا فانت مخلوق لتعبد الله لم تخلق لغاية سوى عبادة الله تعالى، ولن تكون العبادة صحيحة مقبولة الا بهذه الشروط:
ان تؤمن ان الله تعالى موجود.
و ان الله تعالى هو الرب الخالق المالك المدبر.(أى الايمان بالروبية )
و ان الله تعالى هو الاله الحق المستحق للعبادة.
و لا يكفى أن تعتقد بأن الله تعالى يستحق العبادة وانما يجب ان تعبده .
وان تخلص له العبادة ولا تعبد معه الها اخر.
ان تنفي عنه الشريك وتكفر بكل ما يعبد من دونه كما قال تعالى (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) سورة البقرة (256). وفي حديث مسلم ]23 [من قال : لا إله إلا الله ، وكفر بما يعبد من دون الله ، حرم ماله ودمه. وحسابه على الله.
أن تتبرأ من كل مشرك بالله تعالى .
ان تكون عبادتك موافقة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والا صارت مردودة عليك لقوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد» أي مردود. رواه البخاري معلقا]2679[ ومسلم مسندا ]1718[
أن تكون على ماكان عليه الصحابه رضي الله عنهم اجمعين.
هذا والله اسأل ان يوفقني وجميع المسلمين لعبادته تعالى وحده على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. والحمد لله اولا وآخرا وصلى الله عليه وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.
(1) هذا ماقاله المدعو المتعالم عمرو خالد !! إذ زعم أن ابليس "ماكفرش" هكذا قال باللهجة العامية.